الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٥٨ صباحاً

في اليمن ازمة اخلاق

طارق العضيلي
الخميس ، ٢٦ يونيو ٢٠١٤ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
المجتمع الذي يكثر فيه الكلام، ويقل فيه العمل، و يترامى أفراده بإلقاء المسؤولية على بعضهم البعض، ويتحدثون عن المفروضات على الآخرين، ويتناسون القيام بواجباتهم، مجتمع يراوح مكانه، لن يتقدم خطوة نحو الأمام؛ بل سيعيش حالة من التراجع المستمر والتقهقر نحو الوراء، وبدلا من أن يتجدد يتبدد،ويتقادم ولن يتقدم.

واليوم مالم نتعاون جميعا على تحقيق شراكة حقيقية وتعاون أصيل ، ومبادرات شعبية وطنية غيورة ، ونكف عن تراشق التهم وإلقاء اللوم على بعضنا البعض ، وتدمير بعضنا البعض ، فسننتقل من سيء إلى أسوء ولن ينقذنا أحد مالم ننقذ أنفسنا ، ولن يخلصنا أحد ما لم نخلص أنفسنا. وسنبقى نهوي من أزمة إلى أخرى ومن هاوية إلى التي تليها.النموذج السوري والعراقي دليل واضح اذا ارنا التفكرعندما نفقد زمام المبادرة ونفقد الرشد الجماعي يتدخل غيرنا كأوصياء علينا لأنا فقدنا الأهلية وأصبحنا قُصر حتى الأعداء سيفرضون سياساتهم وشروطهم علينا ونضل نعلق امالنا على مجلس الامن وغيره من دول الشرق والغرب
وضع البلد مؤسف جدا وسيستمر على ذلك سنوات مالم نمتلك نحن جميعا زمام المبادرة ونسرع الخطى ،ما لم نكف عن الهدم ونتجه للبناء ، ما لم نكف عن الأنانية ونتجه للتعاون. مالم تتسع صدورنا لبعضنا ، مالم نتعاون فيما اتفقنا فيه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه ، مالم نحتكم إلى القيم الكبرى ، مالم نحيي ثقافة الاحترام الانساني فيما بيننا . لنتمكن من العيش كما يعيش غيرنا على وجه الكرة الأرضية.

وبدلا من أن نظل نلعن الظلام علينا أن نوقد الشموع ، شموع الايجابية ، والمبادراتية ، والغَيرة ، والعمل الجاد ، وإحياء روح المسئولية ، والوطنية ، وحب البلد الذي نعيش فيه. ونشر كل هذا كسلوك حضاري في مجتمعاتنا.

المطلوب أن يتجه كل واحد منا إلى ما الذي يجب عليه أن يفعله وأن يقدمه من فضائل لمجتمعه وما الذي عليه أن يجتنبه ويجنبه مجتمعه فيبدأ بمفرده وعلى مستواه ومستوى أسرته في تطبيق راقيات الأخلاق ومعالي القيم.ما نلاحظه اليوم وما نشاهده من حروب في عمران وهمدان سببه الحقيقي هو الانتقام فحسب وهذا ما يجعل الانسان اليمني يقتل اخاه ،او يفجر داره ،او مدرسته ،او مصلاه ايها اليمنيون اردموا (الحفرة )ولاتوسعوها؟؟

اصبحنااليوم على شفا (حفرة) وشفيرها. وربما قدوصلنا الى القعر ونحن لانشعر لقد أصبحنا شركاء جميعا في حفر هذه (الحفرة) نحفرها بمعاول الكراهية ، وجرافات الاحقاد ، ومحاريث الضغينة. وتمترس كل طرف على الاخر نحفرها بأيدي العداوة، وأبواق التأجيج الاعلامي الذي يضخ الحقد وينفث سموم الكراهية.. أصبحنا نوسع هذه (الحفرة) بأقوالنا وأقلامنا ،وألسنة اللهب المتطاير من إعلامنا.. حفرة من النار نشعل اليوم نيرانا ، ونوجج شراراتها ، ونذكي لهيبها نختلق ازمة ونروج لها ونكون عونا في لهيبها إنها (اخلاق) العداء لبعضنا ، والانتقام من بعضنا إنها (اخلاق) الانقسام مع بعضنا، والنتن الطائفي فيما بيننا.

(حفرة) أوشكت أن تصبح أخدودا يحرق لهيبه جميع المارين من حوله ، بل يحرق أول النافخين فيه ماذنب الأجيال أن تتربى في قعر هذه (الحفرة) ،وتنشئ مليئة بالعداء والكراهية لبعضها ويحصد الأبناء زرع الآباء.


فلنغدوا جميعا على مكتبة من المكاتب ، أو على كشك من الاكشاك لنرى تلك العناوين الصفراء التي تتصدر عناوين الصحف جميعها يحفر هذه (الحفرة) ويوسع فيها .

ولنغدوا على مواقع التواصل الاجتماعي لنرى تعليقات (فيس بوك) بضاعة مزجاة بالكراهية والتلاسن وتبادل التهم وإصدار الأحكام على بعضنا.. لنرى تغريدات (تويتر) أمست نعيقا ونقيقا وفحيحا ، ورسائل (وتسآب) تسللت تدك البناء وتنشر البغضاء.

ويتطاير الشرر يمينا وشمالا ليلذع كل من وصل إليه، وتحرق حممه التي أوقدناها بألسنتنا وأفعالنا جنبات حياتنا.. أفيقوا أيها الناس فإن منازلكم تحترق في عمران ،وهمدان ،وأبين ،وحضرموت ،وصعده بنيران الانقسام، وقلوبكم تغسل بصابون القسوة. وألسنتكم استبدلت بلسان مشقوق ينفث سماً كالأفاعي أفيقوا أيها الناس لردم هذه (الحفرة) قبل فوات الأوان.

إنها (حفرة) من النار أنحفرها بعد أن أنقذنا الله منها.( وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَاَ)