السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٠٤ صباحاً

العبث الإداري بالجامعات وتجاهل المعنيين

د. محمد علي بركات
السبت ، ١٩ يوليو ٢٠١٤ الساعة ١٢:٤٠ مساءً
عديدة هي أشـكال العبث الإداري السائدة في عدد من الدوائر والمصالح الحكومية والجامعات الوطنية .. والنماذج لذلك التسيب لا تعد ولا تحصى ، وحيثما وجد الفاسـدون والمفسدون والانتهازيون وتوفر لهم المناخ والمرتع المناسب لممارسـة ألاعيبهم وهواياتهم المقيتة ، وجد العبث وحلت الفوضى وتزايدت المخالفات والتجاوزات الإدارية والمالية ..

ونعرض هنا إحدى صور العبث الإداري بإحدى الجامعات الوطنية القابعة بمحافظة ساحلية .. فقد ارتكبت عمادة إحدى الكليات النوعية بهذه الجامعة مخالفة جسيمة يعاقب عليها القانون .. حيث اقتحمت مكتب رئيس أحد الأقسام بالكلية أثناء مرضه ومكتب أعضاء هيئة التدريس بالقسم وسلمتهما لموظفين آخرين منتهكة خصوصيات القسم ورئيسه دون وجه حق ، وقبل ذلك حولت بعض قاعات القسم إلى مخازن وكنترول لأقسام أخرى ، والمضحك في الأمر - ( وشـر البلية ما يضحك ) – أن تلك المخالفة امتداد لمساعي العمادة الحثيثة لتدمير أحد المنجزات العلمية النوعية بالكلية نتيجة لخلافات شخصية منذ سنوات بينها وبين مسئول سابق عن ذلك القسم بتلك الكلية المعنية بشؤون الفنون .. وظل الحقد الدفين لدى العمادة على القسم وعلى المذكور رغم مغادرته الكلية للعمل خارج اليمن الميمون .. وظلت المساعي غير الحميدة في سبيل إغلاق القسم جارية بالرغم من مضي سنوات تعين خلالها رئيسان متتاليان لهذا القسم كما هو حال بقية الأقسام ..

وفي ظل الفوضى والعبث والتسيب الإداري عومل هذا الأمر بدون اهتمام ، فلم يحرك المعنيون أي ساكن برغم أن القانون يدين مرتكب ذلك الفعل المشين لاستهانته بالقانون والنظام .. والأسوأ من ذلك أن من ساند ودعم عمادة الكلية في ارتكاب تلك المخالفة هو أحد المسئولين بالجامعة المساعدين للأمين العام .. متجاهلاً توجيه رئيس الجامعة المبجل ، ليلبي الرغبة الجامحة للعمادة في مخالفة القانون وارتكاب الأخطاء وتجاوز الصلاحيات ، وذلك ما أثبتته لجنة التحقيق حول ملابسات حادثة اقتحام مكتب أحد رؤساء الأقسام ومكتب أعضاء هيئة التدريس الكرام .. بعد أن طال الأخذ والرد ومحاولة تمييع الموضوع على مدى ستة شهور ، واتضحت بعدها الحقيقة جراء الفساد والممارسات غير السوية لبعض المسئولين والموظفين بالجامعة التي ربما تجري دون علم رئيس الجامعة الهمام ..

المفسدة الأسوأ هي عدم اعتراض المتخصصين المعنيين بتطبيق القانون والنظام بالجامعة على تلك المخالفات ، والسماح لأولئك بتنفيذ رغباتهم وتمرير ممارساتهم ، مع أنه يفترض أن يقف رجل القانون ضد كل مخالف أو متجاوز للأنظمة والقوانين دون أن يخشى في ذلك لومة اللوام .. المهم في الأمر أنه عند تقاعس المعنيين عن إحقاق الحق وعن إيقاف التمادي في ارتكاب الأخطاء والمخالفات على مرأى ومسمع من الجميع ، وجه رئيس الجامعة بالتحقيق فيما حدث ، وأوضحت له اللجنة المعنية المخالفات التي ارتكبتها بعض قيادات العمل الإداري بكل جرأة في ظل تغافل القانونيين عن أفعالهم والسكوت التام .. وحينها أصدر الرئيس توجيهاته بإعادة المكاتب المقتحمة بالكلية المنحوسة إلى أصحابها ، وهنا حدثت المفاجأة فقد تقاعس المعنيون عن تنفيذ التوجيهات ورفضوا الالتزام بها أمام اللجنة المكلفة بالتحقيق والتنفيذ دون أي اهتمام .. وأعيد الأمر ثانية لرئيس الجامعة لإبلاغه برفض المعنيين بالكلية لما وجه به ، فيكرر توجيهاته الحاسمة الصارمة ويضيف إليها اتخاذ الإجراءات القانونية ضد من تسبب فيما حدث من تجاوزات ومخالفة للقانون والنظام ، والعجب العجاب أن يستهان للمرة الثانية بتلك التوجيهات ويتم رفضها دون أي اعتبار لأحد لا لقرار رئيس الجامعة وتوجيهاته ولا لتوصيات لجنة التحقيق ، وقوبل كل ذلك بكل تحدٍ وعدم احترام ..

وأمام تلك الوقائع تبرز عدة تساؤلات أهمها : ما موقف رئيس الجامعة من الرفض الصريح لأكثر من مرة لقراره وتوجيهاته المستندة إلى نتائج وتوصيات اللجنة المكلفة بالتحقيق في تلك الممارسات الخاطئة لبعض القيادات الإدارية التي لم تحترم النظام ولم تراع أخلاقيات المهنة الأكاديمية والإدارية ..؟! وماذا يعني استهتار واستهانة بعض المسئولين بتوجيهات رؤسائهم وتجاوزهم لصلاحياتهم وتسخيرها للرغبات الشخصية ..؟! وما تفسير تمادي بعض القيادات الإدارية في ارتكاب المخالفات والتصرفات الخاطئة على مرأى ومسمع من الجميع مسئولين وموظفين دون اتخاذ أي إجراء للحد من ذلك العبث الإداري والممارسات المزاجية ..؟!

ننتظر أن يلتفت المعنيون لما يجري بحيث تعار هذه الأمور الاهتمام ، ويوضع حد للعابثين بالشؤون الإدارية والأكاديمية بالجامعات الوطنية ، آملين ألا تكون لذوي الحل والعقد علاقة ما بكل ما يحدث لأنهم حينها بالطبع لن يحركوا ساكناً لتستمر تلك المهازل والتسيب واللامسئولية في مثل هذه المنابر العلمية .. ويظل الفاسدون والانتهازيون والمتسلقون يرتعون ويعبثون كما يحلو لهم دون أي رادع في ظل التساهل والتردد والتباطؤ في حسم الأمور ، وغياب رقابة الجهات المعنية .. وتلك هي القضية .