الثلاثاء ، ١٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٣٥ مساءً

الإرهاب وتجفيف المنابع

عارف الدوش
الاربعاء ، ١٤ مايو ٢٠١٤ الساعة ١٢:٤٠ مساءً
الإرهاب في أي دولة هو صناعة محلية وإقليمية ودولية والإنشطة الإجرامية الإرهابية في اليمن لا تخرج عن ذلك ومنذ زمن طويل نعلمه ويعلمه الساسة في بلادنا والإقليم والعالم أن ظهور وتزايد نشاط " القاعدة" ارتبط بكفاح وجهاد عناصرها من مختلف الدول بما فيها اليمن ضد الشيوعيين الروس في أفغانستان والشيشان.

وكلنا في اليمن والإقليم والعالم نعرف تماماً من الذي جند وخطب وحشد وأدلج وربى ومول وعندما حانت ساعة التوافق الدولي حول أفغانستان والشيشان عاد المجاهدون الأبطال بخبرات عسكرية وصناعة المتفجرات والأحزمة الناسفة إلى أوطانهم توجههم قياداتهم في الداخل والخارج من " المقتول " أسامة بن لادن إلى أصغر مجاهد ملتحي معمم أو مبنطل بـ " جينز" امريكي لا فرق .

فالقاعدة أفكار ملغمة وأسلوب حياة وحشي يرى في الدول والناس آخر منبوذ مرفوض وكافر لا يستحق الحياة , ولهذا فإننا نقرأ بيانات لهذا التنظيم الإرهابي تتحدث عن عمليات نوعية وانتصارات وتنضح بعبارات التكفير والإزهاق وعن كفرة محليين وأجانب.

كل منابع تغذية القاعدة موجودة في حياتنا تبدأ من مناهجنا الدراسية التي هي بحاجة إلى غربلة وبصراحة أكثر الى إعادة تقييم من أجل بناء جيل نظيف غير ملوث بفيروسات التكفير ورفض الآخر وتخوينه وجواز قتله مهما كان هذا الآخر بغض النظر عن ديانته مسلماً ، مسيحياً ، يهودياً ، هندوسياً.

وبعد المناهج الدراسية تأتي عوامل أخرى في مقدمتها الفقر والبون الكبير والواسع في مستويات المعيشة والسكن والتعليم والحياة بين الناس في البلاد , بمعنى هناك فوارق كبيرة وأكرر كبيرة بين الناس فهناك من يعيشون في أبراج عالية جيوبهم مملوءة بالمال بأنواع أوراقه وشيكاته المختلفة , وهناك من لا يجد قوت يومه بل قوت وقت واحد من يومه.

وبعد الفقر يأتي الفراغ والتفكك الأسري , ومن هنا أصبح قطاع الشباب مجالاً واسعاً لتجنيد " القاعدة" وكل من له مظلمة أو نكاية بأسرته أو مجتمعه أو حتى شيخه أو قريته أو محافظته أو اليمن بكلها أصبح هدفاً سهلاً للمحرضين والمجندين لهذا التنظيم الإرهابي الشرير " القاعدة".

فقد كانت خدمة الدفاع الوطني للشباب مجالاً رائعاً لتربية الشباب على حب الوطن والرجولة تعلمهم الانضباط والالتزام وتخلق منهم شخصيات معتزة بنفسها وبوطنها, لكن هناك من دخل الخوف قلوبهم خوفاً على مصالحهم وكراسي حكمهم وعلى ما هبروه من أموال هذا الشعب المغلوب على أمره كون خدمة الدفاع الوطني " التجنيد " لو تواصلت ستخلق أجيالاً من الشباب الثوري المعتز بنفسه المنظم في حياته وستفتح عيون الشباب على جرائم الحكام وكبار القوم وسوف تسرع بالثورات المتلاحقة عليهم فألغوها.

يا سادة يا كرام منابع الإرهاب واضحة للعيان ولا تحتاج إلى جهد كبير لاكتشافها فهي نتاج عقود من التعبئة والتعليم والتمويل اشتركت فيها جهات مختلفة داخلية وخارجية ولها قيادات كثيرة منتشرة في الداخل والخارج , لنبدأ من الداخل بخطوات مدروسة تبدأ بالتعليم أولاً ثم بالجهات المنتشرة كهيئات بأسماء متعددة, وهناك قادة بارزون يعرفهم الناس والأسماء كثيرة وبارزة عليها أن تقف مع الوطن وأن تترك المواقف الزئبقية فهي من جندت وربت ومولت وجمعت التبرعات وهي التي سهلت المحاضن والسلاح حتى أصبح الإرهابيون ثعابين كبيرة سامة تفتك بالوطن.

صحيح - كما يقال - أن آخر العلاج " الكي " المتمثل بالعمليات العسكرية والأمنية على عناصر القاعدة الإرهابية الإجرامية بعد أن استشرت جرائمهم, وهذا هو الطريق الأمثل ، لكن الحل العسكري والأمني وحده لا يكفي فلابد من اجتثاث الإرهاب بتجفيف منابعه وإلا كأنك " يا ابو زيد ما غزيت " ، فكم مرة قد حارب الجيش والأمن القاعدة وعناصرها الإرهابية في كل من أبين وشبوة ومأرب وغيرها لكن التنظيم الإرهابي يعود بقيادات وعناصر جديدة قديمة .

إن محاربة الإرهاب والقضاء على تنظيم القاعدة يتطلب هبات شعبية وطنية يشترك فيه كل المجتمع بهيئاته وأحزابه ومنظماته ولا وقت لوضع الرؤوس في الرمال ولا وقت للتخفي والمواربة والخداع فمن يحمل السلاح ويفتي بكفر الدولة والمجتمع ويبيح دماء الناس ويقاتل ويغتال الآمنيين والمتسأمنيين , على المجتمع أن يواجهه بقوة الحديد والنار .

وأخيراً: الحرب على الإرهاب إذا لم تبدأ من المدارس والجامعات والمساجد ووسائل الإعلام المختلفة وكل لقاءات التواصل الجماهيري, بنبذ خطابات التطرف والتكفير ورفض الآخر وتجريم جواز قتله, فإننا سنضطر إلى خوض حروب طويلة ومكلفة مع الإرهاب بصوره المختلفة وستبقى منابع الإرهاب تغذيه بالأ فكار المنحرفة والرجال المشوهين والسلاح الذي ينتشر بشكل ملفت في كل مكان من الدبابة والصاروخ إلى المسدس.