الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٠٣ صباحاً

فساد الأحزب اليمنية إلى أين؟

د. عبدالله أبو الغيث
الاربعاء ، ٣٠ ابريل ٢٠١٤ الساعة ٠٧:٤٠ مساءً
تغول الفساد في حياتنا وتحكم في مقدراتها وأصبح يوجهها في الاتجاه الذي يريد، ولم يعد الفساد يقتصر على مؤسساتنا الرسمية لكنه امتد لينخر في مفاصل المؤسسات الجماهيرية، وفي مقدمتها الأحزاب اليمنية ومنظمات المجتمع المدني.

والمفترض أن الأحزاب والمنظمات تمثل أدوات المجتمع لإصلاح اختلالات المؤسسات الرسمية، أو على الأقل هكذا يعول عليها المواطن البسيط المغلوب على أمره، وهنا تكمن الخطورة، لأن العملية الجراحية التي تجرى بمشرط ملوث تودي بحياة المريض بدلاً من أن تشفيه، وبالتالي يصبح ضررها أكبر من ضرر المرض نفسه.

أحزابنا السياسية بمختلف ألوان طيفها نستطيع أن نقول بأن حالها صار من بعضه، بحيث عجزت جميعها تقريباً عن تقديم النموذج المثالي للناس ولم تستطع أن تكون لهم بمثابة القدوة الحسنة التي يبحثون عنها وينشدونها.

تتساوى نماذج المسؤولين بمختلف ألوان طيفهم، ويعجز المواطن العادي من تمييز المؤتمري عن الاشتراكي والإصلاحي عن الناصري والحوثي عن السلفي، وإن حدث تميز لهذا المسؤول أو ذاك فهو في الغالب يرتبط بقيمه وسلوكه الشخصي أكثر من ارتباطه بانتمائه وتربيته الحزبية.

معظم أحزابنا إن لم يكن كلها هيمنت على شؤونها واستحوذت على كل مقدراتها قلة مصلحية غلبت عليها الانتهازية وثقافة التكويش، والمصيبة أن كل ذلك يتم ويمارس تحت يافطة المحافظة على المصلحة العامة للحزب.

دوائر الأحزاب وفروعها وقطاعاتها صارت بمثابة إقطاعيات أبدية لنافذين داخل هذا الحزب أو ذاك هم أقرب للعصابات منهم للقيادات الحزبية، بحيث سيطر على كل شأن من شؤون الحزب وصي مخلد هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في الشؤون الحزبية والمالية والترقيات.

وعادة ما ينفذ ذلك الوصي مخططاته الاستحواذية بواسطة شلة مقربة منه هي على شاكلته ومن نفس جنسه، لايتجاوز عدد أفرادها أصابع اليد الواحدة وربما اليدين في أحسن الظروف، أما غالبية الأعضاء الحزبيين فهم مجرد ديكور استعراضي في المسيرات وعند صناديق الاقتراع، ويفرض عليهم باسم الولاء التنظيمي رفع شعار القرود الثلاثة: لا أرى لا أسمع لا أتكلم، مالم فهم معرضون لتهمة الخيانة.

لم نسمع مثلاً بأن أي حزب يمني قرر أن يخضع قياداته وكبار مسؤوليه لمبدأ (من أين لك هذا؟) سواء الذين يرشحهم للعمل في الإطار التنظيمي أو في الجهاز الإداري للدولة، وذلك قبل توليهم مناصبهم وبعد تركهم لها.

ترى الواحد منهم بعد أن كان يعيش في شقة إيجار ويركب الباصات وقد صار في زمن قياسي يمتلك الفلل والعمارات والأراضي والسيارات والأرصدة المالية من غير أن يسأله أحد: أنى لك هذا؟ مع أن مصادر دخله المعلومة لا تمكنه من امتلاك حتى عشر ذلك.

أحزاب تقدم نفسها بمثابة المخلص المؤتمن لليمنيين وربما لغيرهم، أكان ذلك على المستوى الأممي أو الإسلامي أو القومي أو الوطني، ثم تجدها وقد صارت مجرد وكر لعصابات مناطقية أو مذهبية أو قروية أو أسرية ترفع شعار (أنا الحزب والحزب أنا) ولا ترى أبعد من تحت قدميها، ومعيار النجاح لديها إنما يتمثل بقدرتها على الإستحواذ والبقاء لها مع إقصاء كل من يبحث عن معايير وطنية سليمة ونزيهة للعمل داخل الحزب.

دعونا نختتم بسؤال نطرحه على قياداتنا الحزبية بمختلف ألوان طيفها، هل تتوقعون أن أحزاباً تعمل بمثل هكذا (منطق) ستكون قادرة على المنافسة؟ وحتى إن تمكنت من المنافسة هل تستطيع أن تقدم شيء مفيد للناس؟ الذين يعولون على أحزابهم في إخراج اليمن وشعبها من النفق الذي صارت تتردى فيه إلى بر الأمان.. أعتقد أن الإجابة معروفة للجميع.

وذلك يحتم على القيادات الحزبية في اليمن أن تبدأ بالتفكير الجدي من أجل تحويل أحزابها إلى مؤسسات وطنية ديمقراطية بدلاً من وضعها (الدكاكيني) الحالي، وأحسب أن الخطوة الأولى صوب ذلك إنما تتمثل بإحالة كل من قضى أكثر من عشرين عاماً في مناصب رئيسية أو حزبية أو بلغ من العمر عتيا إلى التقاعد أو إلى مناصب استشارية .. وإن كنت أشك أن شيء من ذلك سيحدث!!


قصة أكاديمية أم كوميدية
بعد سنتين من التأجيل لأسباب واهية - ومضحكة في بعض الأحيان - أعلنت نقابة هيئة التدريس في جامعة صنعاء عن انعقاد مؤتمرها العام الانتخابي يوم السبت المنصرم، وعشية انعقاد المؤتمر اكتشفوا فجأة أن القاعة المخصصة لانعقاد المؤتمر محجوزة لفعالية أخرى! فقرروا عقد المؤتمر في صباح اليوم التالي في مكان آخر.

دفع ذلك بعض أعضاء المؤتمر العام للنقابة للاحتجاج وطالبوا بالتأجيل، نظراً لصعوبة إبلاغ جميع أعضاء المؤتمر بالمكان الجديد، خصوصاً والهيئة الإدارية للنقابة لم تلتزم باللائحة الداخلية التي تلزمها بتسليم دعوات مكتوبة لأعضاء المؤتمر واكتفت بتعليق إعلانات عرفها من عرف وجهلها من جهل.
الهيئة الإدارية المنتهية ولايتها منذ سنتين استجابت لدعوات التأجيل ولكن بطريقتها الغريبة في العمل حيث أجلت المؤتمر إلى أجل غير مسمى ولأسباب غير معروفة.

المريب في الأمر أنه رغم المطالبات المتكررة من أعضاء المؤتمر لهيئتهم الإدارية بتوزيع الوثائق التي ستناقش في المؤتمر قبل انعقاده ليتمكنوا من مناقشتها، وجعل المؤتمر من يومين بحيث يحدد اليوم الأول لمناقشة الوثائق واليوم الثاني للانتخاب، إلا أن شيء من ذلك لم يحدث، حيث صممت النقابة على كلفتة كل أعمال المؤتمر في يوم واحد.

وذلك يجعلنا نتساءل: هل نحن مقدمون على عقد مؤتمر عام لنقابة يفترض أنها تمثل النخبة؟ أم نحن ذاهبون في تشكيل عصابي لسرقة جربة قات على غفلة من أهلها؟! الإجابة ستكشفها لنا أدبيات وفعاليات المؤتمر العام المؤجل للنقابة فك الله أسره.