الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٢١ مساءً

اليمن ... بين متاهة الفوضى والتدويل المضلل

إبراهيم القيسي
الاربعاء ، ١١ يونيو ٢٠١٤ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
المجتمع الدولي تحكمه دببة قطبية يحترم كل دب وجهة نظر الدب الآخر بطريقة تتكئ على تعادل القوى داخل المجلس فالقوة وحدها هي عنصر التوازن الوحيد فإستراتيجية الفيتو قوة كهرومغناطيسية تعمل على جذب تثاقلي بين القوى بنسبة الوزن والحجم حيث ظلت الأوزان والحجوم الصغرى تبحث عن مظلة سياسية تستظل بها في العالم الدكتاتوري المتوحش فاستصغار المجتمع الدولي لتلك الدول الضئيلة الحجم فقدها حريتها واستلاب ثرواتها وحقوقها بعد تفتيتها بشتى العوامل الديموغرافية في ظل صيحة موحدة من تراكمات التخطيط الدولي المطعم بمشاريع تهجينية تستبيح عرين المجتمع العربي التائه في خبوت الجهل والتمزق السياسي نتيجة الخلود إلى مشاريع التقزم الحاملة لفيروس الآهات الشخصية والعنصرية والأسرية فاستشرى الداء بعيدا عن النطاسي المخلص فكانت حمولة الارتكان مليئة بالخيانات والخداع فمرغت بحياة العربي في مستنقع الوباء الذي جسد الهزيمة النفسية على كل المستويات العامة والخاصة .

فابن عمر لم يكن بدعا بين المندوبين الدوليين ولا يملك من الأمر شيئا سوى رفع تقارير دورية تطعم بإبهامات سياسية تتصف بزئبقية خالصة تصف وضعا متهتكا يسقط في كهوف التضليل والمتاهات فالظلامية تحيق به شكلا ومضمونا وهي تقارير أريد لها أن توضع في خاصرة الإسلام السياسي خنجرا مسموما يعمل بتقنيات مختلفة من دولة إلى أخرى فالسيناريو اليمني يكتنفه الكثير من الغموض في التدرج والتنفيذ كونه يستعصي أحيانا على الخضوع والاستهجان بما يمتلك من مناعة تتكئ على كرازمية سياسية واجتماعية ونفس طويل في التعامل مع ردود الأفعال غير أن التدويل والرقص على الأجناب سهل الكثير من الصعوبات فالعوامل المحفزة لاستصدار عناصر مضادة واقفة بصمود بإيعاز من خائنة الأعين لإعطاء خلفية سياسية تدار فيها سيناريوهات مفاجئة لتعقيد المشاهد وتنويرها في مشهد إخراجي يتسم بالعبثية والهجوم المفاجئ .

فكل المندوبين من كوفي عنان إلى الأخضر الإبراهيمي إلى ابن عمر ... الخ يسيرون في فلك المجتمع الدولي ولا يشذون عن مسار الدائرة الدولية مقدار أنملة فالكل محكومون بلوبي عالمي يقف من خلف الستارة يعمل على غربلة التقارير والتوصيات ويدفع في جانب السياسة المطروحة ويبرمج كل التوجهات نحو المسار المحتوم استدراجا للفخ المعد في كهوف ودهاليز مجلس الأمن الدولي فالمتاهات الأممية ذات ثنائية ازدواجية تعمل على المستويين الظاهر والباطن بأحبولات تفتن بمكائد وخداعات إستراتيجية فلا نظن الكلمات الرنانة الصادرة من السفراء والمندوبين كفيلة بتحقيق المطالب السياسية التي يلحن بها رؤساء الدول والأحزاب بعيدا عن الالتواء والخداع .

فالسقوط الاجتماعي في مزالق الخلافات والحروب ولد ضعفا سياسيا واقتصاديا وأمنيا أحوج الفرقاء إلى الالتجاء إلى أعدائهم لطلب الحماية والنصرة والدعم المالي والعسكري واللوجستي الأمر الذي جعل الغرب يقتنص الفرصة في ضرب شبكة عنكبوتية تشكل حوافظ آصرة على الفرقاء في صورة كبسولات انتهازية بعد تخديرهم بلسعات عنكبوتية مميتة أخضعتهم للجمود والاستسلام فأضحت تلك الأمم في قبضة الشيطان يزاول عليها تحريفا ومسخا وعنفا فكريا يستحيل إلى عمالة " صهيو أمريكية " تدعم برديف إستراتيجي عربي مماثل يضع الأهداف العامة والخاصة ويقرر مصير الأحداث على أسس تتكئ على رؤى وثوابت تنطلق من أفق اللجان المتخصصة لترويض قضايا الأمة العربية والإسلامية .

فالأحداث الدموية التي يتزعمها الحوثي على ضوء إشارات خاصة تبرهن على علاقة إستراتيجية مع قوى خفية تعمل على تحفيز كتائب الحوثي الدموية لتعمل في إطار عكسي يستنهض ثورة مضادة تسعى في إطار خاص بتوجه دولي لتطويق ثورة الربيع العربي في نطاق التضييق والتفتيت وهي ظاهرة سياسية قد أثبتت نفسها بأسلوب العنف والترهيب المقابل بالصمت والحياد من قبل الدولة ويزيد إثباتها تأكيدا تلك التسهيلات الإستراتيجية من قبل عناصر في الجيش والأمن بتسليم المواقع وتقديم المعلومات والخرائط للحركة الحوثية إضافة إلى ظهور رئيس الجمهورية ووزير الدفاع كوسيطين تارة يقدمان الثيران وتارة التدخل للصلح في اللحظات الحاسمة لاستنقاذ الحركة من الورطات الحربية القاتلة .

فابن عمر يسعى بتوجيه دولي يمت إلى إستراتيجية ذات مغزى سياسي يشوبه الغموض والإبهام فالمهمة الأممية في اليمن لا تختلف عن المهمات السياسية التي قام بها في العراق وأفغانستان والصومال فالتقارب الدولي مع الشيعة بدأ منذ عقود متطاولة وزاد توثقا وصلة بعد 11سبتمبر فبعد سقوط صدام كان التقارب مع الشيعة واضح في التسهيلات الأمريكية التي عملت على وصول المالكي للسلطة وكذلك في أفغانستان وفي سوريا وفي لبنان وكون الحوثي يمت بصلة عقائدية وسياسية إلى إيران ويعتمد الفكر الاثني عشري وينفذ أجندة واضحة لإيران في اليمن فابن عمر لا يمكن أن يخالف السياسة الدولية في التقارب مع الشيعة كون الحوثي يعمل على نطاق واسع في إرهاب محبب إلى الدوائر الأمريكية فالمجتمع الدولي بتباطئه وبروده السياسي نحو هذه الحركة الإرهابية يعمل بطرق مختلفة تجري في إطار محكم لتمكين هذه الحركة من امتلاك الأمر والوصول إلى سدة الحكم وهذا الهدف يعتبر من الأهداف الإستراتيجية في تحويل المعادلة السياسية في اليمن من كفة إلى كفة فالأمور الجارية في نطاق الثنائية السياسية في حكومة التناص تجري في طريقين مختلفين تعمل على التصادم نتيجة اختلاف المحتوى الفكري وتباين المسار السياسي فالنيات المتقلبة بالسوء والنفوس المملوءة بالاحتكار والإقصاء أعطت روافدا برغماتية تتكئ على المنفعة البعيدة عن الهدف العام في إدارة الدولة الأمر الذي أبعدها عن الأسلوب السلمي الذي يتم الوصول إليه عن طريق الانتخابات الديمقراطية والسلم الاجتماعي .