الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٤٧ صباحاً

لحقن الدماء اليمنية يجب الكشف عن جذور الإرهاب

علي العقيلي
الثلاثاء ، ٢٩ ابريل ٢٠١٤ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
مكافحة المرض الظاهر على سطح الجسم دون النظر إلى أسبابه قد يؤدي إلى الوفاة .. هذا ما يعاني منه اليمن بسبب الاستخدام المفرط للقوة المفرطة في محاربة الإرهاب السطحي المزمن الذي يعاني منه اليمن دون النظر إلى جذوره، والذي تسبب في تدهور وضعه الأمني والاقتصادي، واستنزف دماء ابنائه مدنيين وعسكريين .

الإرهاب هو الداء الخطير الذي يهدد مستقبل اليمن، والمعضلة الأكبر التي تواجهه، والتحدي الأصعب الذي يصعب تجاوزه، والعائق الكبير أمام استقرار وضعه الأمني وازدهار اقتصاده .

كل العالم أجمع يجمع على أن الإرهاب هو التحدي الأكبر أمام اليمن .. المجتمع الدولي يؤكد ذلك .. والسلطات اليمنية تتحدث عنه .. والشعب اليمني يؤمن به .. ولكن لا توجد أي نوايا صادقة من المجتمع الدولي والسلطات اليمنية والشعب اليمني في استئصال الإرهاب والقضاء عليه .

ولكن ما هو الارهاب في نظرهم في اليمن ..؟؟ هل يرون أن الانفلات الامني الذي تشهده كل محافظات اليمن إرهاب ؟؟ هل يرون أن الاغتيالات والاستهداف المباشر لمنتسبي القوات المسلحة والأمن إرهاب ؟؟ هل يرون أن الاعتداءات المتكررة على الكهرباء والنفط إرهاب ؟؟ هل يرون كل أعمال العنف التي تستهدف المواطن اليمني ومصالحه إرهاب ؟؟ هل يرون بأن التوسع الحوثي وأعماله المسلحه التي تستهدف المواطنين والجيش والأمن إرهاب ؟؟ لا .. لا يرون ذلك إرهاب، ولو كانوا لأعلنوا الحرب عليه وبذلوا كل طاقاتهم في مقاومته .

ولكن وللأسف الشديد أن جميعهم جذور ومنابع داعمة ومغذية للإرهاب في اليمن، فسياسات أمريكا تجاه اليمن وانتهاكها لسيادته بعملياتها العسكرية واستباحتها لدماء ابنائه بهجمات الدرونز يعد أكبر صور الإرهاب في العالم، وصمت المجتمع الدولي عن جرائم الحوثي يعد إرهاباً آخر، ومتاجرة السلطات اليمنية بملف الإرهاب مصدر من مصادر الإرهاب أيضاً، وجهل وعدم إدراك الشعب اليمني بالواقع جعل من أبنائه وقود للجماعات المسلحة وجنود تنفذ أجندتها في اليمن .

إنها لعبة قذرة تجيد لعبها في اليمن قوى خارجية دولية وإقليمية بتواطؤ يمني، في ظل تظليل وتزييف إعلامي مسلّط يطمس الحقائق ويصرف الأنظار عن المساوئ ، تاجرت تلك القوى بدماء الشعب اليمني المغلوب على أمره، وجعلت منه سيوف مسلّطة على بعضه دون أن تنال تلك السيوف المسلّطة من تلك القوى أو من وكلائها في الداخل اليمني .

أكبر دليل على أنها لعبة سياسية دولية ما حدث خلال الأسبوع الماضي، ففي الوقت الذي شنّت أمريكا أوسع عملية عسكرية ضد القاعدة في اليمن في أبين والبيضاء شهدت العاصمة اليمنية عدة هجمات لمسلحين استهدفت قيادات بارزة في الجيش والأمن اليمنيين بالتزامن مع تلك العملية الواسعة ضد القاعدة التي قالت السلطات اليمنية بأنها شاركتها، فكيف تهرول السلطات اليمنية خلف أمريكا في ملاحقة القاعدة في الصحراء والإرهاب يسرح ويمرح بداخلها، بمقراتها الحكومية ودوائرها الأمنية ومناطقها العسكرية ؟؟!!

أكذوبة الحرب على الإرهاب في اليمن هي الإرهاب بعينه، أنظروا كيف تستنزف تلك الحرب دماء الجنود اليمنيين في القوات المسلحة والأمن بكل سهولة يقتل المئات بدم بارد دون أن تصل تلك العمليات إلى كبار القادة، وانظروا كيف يتم استقطاب الشباب من قبل الجماعات المسلحة وسرعان ما تجنّدهم ويقتلون أو يُقتلون، وبكل سهولة تتم تصفيتهم ليأتي غيرهم من أبناء الشعب وتتم تصفيته أيضاً دون القضاء على مؤسسي الجماعات المسلحة، وربما قد يحظى قادة مليشيات وقادة عسكريون بدعم مادي أجنبي مقابل استقطاب الأول للشباب وتجنيدهم وتسهيل الثاني قتل الجنود .

لا نستغرب إذا رأينا هناك تواطؤ وتفريط في سيادة الدولة ودماء جنودها مما تتعرض له من الجماعات المسلحة كالتواطؤ عن جرائم الحوثي واستهدافه للجيش والأمن والمواطنين فهناك زعماء لهذا الإرهاب في داخل أجهزة الدولة، ولا نستغرب عندما نرى الجماعات المسلحة تنجح في السيطرة على المقرات الحكومية فالإرهاب يرعاه قادة عسكريون بارزون، ولا نستغرب عندما نرى المخربين يعبثون بمصالح المواطنين فالإرهاب متوغّل في أجهزة الدولة .

الغريب في الأمر أنه في مؤتمر الحوار الوطني بحثوا عن جذور جميع القضايا، حتى على مستوى قضية ظاهرة زواج القاصرات في اليمن، وشكّلوا لجان لدراسة القضايا والكشف عن جذورها، وقدّمت جميع الأحزاب والتيارات ومنظمات المجتمع المدني رؤيتها حول جذور جميع تلك القضايا المطروحة في مؤتمر الحوار، إلا قضية الإرهاب التي لم تُطرح في مؤتمر الحوار، وجميعهم يعلمون أنها الخطر المحدق باليمن، فلا المجتمع الدولي يريد النجاح لليمن فأمر بمناقشتها، ولا السلطات اليمنية تشعر بالمسئولية فطرحت القضية، ولا الشعب اليمني يدرك اللعبة فطالب بمناقشتها كأهم قضاياه الشائكة، ولا الأحزاب تحمل وطنيّة فأصرّت على فتح ملف الإرهاب والكشف عن جذوره .

كفى لعباً وعبثا بالدماء اليمنية .. يجب أن تحقن .. ولكي تحقن يجب الكشف عن جذور الإرهاب العالمي المتوغّل في المؤسسات الأمنية والعسكرية، الذي تديره وترعاه أمريكا وحلفائها في المنطقة وتعبث بالدماء اليمنية وتتاجر بها عصابات يمنية .