الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٢٥ صباحاً

"يحي علاو" يُناشدكم الصمت من قبره!

عبدالواسع السقاف
السبت ، ٢٦ ابريل ٢٠١٤ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
رحل "يحي علي علاو" المذيع اليمني المتألق "رحمه الله" الأكثر شهرة والذي كان علامة فارقة في تاريخ الأعلام التلفزيوني اليمني من خلال برامجه وحواراته وحتى طريقة إلقائه لنشرات الأخبار والذي كان إذا نطق أفصح وإذا عبر أوضح، ورحل معه الإعلام المُبدع، ووصلنا إلى مرحلة يتندّر بمذيعينا الأشقاء العرب في تونس والمغرب ولبنان بسبب سوء النطق وغياب الفصاحة والبلاغة، وما قصة المذيعة اليمنية التي أصرت حنثها وقررت قراءة النشرة بلغة فرنسية ركيكة عنا ببعيد، والتي أصبحت مثار للسخرية والتهكم على مواقع التواصل الاجتماعي واليوتيوب! وما بينهما قصص أغرب من الخيال ومذيعون يستحقون بجدارة أن يوضعوا في رفوف أعظم المتاحف في العالم!

هناك من المذيعين من لا يعرف أن المظهر مهم فيلبس الملابس وكأنه في مسرحية هزلية لا يستمتع الجمهور إلا بمشاهدة تلك الهيئة الرثة، وهناك من يلوك اللغة العربية فيرفع المنصوب ويجر المرفوع ويُكسِّر ويُخرِّب اللغة وهو لا يفقه منها شيئا، وهناك من يُلقي الأخبار بصوتٍ لا نبرة فيه وكأنه في سباق للنطق، وهناك من يظنُّ أنه أجمل مخلوق شاهده الناس على الشاشة فيبتسم ويضحك ويغمز ويلمز بحركات غاية في الإستفزاز لعيون وعقول المشاهدين، وهناك من يدعي العلم والفهم والنقد والتحليل معاً ويقدم الحلول التي لا يقدمها حتى أكثر الناس علماً!! وهناك الكثير والكثير من المذيعين الذين دخلوا مهنة الإذاعة بالوساطة أو بالمظهر فقط، وظنوا بأنهم قد أصبحوا "يحي علاو" زمانهم! وللأسف لم يدركوا بأن الإعلام مهنة إحتراف ودراسة وخبرة وقبل كل هذا موهبة ومهارة لا تُباع ولا تُشترى لا بالوساطة ولا بالمحسوبية، كما هو حاصل الأن!

للأسف الشديد أصبحت القنوات الفضائية اليمنية والإعلام اليمني غالباً لا يّفْرِق كثيراً عن الإعلام الهابط الذي وصلت إليه كثير من الدول الفقيرة والتي لا يُحتَرم فيها عقل المشاهد، فيتم وضع من لا مؤهل ولا خبرة لهم في الواجهة ليقدموا للناس سفاسف الأمور ويلهونهم عن حقيقة واقعهم المرير، ومن ناحية أخرى يتم توجيههم إلى أفكار وأخبار تثير الحقد المجتمعي وثقافة العصبية والمناطقية! أضف إلى ذلك، تُقدم كثير من هذه القنوات برامج ترفيه موجهة لغرض تمييع الهوية من قبل أشخاصاً هم في الأصل ذوي حرف وخبرات لا تمت للإعلام بصله، وإلا فكيف تتحول إحدى أشهر راقصات مصر إلى مقدمة برامج تقوم بالوعظ والإرشاد! ولدينا أيضاً من هم على نفس الشاكلة وإن أختلفت الجنسية والجنس!

قد يقول قائل، لقد مجّدتم "يحي علاو" كثيراً فما هو إلا إعلامي كبقية الإعلاميين، وأنا أقول أن هناك كثيراً ممن يفهمون ويدركون أهمية وخطورة الإعلام في حياة الناس وكيف أنَّ الإعلامي يجب أن يمتلك المهارة والخبرة والأدوات التي تمكنه من التوجيه ودخول قلوب الناس كما فعل علاو، ولا تخلوا اليمن من الإعلاميين الجادين والناضجين وأيضاً الشباب الدارس والفاهم، ولكن الغثَّ غطى على هؤلاء وظهر أشباه الإعلاميين الذين جعلونا مسخرة العالم! وللأسف هم لا يدركون أخطائهم ولا يعترفون بها، ونحن تأخذنا الحمية والعصبية فندافع عنهم من باب "أنا وأخي على أبن عمي، وأنا وأبن عمي على الغريب"!

أيها السادة هلاًّ أحترمتم عقولنا لوهلة! هلاَّ علمتُم أننا نتقزز من أساليبكم تلك التي توغر صدر الأخ على أخيه، والتي تبذلون أنفاسكم وأرواحكم ومُهج قلوبكم لإيقادها! هلاَّ عدّلتم كرفتاتكم وصححتم جلساتكم وخفضتم من أصواتكم وأنتم أمام ضيوفكم ممن كنتم تحلمون حتى بمشاهدتهم من بعيد فحلوا عليكم ضيوفاً تتعاملون معهم بتعالي ولهجة لا تمُت للإحترام بصلة! هلاَّ أخذتم دروساً في أداب الحديث والنحو العربي واللغات الأجنبية وثقافة المظهر قبل أن تظهروا علينا بتلك الوجوه الضائعة في أدوات التجميل! هلاَّ صمتُم قليلاً وأنتم تجلسون في مقاعد من كانت تهتز لحضورهم قلوب الشعب!