الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٠١ مساءً

بشار يحرق سوريا .. وليس الشرق الأوسط !

أحمد مصطفى الغر
الثلاثاء ، ٠١ نوفمبر ٢٠١١ الساعة ٠٤:٢٠ مساءً
شأنه شأن سابقيه من طغاة العرب الذين سقطوا و أصبحت أنظمتهم المستبدة جزءا من تاريخ مضى ، لا يحب أحد أن يتذكره ، لا إصلاح ولا حرية، لا عدالة ولا تنمية، هو بشار إذن، ولو لم يكن الاسم ضروريا لأن المقال هنا عن بشار، لاعتبرنا أن أى اسم لرئيس عربى مخلوع أو هارب أو مقتول قد يفى بالغرض، فأحوال الجمهوريات العربية متشابه للدرجة التى تجعل أن الحديث عن القمع والفقر والفساد متشابه، ولا يختلف سوى أسماء الفاسدين فى هذه الدولة عن تلك!

فى سوريا ... أحاديث عن إصلاح وخطط وهمية للتنمية ، هى إذن الأوضاع ذاتها والأنظمة نفسها، وقالوا قديما: إن السبل المتشابهة غالبا ما تؤدى إلى النهاية نفسها، وهاهى سوريا تعيد السيناريو نفسه الذى رأيناه بالأمس القريب فى مصر وتونس وليبيا واليمن ، الشعب يخرج من قمقمه مطالباً بإصلاح وتنمية وعدالة، فيخرج النظام ليؤكد على أنه بالفعل يسير فى هذا الاتجاه منذ سنوات، وكأن الشعوب كانت فى غفلة من تلك الاصلاحات!، تطالب الجماهير الغاضبة بتطهير أوطانها من الفساد والبيروقراطية، يأمر النظام زبانية سلطاته الأمنية بضرورة سحق الاحتجاجات والتظاهرات السلمية، لأن تلك المطالب هى من تدبير أجندات خارجية، ولا مانع من إراقة الدماء تحت مسميات الحفاظ على وحدة الوطن وتماسكه والقضاء على براثن المؤامرات الأجنبية ، تثور الجماهير الغاضبة بالأساس أكثر فأكثر ويزداد سقف مطالبها حتى تصل سقوط رأس النظام نفسه وضرورة رحيله عن منصبه، فيخرج رأس النظام مضطراً تحت ضغط الشارع و الخارج ليأمر بنزول الجيش لحفظ الأمن، وكأن كل رئيس يريد توريط جيشه فى عمليات قتل ونهب وتخريب، ليخرج هذا الرئيس فى النهاية ليقف الى جانب الشعب ضد الجيش مدعياً أنه ابن الشرعية الشعبية فى مواجهة من يريدون القضاء عليها.

فى سوريا .. الشعب يريد ،والنظام أبداً يرى أن ما يريده الشعب هو من نسج مخابرات الدولة العدوة التى تريد ضياع هيبة سوريا و كسر شوكتها ،فى سوريا الشعب يطلب .. والنظام يرى أن ما يطلبه هؤلاء هو جزء من مؤمراة لتخريب الوطن ، فى سوريا شعب .. والنظام يؤكد أنهم مجموعات من الارهابيين والاسلاميين المتعصبين المتشددين وبينهم جواسيس وخونة ، ولولا أن صاحب وصف (الجرذان) قد بات فى ذمة الله ، لكان بشار يستخدم هذا الوصف ليصف به أبناء وطنه ! ، لقد بات الادعاء الكاذب بأن تلك المظاهرات هى مؤامرة صهيونية أمريكية هدفها النيل من سوريا هى رواية هزلية خصوصا وأن قصص الربيع العربى فى الجوار تؤكد أن أبناء الشعوب بكل طوائفها قد تنسموا عبير الحرية و عاد إليهم الأمل فى مستقبل واعد ، هذا بخلاف ما يشهده الواقع ذاته .. فسوريا ليست أحسن حالا من دول أخرى سقط نظامها ، يبدو أن كل رؤساء العرب قد تولدت لديهم قناعة بأن الشعوب العربية قد فقدت الروح الثورية التى اتسموا بها فى عهد التحرر من قيود الاستعمار الغربى وأن تلك الروح الثورية لن تعود لهم مرة أخرى أبداً، كما أنهم ـ أى الرؤساء ـ يحاولون العودة بالعقول الى الماضى، حيث كانت المكائد يتم تدبيرها خارجيا للسيطرة على خيرات الدول، لكن كيف يمكن ذلك خصوصاً وأن الشعوب تغيرت وأصبح بمقدور أبنائها التمييز بين العدو والصديق فى حين أن الرؤساء يعتبرون الصديق هو من يساعدهم على الحفاظ على عرشهم الأبدى حتى ولو كان عدواً بالأساس ، وأن العدو هو من يطالبهم بالرحيل حتى ولو كانت الشعوب ذاتها!، فى الوقت نفسه، ستجد القبضة الأمنية التى استطاعت أن تقمع أى صوت معارض على مر السنوات المنصرمة من شأنه أن يجعل الساحة فارغة دائماً إلا من شخص واحد فقط وهو الرئيس الأب والبطل!

فى الواقع إن بشار يحرق سوريا ، وتهديده بحرق الشرق الأوسط سيكون صعب التنفيذ ، فالجهاز الأمنى لديه منهك فى قتل وترويع المواطنين ، وسيكون من الصعب حشده لقتال قوى عظمى أو دول ذات ثقل عسكرى يفوق قواته بكثير ، زالزال بشار الذى توعد به لدول العالم لن يهز سوى عرشه ونظامه ، بالبرغم من الزيادة اليومية فى أعداد القتلى و المصابين ، والترويع الذى يشهده المواطنين فى أحياء سوريا المختلفة فإن أحداً من لم يهتز بالألة العسكرية و القبضة الأمنية و الشبيحة ، بشار لا يريد أن يفهم أن الشعوب قد بات لديها إرادة و إصرار ، لا يريد أن يأخذ العبرة من سقوط الأنظمة فى دول كان يعتقد زعمائها أنهم مخلدون فى الحكم ، يبدو أن هناك من أقنعه بأن قمع المظاهرات فى إيران قد يكون مثالا جيدا يحتذى به ، لكن يبدو أن بشار لا يعلم الشعب السورى جيداً !