الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٣٠ مساءً

هيئة مكافحة الفساد.. ومحاربة الفساد الرياضي

فوزي العزي
الاثنين ، ١٤ يوليو ٢٠١٤ الساعة ١٢:٤٠ مساءً
تضطلع المؤسسات الرياضية الحكومية والخاصة في بلادنا، بما يناط بها من مهام جسام و مسؤوليات متعددة؛ من رسم السياسات الرياضية الرشيدة، وانتهاج السبل الصحيحة لتنفيذها على أرض الواقع؛ بهدف تطوير مستويات منتخباتها الرياضية، والوصول إلى وضع أفضل، بالإضافة إلى احتواء النشء والشباب، وشغل أوقات فراغهم، بما يعود عليهم، وعلى مجتمعاتهم بالنفع والفائدة.
والناظر لأحوال الرياضة؛ سيجدها غير محصورة في لعبة معينة؛ بل تشمل ألعاباً متنوعة، مثل (كرة القدم، كرة الطائرة، كرة السلة، الجمباز، تنس الطاولة، كرة المضرب، الجودو، الملاكمة، الكاراتيه، التايكوندو، المصارعة، الشطرنج، رفع الأثقال، سباق السيارات والدراجات والزوارق المائية، سباق الفروسية وسباقات الهجن، السباحة، ألعاب القوى، والتايكواندو... إلخ).

أنواع الفساد الرياضي

بيد أن العيب كل العيب؛ أن نرى مشهداً عجيباً على مسرح بعض المؤسسات الرياضية في بلادنا؛ حيث تظهر الرياضة في وضع سيء ومُتردٍّ، وتمر بأزمة شديدة، جراء الانتكاسات والإخفاقات المتتالية. بل لقد أضحت تركة مثقلة بالتبعات، وأصبح مصيرها مجهولاً!.
والسبب الحقيقي وراء ذلك؛ هو الفساد الرياضي (Corruption Sports)- بنوعيه المالي والإداري- الذي استشرى في تلك المؤسسات؛ وقد تمثل في أشكال شتى؛ كسوء الإدارة، وعشوائية التخطيط، وانتهاج سياسات خاطئة وفاشلة، وضعف البنية التحتية في الأندية، وصرف الأموال الطائلة على وجه غير صحيح، وتفشي الرشوة والمحسوبية، وتزوير نتائج الانتخابات في الاتحادات والأندية، وإفساد المباريات أو التلاعب بنتائجها، وفقدان الأخلاق الرياضية، وسلب حقوق الرياضيين، وقلة المدربين الأكفاء الناجحين والمؤهلين، وتهميش الإعلام الرياضي، وغيرها.

من المتورط فيه؟

بناءً على الحقائق والشواهد الأولية؛ فإن أصابع الاتهام تشير إلى تورط بعض مسئولي المؤسسات الرياضية، الذين وقعوا في الفساد الرياضي، وتنصلوا عن أداء واجبهم الحقيقي؛ لأنهم لم يعرفوا أسس العمل الرياضي، ونسوا أن يقتنوا كتاب "قاموس المصطلحات الرياضية (Glossary of Sports Terms)"؛ لكي يساعدهم على تحقيق فهم أعمق للغة الرياضية الصحيحة!!.
معطيات كثيرة تتكشف للمتابع للوسط الرياضي، وهو يستمع إلى التصريحات الإعلامية التي يدلي بها بعض أولئك المسئولين؛ حول تدهور الرياضة في بلادنا، وأسباب فشل منتخباتنا الوطنية أمام العديد من المنتخبات الأخرى، ويبررون ذلك بأسباب واهية غير منطقية، وهي في الحقيقة ليست إلا مجرد زوابع للإثارة الإعلامية فقط!.. وهذا يدل على عدم شفافيتهم ومصداقيتهم، بل إن ذلك يشبه النكتة السمجة التي لم تعد تضحك أحداً، والأكذوبة التي لن تنطلي إلا على السذج من العوام!.
المثير للدهشة أن الجماهير الرياضية تعرف ذلك!، فعلى من يكذبون؟! ولماذا يزيفون الحقائق؟ ومتى سيضعون النقاط في مواضعها؟!.
علماً إنني لم أتهمهم بسوء النية؛ فالنيات لا يعرف ما فيها إلا الله تعالى وحده، وبعض الظن إثم، ولكنني أتهمهم بالوقوع في مستنقع الفساد؛ الذي أصاب الرياضة بالركود والعُقم، وجعلها لعبة بلا روح رياضية.
وثمة أمر لابد من التنويه إليه؛ وهو أنهم مصابون بحالة من الارتجال والعشوائية، بل أصبحت أقوالهم تتناقض مع أفعالهم، وكذا أنهم مازالوا مخدرين بأحلام اليقظة، يظنون أنهم قد بلغوا الدرجة العالية، من تحقيق انجازات كاذبة وبطولات وهمية، ولم يدركوا بعد أنهم قد عملوا على الإجهاز على الرياضة؛ حتى صارت جثة هامدة، مرمية في دائرة النسيان!.

هيئة مكافحة الفساد.. والدور المطلوب

إن المطلوب من الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد؛ أن تقوم بجهود حثيثة لمحاربة الفساد الرياضي، عبر مختلف الوسائل الممكنة؛ منها: القضاء على الفساد المالي والإداري بأشكالهما المختلفة، وكشف المتورطين فيهما بالوثائق والأدلة، وتقديمهم إلى القضاء؛ ليأخذوا العقاب الرادع.
بالإضافة إلى تحفيز وتشجيع وسائل الإعلام المتنوعة المقروء والمسموعة والمرئية؛ من الإسهام في توعية المجتمع وتثقيفه، وتحذيره من خطورة ذلك الفساد، وآثاره السلبية، وكشف مكامنه، والإطاحة بكل رموزه في الوسط الرياضي.

رسالة إلى هيئة مكافحة الفساد

نأمل من كآفة مسؤولي الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد؛ أن يتنبهوا إلى ضرورة محاربة الفساد الرياضي؛ لأنه الطريق الوحيد لتشجيع الاستثمار في مجال البنية التحتية الرياضية، وتوفير الإمكانات المادية والبشرية والمعنوية اللازمة؛ لوضع خطط استراتيجية بناءة ذات أبعاد عميقة؛ تُنفذ على أرض الواقع المعاش، وألا تظل حبراً على ورق؛ بهدف إحداث نهضة رياضية في مجتمعنا، في المستقبل القريب- بإذن الله تعالى-، والارتقاء بمنتخباتنا الوطنية؛ لكي تنافس منافسة جادة وقوية في المحافل المحلية والإقليمية والقارية والدولية، وتحصد العديد من الكؤوس والميداليات، وترفع علمنا عالياً خفاقاً مرفرفاً، في سماء البطولات العالمية، يتناسب ومكانتنا التاريخية والحضارية؛ فضلاً عن الارتقاء بمنظومتنا الرياضة إلى مستوى عالٍ جداً، والوصول بمجتمعنا الرياضي إلى (مجتمع رياضي خالٍ من الفساد).