الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٤٥ صباحاً

هل يمكن أن يعتذر الرؤساء عن جرائمهم ؟

أحمد مصطفى الغر
الخميس ، ٠٣ نوفمبر ٢٠١١ الساعة ٠٧:٢٠ مساءً
" الاعتذار أدب اجتماعي في التعامل فى الدين الاسلامى و فى الأديان السماوية كافة ، هو يمحو منا ذاك الشعور البغيض بالكبرياء، وينفي من قلوب الآخرين الحقد والبغضاء، بل ويزيل إساءة الظن بنا حين تصدر منا الأخطاء ، ومع أن الاعتذار بهذا المعنى هو أمر حسن ، لكن الأحسن منه أن نحذر من الوقوع فيما يجعلنا مضطرين للاعتذار من الأساس ، لكننا بشر و الخطأ وارد فى أعمالنا "

على مر عقود طويلة كانت الانظمة العربية المستبدة فى بلداننا تمارس أنواعاً شتى من الظلم و الفساد ، كم من اخطاء كثيرة ارتكبتها تلك الأنظمة فى حق شعوبها؟! ، وكم من لحظات غالية من أعمار الأوطان العربية ضاعت بعد أن سرقها جهل الحكام وفسادهم ؟! ، أجيال نشاءت فى ظل خمول وجهل وظلام تحياه أوطانهم ، بعضهم رضى بهذا الحال كونه مجبراً و البعض اعترض عليه ، لكن القمع و القبضة الأمنية الغاشمة كانت هى الرد الذى ترد به تلك الأنظمة دائماً ، فقد عمل حكام الجمهوريات العربية على تسخير كل طاقات الأجهزة الامنية فى دولهم على خدمة عروشهم وأنظمتهم ، لقد سرقوا أحلام اجيال بأكملها دون أدنى حساب أو إعتبار لأحد ، ألان وبعد أن قامت الثورات العربية فى ظل ربيع عربى يعيد للشعوب كرامتها و للأوطان عزها ، فقد إستطاعنا أن نتأكد بأن الروح الثورية التى كانت تملأنا فى عهود الاستعمار السابق مازالت باقية فى فينا و فى اجيالنا مهما حاولت الأنظمة المستبدة أن تمحو تلك الروح العفية من داخلنا وتزرع بدلاً منها روح اليأس والانكسار والقبول بالأمر الواقع دون الرغبة فى تغييره أو حتى مجرد التفكيير فى تغييره !

ألان وبعد أن رأينا الرؤساء تهرب (مثلما فعل ديكتاتور تونس) وبعضهم يتمارض ونراه فى القفص(مثل فرعون مصر)، وأخر يختبأ مثل الجرزان فى حفر الصحراء (مثل نيرون ليبيا) ،وآخر تجبره ضغوط الخارج والداخل على البقاء للعلاج على أرض دولة أخرى قبل أن يعود لإشعال فتنة طائفية ويأجج حرباً أهلية تطيح بما تبقى من وطنه (مثل مستبد اليمن) ، رأينا أيضا من يستتر بعيدأ عن الأعين و يكتفى فقط بإعطاء أوامره من وراء الستار لجيشه و شبيحته بغرض القتل و التعذيب (مثل أجبن أسود الأرض) ... فقد بات من الممكن ان نقول بكل تأكيد أن الثورات العربية إستطاعت أن تثبت أن هؤلاء الرؤساء لم يكونوا يوماً يعملون لمصلحة شعوبهم و اوطانهم ، وأن هروبهم من شعوبهم هو خير دليل على مدى ظلمهم وفسادهم فى حق تلك الشعوب الثائرة عليهم ، وقريبا جدا سنسمع عن شعوب أخرى استاطعت ان تسقط رؤوسائهم الفاسدين ، لكن يبقى دائما سؤال : هل يمكن ان يعتذر أى ديكتاتور منهم عن الجرائم التى ارتكبها بحق شعبه ؟ أم ان هؤلاء الرؤساء قد فقدوا فضيلة (الاعتذار) مع ما فقدوه من فضائل أخرى مثل: الصدق و الأمانة وغيرها الكثير ؟! ، لكن حتى وإن استيقظت ضمائرهم متأخرة و إعتذروا لشعوبهم ، فهل سنقبل إعتذارهم ؟ ..