الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٢٥ مساءً

مؤتمر عام التنظيم وصالح والإصلاح

د. عبدالله أبو الغيث
السبت ، ٣١ مايو ٢٠١٤ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
أخيراً قرر أحد الأحزاب الرئيسية اليمنية عقد مؤتمره العام المؤجل، فهي جميعاً قامت بتأجيل مؤتمراتها العامة إلى أجل غير مسمى (المؤتمر ، الإصلاح ، الاشتراكي ، الناصري) وغيرها من الأحزاب الصغيرة والقزمية، مع بعض الأحزاب الجديدة التي ننتظر مؤتمراتها الأولى.

تحجج بعضها بإرهاصات الغليان الذي سبق الثورة الشعبية، وتحجج البعض الآخر بالأحداث التي رافقت الثورة الشعبية بعد فبراير 2011م، ورغم التوقيع على المبادرة الخليجية وتشكيل حكومة الوفاق الوطني وانتقال السلطة من صالح إلى هادي إلا أنها ظلت تماطل وتراوغ.

الجميع يترقب تطورات الأحداث على الساحة اليمنية والعربية ليحدد حجم التغييرات التي سيسمح لها أن تنتج عن مؤتمره العام، لأنهم يدركون أنه من غير المقبول أن تكون مخرجات المؤتمرات العامة للأحزاب بعد الثورة الشعبية كسابقاتها، فأفراد الشعب اليمني بمن فيهم أعضاء الأحزاب قد شبوا عن الطوق وأصبحوا خارج القمقم.

وسيحسب للتنظيم الوحدوي الناصري أنه من تجرأ ليكون صاحب الخطوة الأولى بالدعوة لانعقاد مؤتمره الوطني العام الحادي عشر المؤجل، ونحن إذ نبارك له هذه الخطوة المقدامة إلا أننا نذكره بأن جميع أبناء اليمن سينتظرون منه أن يقدم نموذجا راقيا تحتذي به بقية الأحزاب عند عقد مؤتمراتها العامة.

نريد للتاريخ أن يسجل للتنظيم الناصري وقيادته في مؤتمرهم العام الذي سينعقد خلال هذا الأسبوع بكونهم من كرسوا ثقافة التثوير والتغيير والتشبيب في الأطر التنظيمية لحزبهم؛ بما يعنيه ذلك من إحراجات لبقية قيادات الأحزاب الأخرى ويجعلها تسير بدورها نحو تلك الانطلاقة.

أما إن فضلوا خيار (الدعممة) بحيث يرفعون شعار "ليس بالإمكان أبدع مما كان" وهو الشعار الأثير لدى قيادات جميع أحزابنا خلال الفترة السابقة، فذلك سيجعلنا نصدق التسريبات التي تقول بأن قيادات الأحزاب الرئيسية قد توافقوا فيما بينهم بشكل سري على محدودية التغييرات التي سيُسمح لها أن تمر عبر مؤتمراتها العامة القادمة حتى لا يحرج بعضهم بعضا، وهو مالا نتمنى حدوثه في إطار الأحزاب اليمنية بشكل عام؛ والتنظيم الناصري بشكل خاص لكونه سيكون بمثابة صاحب الخطوة الأولى، وبالتالي سيحصل على المجد الأكثر أو سيتحمل الوزر الأكبر.

المنتظر من مؤتمر التنظيم الناصري وبقية مؤتمرات الأحزاب التي ستليه بأن تحدث ثورات داخلية في أطرها التنظيمية، بحيث تحدث تثويرا للوائحها وأنظمتها العتيقة التي تعود لعصور سرية لبعض الأحزاب ولعصور انفراد بحكم شمولي للبعض الآخر، بحيث يمثل المؤتمر العام القادم نقطة الفصل لانتقال التنظيم إلى مؤسسة حزبية تتوافق مع منطق العصر وتغيراته.

ويفترض بالمؤتمر العام القادم أن يعمم ثقافة التغيير الشامل ويرفض تكريس ثقافة التأبيد والتمديد مهما كانت الحجج والمبررات، وأن لا يقتصر التغيير على تبادل المواقع، بل يشمل تمكين المثقفين والأكاديميين والشباب لاحتلال مواقع تنظيمية مرموقة بدلاً من استخدامهم كديكور استعراضي.

خلاصة القول لقد اتعبتنا قياداتنا الحزبية بكل ألوان طيفها وصمت أسماعنا وهي تتحدث عن التثوير والتغيير والتشبيب على المستوى الوطني العام، وكذلك حديثها عن الديمقراطية والحرية والعدالة والمواطنة المتساوية والشراكة الوطنية.. وباختصار نقول لها إن أي حزب يعجز عن تحقيق كل ذلك في أطره التنظيمية لن يصدقه أحد وهو يدعوا لتطبيقها على المستوى الوطني العام، ففاقد الشيء لا يعطيه.


صالح والإصلاح:
خلال الأسبوع المنصرم نشرت العديد من المواقع الإلكترونية المحسوبة على المؤتمر الشعبي العام حديث قالت أن الرئيس السابق رئيس حزب المؤتمر علي عفاش (لأول مرة استخدم تسمية عفاش بعد أن رأيتها مثبتة في بطاقة الرئيس السابق كلقب لأسرته، وكنت أرفض استخدامها عندما كانت تؤخذ من باب التنابز بالألقاب) أتهم فيها حزب الإصلاح بكل سلبيات عهده الذي امتد ثلث قرن من السنين.

فالإصلاحيون حسب التسريب هم من جعلوه يفجر كل حروب عهده ابتداءً من حروب المناطق الوسطى قبل الوحدة، ومروراً بحرب صيف 94 في الجنوب، وانتهاءً بالحروب الست في صعدة، بحيث كانوا يتعمدون نقله من حرب إلى حرب أخرى!

وقبل هذا سمعنا منه ومن العديد من قياداته الحزبية بأن الإصلاح هو من كان يقف وراء الفساد الذي استشرى في أروقة الدولة اليمنية وجميع مؤسساتها أثناء حكمه، مثل نهب الأراضي وغيرها من المفاسد التي كانت عنواناً لعهد صالح.

والملاحظ أن الكلام هذا يتناقض مع تصريح شهير للرئيس السابق أطلقه أثناء الانتخابات الرئاسية التي نافسه فيها المناضل الوطني الكبير فيصل بن شملان عندما أعلن بأن الإصلاح كان بالنسبة له مجرد كرت يستخدمه، وأنه أصبح كرتاً محروقاً.. وهذا يجعلنا نتساءل في أي الموضعين كان صالح يكذب علينا!

وإذا كان الريس السابق يعترف من خلال حديثه الأخير المسرب - الذي لم نقرأ له نفياً من قبله – بأنه كان مجرد (دمية) يديرها الإصلاحيون في الاتجاه الذي يريدون، رغم أن حزبه والمقربين منه أسرياً وقبلياً ومناطقياً هم من كانوا يتسنمون أعلى المناصب في الدولة، فعلى ماذا إذاً يتشبث عفاش بقيادة حزبه ويصر على البقاء.

ومادام الإصلاح قد تمكن من إدارته وتحريكه بالريموت كنترول بهذا الشكل (المهين) وهو يقف على قمة هرم الدولة بحشمه وجبروته وسلطانه، فكيف سيكون حاله الآن؟! لا تقولوا لي بأنه قد شفر جهازه ضد ريموت الإصلاحيين، لأن ذلك لن يمنع من انتقال الريموت إلى يد تيار آخر وأشخاص أخرون، وحياتنا لم تعتد تحتمل مزيدا من العبث!!
ختاما: على الجميع أن يتذكروا بأن كأس الحقيقة قد تكون مرة لكن تحريفها قد يجعلنا نتجرع كؤوساً أشد مرارة، بحيث نتمنى في نهاية المطاف فقط لو أننا لم نقل غير الحقيقة، ولكن ساعتها سنعرف بأن ما كل ما يتمناه المرء يدركه.