الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٣٢ مساءً

الثورة المضادة حين ترفع شعارات السيادة الوطنية

ياسين التميمي
الأحد ، ٣١ أغسطس ٢٠١٤ الساعة ٠٩:١٣ صباحاً
من بين شعارات عديدة سيرفعها أنصار الثورة المضادة، هو حماية السيادة، بادعاء أنهم وحدهم من يمثل خط الاستقلال الوطني في مواجهة التدخل الخارجي، في محاولة لوصم البيان الدولي القوي الصادر عن مجلس الأمن أمس الجمعة، على أنه تدخل في شأن بلد مستقل، ولهذا سارعوا إلى التقليل من شأن هذا البيان.

حسناً لا يحق لهؤلاء الذين يدينون بوجودهم للحرس الثوري الإيراني، أن يتحدثوا عن السيادة الوطنية، فاليمن اليوم في ظل العناية الدولية الفائقة التي يحظى بها، يمتلك فرصةً مهمةً للإبقاء على سيادته واستقلاله، بعيداً عن محاولات النيل منها والتي تتم بصورة أساسية عبر الجماعة الحوثية المسلحة، بصفتها الذراع العسكري الذي تستخدمه طهران لترسيخ نفوذ الدولة الفارسية الدينية الشيعية في جنوب شبه الجزيرة العربية.

اتفاق التسوية السياسية، كان واحداً من الخيارات التي لجأ إليها النظام السابق في محاولة منه للإبقاء على سلطته في البلاد، وجميعنا يعرف أن نظام الرئيس السابق يتحد اليوم بصورة قوية مع المشاريع المشبوهة للحوثيين، فجميعهم يسعون إلى تقويض الدولة وتصفية تركة ثورة التغيير، ولهذا يحاولون إظهار مخططهم الانقلابي على أنه "ثورة" و"تصعيد ثوري".
لقد سعى الرئيس السابق علي صالح بكل قوة لزج الإقليم في مشروع يهدف إلى إطالة أمد بقائه في السلطة، ولحسن الحظ جاء اتفاق المبادرة الخليجية، وآليته التنفيذية، مؤسساً لوضعٍ جديدٍ، وتحولٍ هامٍ في مسار التحول السياسي. والسبب في اعتقادي يعود إلى انخفاض نسبة الثقة بنظام صالح إلى الصفر لدى دول الإقليم ومعظم دول العالم، استناداً إلى صورة مشوه كرسها عن نفسه طيلة فترة حكمة التي امتدت لنحو 33 عاماً كرئيس لا يتمتع بالمصداقية والنزاهة، ولهذا جاءت المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية أقرب ما تكون إلى طموح اليمنيين في التغيير، وإن شابها في الفترة الأخيرة بعض التحديات التي ارتبطت بحدوث تحول في المزاج الإقليمي والدولي تجاه بعض قوى الثورة، وهو التحول الذي سرعان ما عاد ليمضي في طريق التسوية كما بدأ. هذا على الأقل ما فهمناه بالأمس من البيان شديد اللهجة الصادر عن الخارجية الأمريكية والذي تناغم بل وزاد في نبرته على البيان الرئاسي لمجلس الأمن، ومثله البيا الصادر عن وزير الدولة البريطاني لشئون الشرق الأوسط، ولمسناه أيضاً في التصريحات القوية الصادرة عن المندوب الدائم للمملكة العربية السعودية لدى الأمم المتحدة، والتي حملت تهديداً مباشراً للجماعة الحوثية المسلحة.

لطالما مثَّل حزبُ الله مصدر إلهام للجماعة الحوثية المسلحة، نشاهد تجلياته في أسلوب خطاب الجماعة وفي توظيفها الإعلامي للأحداث، وفي توجهها السافر نحو صناعة صنم سياسي جديد في صعدة، وفي مصادرة جهة جغرافية هي الشمال الغربي لليمن، تماماً كما صادر حزب الله الجنوب اللبناني، وفي محاولة خلق مربعات أمنية وضواحي، في شمال العاصمة أشبه بالمربع الأمني والضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت.

حزب الله كما يعلم الحوثيون مكبلٌ بأكثر من قرار لمجلس الأمن الدولي، وهذه القرارات هي التي تحدد دوره، وتقنن نشاطه حتى في لبنان، ولم يعد له من مجال سوى الفضاء السوري، حيث يسمح له هناك بإفراغ شحنات التعصب الطائفي التي تلقاها ونشأ عليها في لبنان.

أنا لا أتحامل على حزب الله لكنني سمعت بعض قاداتهم في الضاحية بينما كنا نمر في زيارة سريعة لها عام 2008، وهم يصفون جيرانهم في بيروت على أنهم أوسخ من اليهود والكفار.

البيان الرئاسي لمجلس الأمن وما رافقه من بيانات وتصريحات للقوى الدولية والإقليمية، تمثل تحولاً جوهرياً في مسار التعامل مع الحركة الحوثية المسلحة، التي رأت نفسها ومن يساندها قاب قوسين أو أدنى من الإجهاز على الدولة والتغيير، وإعادة التموضع في صنعاء كقوة تنطوي على نوايا سيئة لإعادة تركيز السلطة استناداً إلى الإرث السيئ من التمايز المذهبي والمناطقي.

كان المخطط الانقلابي يقوم على فكرة استقطاب الأولوية العسكرية التابعة للجيش، في صنعاء ومحيطها في مسلسل انضمامات تدار بنفوذ وخبرة رأس النظام السابق، وبحيث تجعل صنعاء مكشوفةً أمام الانقلابيين الذين يتخفون داخل "حصان الثورة الخشبي"، فيظهر الأمر وكأنه التحام للجيش مع الثوار وإسقاط مستحق لحكومة فاشلة وفاسدة وظالمة، وفي الواقع إسقاط للنظام الانتقالي الذي يقوده الرئيس عبد ربه منصور هادي.. فهل لا يزال هناك متسعٌ لتنفيذ هذا المخطط المفضوح؟.

من صفحة الكاتب على "الفيس بوك"