الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٢٨ صباحاً

التعليم الوهمي في الجامعات اليمنية الخاصة (1)

عاصم عبد الخالق
الجمعة ، ٠٢ مايو ٢٠١٤ الساعة ٠٦:٤٠ مساءً
لم يعد خاف على أحد أن التعليم في اليمن اصبح في حالة يرثى لها ، بداية من غياب الرقابة ، مروراً بعدم توفر الظروف المناسبة وعلى رأسها الميزانية القادرة على خلق بيئة تعليمية تربط مسار التعليم بالبحث العلمي وهذه من بديهيات الارتقاء بالتعليم الجامعي .
وربما لا يدرك البعض أن انعدام الرقابة من وزارة التعليم العالي على الجامعات التي في أغلبها لا ترقى لهذا المسمى ولا تمت بصلة لهذا النوع من التعليم ادى الي كثرت الجامعات الخاصة والاهلية التي تقدم برامج تعاوني مشترك غير مضمون من جامعات خارجية تحت مسمى التعليم عن بعد ، او التعليم المشترك. هذه البرامج تستجلب كثير من الموظفين الكادحين الذين ليس لديهم القدرة علي السفر الي الخارج للدراسة ، او نظرا لارتباطهم بعملهم في اليمن. فيسجلون في هذه البرامج الوهمية التي تبدا بشعارات من النوع " التعليم الخارجي الممتاز"، و" نقرب لك الجامعات العالمية الي شارع الستين الغربي" .

فيبدأ الحلم يكبر شيئا فشيئا لدى الطالب(الموظف) البسيط ، الذي اقترض أو باع ارض لكي يكمل تعليمه ، حيث نجده يبدأ الفصل الدراسي الأول طبعا بعد دفع الرسوم المثقلة ، ليتفاجأ بعدها بعملية التخبط الاداري الذي تعيشه جامعته "المحروسة كعدم وجود خطه دراسية واضحه وانعدام التنسيق المشترك بينها وبين الجامعات الخارجية ، فيجد الطالب نفسه بين جهة داخلية ليس لديها اي مصداقية وبين جامعة خارجية ليس لديها اي علاقة بالطالب !!!!!

بعد مرور الفترة الدراسية المطلوبة سواء كانت بالنظام السنوي أو بالساعات المعتمدة و التي تفتقر طبعاً الى ابسط اسس التعليم العالي، هنا يصبح الطالب ممشوقا بالامل ، كونه تخرج و أصبح لديه شهادة عليا ، إلا أنه يكتشف تعرضه للإحتيال عبر جامعة وهمية تقدم نظاماً تعليمياً ليس له مثيل الا في اليمن، وهذا الإكتشاف المتأخر "بعد خراب مالطا" يتمثل برد الآنسة المصونة بالجامعة المبجلة :" ليس لديك شهادة ، بسب وجود مشاكل مالية مع الجامعة الخارجية " ، وتنقصى السنة وراء الأخرى ويصبح الطالب بلا هوية ولا شهادة ، وهذا ماحصل بالضبط على سبيل المثال لا الحصر لطلاب جامعة الجبل التي لديها تعليم مشترك مع جامعة ماليزية مفتوحة ابوابها ........ !!

من هنا يتبين لنا أن الوضع المتردي في اسس التعليم الجامعي مثل الإفتقار إلى الامكانيات المالية والإدارية وغياب الكادر الجامعي المدرب علي اساليب التدريس الحديثة ، وضعف أو انعدام الميزانية المتكاملة التي تضمن سير التعليم بطريقة صحيحة وسليمة، كل ذلك سيؤدي حتماً إلى إنهيار التعليم الجامعي في اليمن تماماً ، أو على الأقل ضعف مخرجاته وسيكون من الصعب الإعتداد بها في التصدي لمتطلبات النهوض الوطني والمساهمة الفاعلة في حركة التنمية " فلا نهضة لأمة إلا بتعليم جيد وحركة ثقافية مجتمعية متكاملة ".

قد يعتبر البعض أن ماذكرته تجنياً على التعليم الجامعي الخاص والأهلي باليمن ، ولكن هذا ليس صحيحاً لأن كثير من الجامعات اليمنية الحكومية أو الخاصة تفتقر الي السياسات التعليمة الصحيحة ، وكذلك التجهيزات التعليمة للقاعة الدراسية ، فتجد كلية تقنية مثلاً لديها بروجتر واحد ، او جامعة خاصة لديها بروجتر واحد فقط ، من النوعية الرديئة.

وفوق ذلك لا يوجد قانون في اليمن يحمي الطالب من هذه الجامعات التي تفتقر الى مقومات التعليم الصحيحة ، بحيث يجبرها على ، تعويضه عن تأخير شهادته لمدة سنتين من تخرجه ، او ارجاع رسومه الدراسية كاملة وجميع خسائره الأخرى ، وهذا طبعاً من المستحيل أن يحدث في إطار الوضع الحالي وفي ظل القضاء الذي ينخره الفساد وتتخطفه السياسة !!! .