السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٤٣ صباحاً

فلم "حلاوة روح" تكريس لثقافة البورنو "العُــري"!

عبدالواسع السقاف
الاثنين ، ٢١ ابريل ٢٠١٤ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
أثار فلم "حلاوة الروح" المصري والذي مثلت بطولته الفنانة "المثيرة للجدل" هيفاء وهبي ردود فعل كثيرة، كان أخرها قرار الحكومة المصرية بمنع عرض الفلم ومصادرته، حيث بررت الحكومة قرارها بأن الفلم خادش للحياء، وأن القرار يأتى التزاما بالدستور الذي يكرس للحفاظ على الهوية وحماية الآداب العامة. وقد أُستقبل قرار الحكومة بالكثير من الجدل، حيث أيده الأزهر الشريف وعارضه بعض النقاد الذين رأوا في القرار تدخل في خصوصية الفن وتكريس لسلطة الدولة التي لا يجب أن تتدخل في الذوق العام!

والغريب في الأمر أن يُقال أن مثل هذا الفن الهابط و"الخادش للحياء" ذوق عام في مصر الشقيقة! وهو أمر لا يمكن أن يصدقه عقل، فالشعب المصري شعب مثقف وله قيمه وأخلاقه التي عرفنها على مدى عقود من الزمن، وخبرناها عند زيارتنا لمصر! لا يُمكن أن تكون أفلام السُبكي حقيقة يعكسها الواقع، ولو كانت هذه الأفلام تحقق أكبر الأيرادات!! فالكبت الذي يعيشه المواطن العربي والتوجيه الإعلامي لأثارة غرائز الشباب نتيجة لذلك الكبت هو من أدى لتحقيق هذه النسب العالية من المشاهدة.. كما أن الوضع السياسيى والإجتماعي في الشعوب العربية أستدعى أن يتهرب الشباب من مشاهدة الدمار والخراب والحروب والكوارث التي تطالعهم كل يوم، إلى الترفيه عن أنفسهم بمواقع التواصل الأجتماعي، ومشاهدة هذه الأفلام الهابطة مضموناً وقدراً كجزء من الهروب من الواقع، ولكن هذا لا يعني أنَّ الشعوب العربية فقدت القيم وأستساغت العيش في مستنقع الرذيلة!

ويأتي فلم "حلاوة روح" ليتوج هذا التوجه الهابط الذي أنتهجه السُبكي منذ زمن ُمستغلاً فيه وضع الدولة المصرية غير المستقر، وتوجه الشباب الثائر ضد كل القيم، ليُحقق أرباحاً ضخمة، وينتج العديد من الأفلام "التي لا تمت للأخلاق بصلة" وأخيراً هذا الفلم "المتهم أصلاً بأنه سرقة وتشويه لفيلمي "مالينا" للممثلة الإيطالية "مونيكا بيلوتشى"، و فيلم WOMAN ON TOP للممثلة الإسبانية بينولبى كروز، بنفس الشكل مع زيادة في الإغراء لهيفاء التي ساهمت منذ سنوات في الترويج لثقافة العُري والتعري أو كما يُسمى في مصر "البورنو". الفلم الذي يصور أطفالاً في حارة فقيرة يصنعون قنابل الملوتوف للدفاع عن إمرأة تبيع جسدها لسكان الحي لا يمكن أن تكون أحداثه موجودة في الواقع. ومن مشاهدة بعض مقاطع الفلم والأعلانات التي تروج له، يظهر جلياً أن الفلم يعرض مشاهد جنسية إيحائية ومواضيع غاية في الخطورة على جيل الشباب (منها العُري والاغتصاب والدعارة)، وهي عادة أكتسبها المنتج السُبكي الذي أنتج أفلام لا تقل خطورة ورداءة عن هذا الفلم حيث لم تعالج تلك الأفلام أي قضية حقيقية، بل قامت بعرض المرأة كسلعة، والرجل إما عاجز جنسياً أو قوَّاد، وأغلب الشعب مسطول، والدعارة والجريمة والرذيلة شيء يجب التفاخر فيه، وغيرها من اللاقيم التي يروج لها هذا المنتج "القصَّاب في الأصل" والذي يتعامل مع الجسد كما يتعامل الجزار مع الذبيحة!!

لقد مرت السينما المصريه بمنعطفات تاريخية منذ أكثر من قرن من الزمن، وكانت في مرحلة من المراحل لا تقل قيمةً وقدراً وسمواً عن السينما العالمية "هوليود"، ولكنها تحولت في الفترة الأخيرة إلى مستنقع لمثل هؤلاء المنتجين الذين جاءوا من بيئة الطبقة الدنيا، بعيدين كل البُعد عن الفن والثقافة والتعليم، ليكونوا هم وبأموالهم التي أكتسبوها من طرق "غير معروفة" واجهة الفن المصري للأسف. ومن غرائب هؤلاء المنتجين ومنهم السُبكي أن يفرضوا حتى أنفسهم على المشاهد، من خلال ظهور "مقيت ومُقزز" في بعض لقطات تلك الأفلام و"بدون داعي"، فقط ليُعرفوا المشاهد بوجوههم "الكالحة"، كالسبكي مثلاً الذي يظهر نهاية أي فلم في لقطة غالباً لا أخلاقية، لا يستطيع من خلاها حتى أن يُلقى جملة واحدة ذات قيمة.

ماهذا هو الفن أيها السادة، ولا هذه هي الرسالة التي يجب أن يقوم بها! الفن عبارة عن مسؤلية مجتمعية وأي منتج يحرض على الرذيلة والفسق ليس فناً! الفن يجب أن يعالج قضايا المجتمع مهما كانت تلك القضايا شائكة وصعبة، وبنفس الوقت يُقدم الحلول لها، ولا أرى في أفلام السبكي أي من هذه الرسالة! أين المعالجة والحلول التي قدمتها هذه الأفلام! لا شيء على الإطلاق! مجرد إستعراض "مبالغ فيه" لواقع قد يكون المسؤل عنه ضياع الهوية العربية الإسلامية في ظل هذا الكم الهائل من الهجوم الإعلامي الغربي العنيف الذي يستهدف الإنسان العربي عبر (الفضائيات، والأنترنت، وغيرها من وسائل التواصل)!

للأسف هناك من يتحدثون عن الفن والحالة الإبداعية والحرية التي يجب أن تمنحها الحكومات لللإبداع والفن، ولكن لا يمكن أن توجد حرية مطلقة، فالحرية المطلقة تعني فساداً مطلقاً بحيث يتحول الفن إلى وسيلة هدم بدلاً من كونه وسيلة بناء ترفع بالذوق العام، ومن حق الدولة والحكومة في أي بلد في العالم أن تراقب المُصنفات الفنية وأن تمنع أو تُصادر ما يُخل بالقيم العامة ويثير الغرائز ويدمر الأخلاق! وأستغرب لمن يدافعون عن تلك الأفلام التي تخدش حياء الفرد، كيف يمكن مشاهدتها في بيوتكم وأمام أطفالكم ونسائكم، ألا تشعرون وانتم تشاهدونها بالخزي والعار!!

وفي الأخير أتمنى أن تكون هذه البادرة من الحكومة المصرية سابقة أولى تليها إجراءات في حق من تسول له نفسه اللعب بالذوق العام وإثارة اللاقيم في المجتماعات العربية، فليست الحرية واللبرالية أن نُقلد الغرب في كل شيء، ولا أن ننسى أننا مجتمعات عربية إسلامية لها قيمها وأخلاقياتها وتعاليمها السماوية، وأنما الحرية أن نعالج قضايا المجتمع بشيء من الاتزان والرغبة الحقيقية في إيجاد حلول لمثل هذه الظواهر "التي لا نُنكر وجودها" في هذه المجتمعات، بل نُنكر هذا الكيف من التعامل معها!