الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٥٨ مساءً

جُمهورية ووحدة ومن قرح يقرح!

عبدالواسع السقاف
الأحد ، ٢٧ يوليو ٢٠١٤ الساعة ٠٦:٤٠ مساءً
نعيش منذ فترة ليست بالقريبة كثير من المظاهر السياسية التي تنتهجها بعض القوى والتي تحاول أن تلتف على خيارات الشعب بالوحدة والجمهورية، وهناك من يحاول بكل ما أوتي من سلطة وطاقة ودعم داخلي وخارجي أن يجُر عجلة الزمن لتعود اليمن إلى مربع التشطير والحكم الملكي الذي جرَّع الشعب ويلات الانقسام والتشرذم! والغريب في الأمر أن مثل هذه القوى فقدت القُدرة على التمييز بين ما هو معقول وبين ما هو مستحيل، فالشعب الذي أصطف وناضل للخروج من عباءة الوصاية والأنتداب في ثورتي سبتمبر وأكتوبر وأرتضى النظام الجمهوري نظاماً سياسياً ينتهجه والوحدة مصيراً وحياة يعيشها مستحيل أن يتراجع عن تلك الخيارات مهما تجرَّع من أزمات ومعوقات!

للأسف هناك من يُراهن أنَّ شبه أنعدام الأمن والخدمات والركود الأقتصادي وظروف المعيشة الصعبة التي طال أمدها وأشتدت قسوتها على الشعب ستدفع بأبناء اليمن للقبول بتلك الأطروحات المُمنهجة التي تهدف إلى العودة بالتاريخ إلى الوراء، ومثل هذه الرهانات ستبوء بالفشل لسبب بسيط جداً وهو أن هذا الشعب بالرغم من كل المعاناة التي يعيشها شعب أبي لا يرتضي غير الحرية بديلاً، وشعب واحد أمتزجت دماؤه وأقداره ببعضها فلن يرتضي غير الوحدة واللُحمة سبيلاً ومصيراً!! الشعب الذي أسقط مشروع التوريث، وواجه العُنف والرصاص بصدور عارية وأعلنها سلمية للعالم أجمع وضحى بزهرات شبابه من أجل التغيير لن يقبل أن تذهب تلك التضحيات من أجل التغيير للأسوء وعودة للوراء!!

صحيح أن الأوضاع تزداد سوءاً نتيجة لأسباب كثيرة يعلمها الشعب، والأمن أصبح هاجس الجميع، والفقر تتوسع رقعته يوماً بعد يوم، والصراعات شردت عشرات الألاف، والمواطن أصبح بين مطرقة الخوف وسندان الفقر، إلا أنَّ شعبنا العظيم قد أكتسب مناعة ضد هذه الأزمات منذ عقود، فلم يعهد هذا الشعب فترة رخاء في تاريخه الحديث إلا لسنتين أو ثلاث في سبعينات القرن الماضي، وشهد كل أنواع التعقيدات والأزمات التي يمكن أن يعيشها شعب قبلها وبعدها، بل وتعايش معها وأصبحت جزء لا يتجزء من حياته! فلا يتفاجئ اليمني في حياته إلا إذا إستمرت الكهرباء لأسابيع دون أنقطاع، وتوفر الماء ولم يسمع صوت إطلاق نار هنا أو هناك! الرصاص والحروب وإختلاق الأزمات لا تُرهب الشعب، بل تجعله يصطف أكثر وراء قيادته السياسية وجيشه الوطني ورايات الثورة والحرية والوحدة!!

مثل هذا الشعب لا يمكن أن تُرهبه ظروف (مُصطنعة) ولا أن يقبل أن يستعبده طرف بحجة غياب الأمن أو شحة الموارد، ولا أن يقبل الوصاية من أحد! وعلى كل من يُنظِّر (برؤية بائدة) للمستقبل الذي يحلم به (ولن يأتي)، أن يراجع حساباته كثيراً قبل أن يفقد بعض القبول الذي حظي به في الشارع نتيجة لغياب الوعي لدى بعض العامة وجهلهم بالدولة المدنية القادرة على بسط نفوذها في كل شبر من أراضي الوطن! الشعب أختار الجمهورية والوحدة ولن يقبل عنها بديلاً مهما أستمرت الأزمات ودقت طبول الشر والجهل والرجعية، ورحم الله الفنان الكبير الأخفش حين غنى "جمهورية ومن قرح يقرح"!!