الثلاثاء ، ١٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٥٣ مساءً

جَنَدّي في اليد ولاعشرة شياطين على الشجرة

عبدالعزيز العرشاني
الاثنين ، ٣١ اكتوبر ٢٠١١ الساعة ١١:٠١ صباحاً
بين الدماء والأشلاء وأزيز الرصاص وتطاير الأيدي والأرجل بفعل القذائف لابد لنا من الضحك .. وضحك يساوي أو حتى يقارب المآسي والأحداث والواقع المر الصعب الذي نعيشه ومن غرماء وأعداء الشعب العاكسين للهزائم انتصارات والمآتم أفراح والحزن فرح والكذب صدق والليل نهار واللون الأسود أبيض حتى يخيل أليك أن عقولهم إن كان لهم عقول أما في أرجلهم أو في الحوض بين فتحة الشرج والمستقيم .

رِزقي على الله

كان ومازال الأستاذ عبده الجندي مكروهاً من كل سكان قريته سواء في الوقت الحالي أوفي الماضي في صغره وهذه النكتة تحكي عن طفولته البائسة - ففي ذات مساء كان الأب يشكو لزوجته من بغض أهالي القرية وكرههم لأبنهما الصغير وفي ختام كلامه قال ( أتمنى أن يثني أحد على أبني ويمتدحه ولو حتى مجاملة وأنا بدوري سأعطيه نصف ما أملك من الدكان والبيت والحول مكافأة للقائل ) , وصادف أن لصاً كان ينتظر نوم الأسرة ليسطو على المنزل فسمع حديث الأب فقال في نفسه غنيمة سهلة وبسيطة ولا تحتاج إلى مجهود كبير سوى ثناء ومديح كاذب يُرضي الأب من حيث نظرة الآخرين لصغيره , وعاد اللص إلى منزله ممنياً نفسه بالغنيمة في اليوم الثاني , وفي الصباح الباكر خرج اللص منتظراً الجندي الأب والابن أمام منزلهم لكيل المديح والثناء للابن ومن ثم يستلم الجائزة وما أن خرج الأب وابنه في يده حتى طار اللص معترضاً طريقهم مبادراً بسؤال الأب :

أنت أبو عبده ذلك الولد الطاهر ! ?

فتهللت أسارير الأب وقال فرحاً نعم وهاهو ولدي في يدي .

فالتفت اللص إلى الولد الصغير فلم يعجبه لا شكله ولا حجمه ولاكتلته وأحس بانقباض نحوه وعلى عجل جمع اللص بقايا مخاط من أنفه ولعاب من فمه وبصق على وجه الصغير وقفى بوجهه مغادراً وهو يقول :

هو هذا ؟ !

رزقي على الله .

الكائن الغريب

لم يكن احد يدنو من الأستاذ / عبده الجندي في طفولته من أهالي القرية سواءً مداعباً أو ملاعباً أو حتى مُقبلاً له , ويوم أن كبر قليلا أخذه أبوه معه لصلاة الجمعة كبقية الآباء , وفي نهاية الخطبة نام الصغير فوضعه أبوه على الأرض بجوار باب المسجد الذي صادف وكان قريباً منه حتى يستطيع الصلاة , وبعد أن انتهت الصلاة وبينما الأب مشغول بالذكر والتسبيح تدافع الناس نحو باب الخروج من المسجد كعادتهم كل جمعة وفجاءه سُمع الصياح والزعيق عند الباب عن ماهية الشيء الملقِي والمكوم عند باب المسجد ..

فقائل يصيح : حتى المساجد لم تسلم من الأذى !

وثاني : أين احترام بيوت الله !

وثالث : هذا عمل صبياني !

ورابع : الله يلعن الذي تبرز في باب المسجد

فأسرع الأب لاحتمال أبنه على عاتقه والخروج على عجل - ليكتشف المصلون أن الذي حسبوه نتاج طبيعي لصبيان أشقياء وكان يجب فعله في الحمام لا في المسجد ليس سوى الصغير عبده الجندي .

أين ذهب الثور !

أجتمع اثنان من جيران عبده الجندي في القرية ( وقد أصبح هذا الأخير شاباً ) أيام عيد الأضحى المبارك على شراء ثور كأضحية للعيد من قرية مجاورة , ودس الشاب المزهو بشبابه أنفه بينهم بالرغم من الرفض القاطع والتام من جيرانه أشراكه معهم إتباعاً للمثل القائل ابعد عن الشر وغني له , ولكن بعد الإلحاح المستمر والوساطات رضخا على مضض لإشراكه في الأضحية واتفقا على يوم محدد لذهابهم لجلب الثور وكان أحدهم يمتلك سيارة هيلوكس غمارة , وفي اليوم المحدد لذهابهم والشاب عبده في أبهى حلة وملبس وكأنه ذاهب لصلاة العيد أو لعرس صديق اعتلوا السيارة مغادرين قريتهم متجهين للقرية الأخرى لجلب الأضحية , وبعد أن وصلوا أخذوا الثور وحملوه على السيارة وليتخلصوا من الجندي اتفقوا على أن يبقى الشاب في صندوق السيارة كحارس للثور على أن يعطوه علاقية قات كإغراء ورشوة فوافق سريعا فاعتلوا السيارة وكذلك هو وفي يده نهاية الحبل المربوط فيه الثور ورفيقيه في مقدمة السيارة يتهامسان فرحاً على ركوب الشاب عبده في صندوق السيارة بالقول .. مكانه الطبيعي فرد الأخر .. بجوار أخوه , وانطلقت السيارة على عجل .. الجاران يتجاذبان أطراف الحديث بينما الشاب عبده منهمك وبنهم في تناول أغصان القات وفي يده اليمنى الحبل المربوط في نهايته الثور , وبعد وقت ليس بالقليل انتبه إلى أن يده خالية من الحبل وفي الظلام أخذ يتحسس أطراف السيارة باحثا عن الثور فلما لم يجده طرق زجاج السيارة الخلفي وصاح برفيقيه .. الثور عندكم ?