الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٥١ مساءً

سلعة الله

د. وليد العليمي
الأحد ، ٢٧ يوليو ٢٠١٤ الساعة ٠٥:٤٠ مساءً
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :-
" من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله هي الجنة "رواه الترمذي وصححه الألباني ، إن الإنسان يحتل مركزهاما من المراكز المتقدمة في سلم التطور البيولوجي ،وهذا المركز الهام فرض عليه حقوقا وواجبات تجاه خالقه عزوجل أولا ، ثم تجاه نفسه ومجتمعه ثانيا،إن خلاصة الفكر الإنساني أثبتت ان لهذا الكون خالق حكيم ، وطريق الفلاسفة وقادة الفكر منذ بداية التاريخ البشري إنتهى لهذه الحقيقة الجلية التي لا تخفى إلا على بعض العوام وأصحاب العقول السخيفة ، إذن لهذا الكون خالق عليم وموجد بديع ، أمرنا أن نفعل أشياءو أمرنا بترك أشياء أخرى ،ومن تجرأ على نفسه أولا ثم على خالقه عزوجل وأرتكب جرما وقام بمحظورا شرعيا ،فإن إستمر في جرمه المشين على جهالة وطغيانه الممتد بفعل نقص المعرفة ، فقد خسر الدنياوالأخرة وأستحق العقوبة في الدنيا والأخرة ،وهنا يجب علينا أن ندرك أمورا غفل عنها الكثيرأو تغافل عنها بالنسبة لهذا الإنسان ، فهو أن لم يتب توبة نصوحة وبأشراطها الأربعة ، فقد إستحق عقوبة الله عزوجل في الدنيا والأخرة ،عقابا له على عدم إمتثاله للأوامر الصادرة له من السماء ،والركيزة المحورية والهامة التي يجب أن نبينها هنا ، ان هذا الإنسان وكثيرا من الناس ، لسان حالهم يقول بكلام لا نختلف عليه ونؤمن به (إن الله غفور رحيم ، أن الله رحمان رحيم ، ورحمة الله عزوجل وسعت كل شئ ) ولاكنهم أخطأوا التقدير والحساب والفهم وإحسانهم الظن بالله عزوجل ، لن يشفع لهم ولن يزحزهم عن العقاب الشديدوالحساب الأليم قيد أنملة ، فالله عزوجل غفور وغفارورحيم ورحمان ولاكن لمن ؟ لمن يطلب المغفرة والرحمة، ولا مغفرة ولا رحمة بلا توبة ولا توبة إلا بأشراطها الأربعة ،وأشراطها الأربعة ، الأول :-الإقلاع عن الذنب والمعصية والخطأ والثاني :- عدم التكرار والعودة الي هذا الخطأوالذنب والثالث :- الندم على مافات أثناء إرتكاب المعصية والرابع :- التحلل من الذنب المتعلق بإنسان ( فإن أخطاء الشخص في حق إنسان أو أخذ حقه أو إغتابه أوسبب له الضرر والأذى فعليه أن يعيد إليه حقه إن كان حقا ماديا وعليه أن يذهب إليه ويطلب منه العفووالمغفرة ،ولاكن لم ينتهي الأمر بعد ، وليس بهذه البساطة ، فهناك أمرجوهري وركيزة أساسية لمسألة التوبة ،فالتوبة من الله عزوجل للإنسان الذي يرتكب المعصية والجرم بجهالة ونقص معرفة وعلم ، قال العزيز الرحيم (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما ) سورة النساء الأية 17، إذن التوبة لمن يعملون السوء بجهالة ونقص معرفة وعلم ، إنها الطامة الكبرى ، والزلزال العنيف الذي يجب أن يضرب ذواتنا وأنفسنا ، فكل معصية نرتكبها ندرك قبل إرتكابها انها معصية حرمها الله عزوجل ، فهل القاتل يقتل على جهالة؟ قالقتل في كل الشرائع والملل محرما وفي كل الأماكن مجرما وفي كل العصور والأزمنة محظورا ، وهل السارق يسرق على جهالة ؟ هل السارق لا يدرك أن فعلته منكرا ؟ وهل الزاني لا يدرك أن فعلته عملا وضيعا حرمه الخالق عزوجل ؟ خلاصة القول ولب الحقيقة وزبدة الفكر، ان سلعة الله عزوجل غالية ، باهظة الثمن ،ألا وهي جنة عرضها السموات والأرض ، ومن أراد الحصول على هذه السلعة ، عليه ألا يرتكب معصية أو خطيئة ،ليفوز بسلعة الله الغالية ، كما أخبرنا بذلك سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ،يجب عليك ألا ترتكب معصية أو خطأ وأنت تحدث نفسك أنك ستتوب بعد ذلك لأن توبتك لن يقبلها الله عزوجل ، بنص القران الكريم ، لأنك إرتكبت هذه المعصية على علم وليس على جهالة ، وليست هناك معصية على وجه الأرض على جهالة ،وما كان كلام الله عزوجل بذلك إلا ليكون حجة عليك وشاهد ، لتستبين طريقك فلا تظل ،ومغفرة الله عزوجل ورحمته لمن يستحقها بالتوبة وكما أسلفنا لا مغفرة ولارحمة إلا بتوبة ولا توبة إلا باشراطها الأربعة ،والتوبة لمن يعملون السوء بجهالة ،إن على علماء الأمة ومفكريها أن يبينوا هذه الحقائق للناس ، فأن الأمر جد خطير ، وعلينا أن نفهم هذه الحقائق جيدا لنستبين طريقنا ،في خضم هذه الأمواج الهادرة والمتلاطمة من حولنا .ياشباب الأمة الإسلامية الأمل معقودا فيكم لتحملوا راية التغيير،على أنفسكم أولاو كما قال ابن مسعود رضي الله عنه( كونوا ينابيع العلم مصابيح الهدى احلاس البيوت سرج الليل جدد القلوب تُعرفون في السماء وتخفون على أهل الارض ).