الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:١٧ صباحاً

عن المبادرة الجديدة

عبد الله دوبلة
الخميس ، ٠٤ سبتمبر ٢٠١٤ الساعة ١٠:٠٩ صباحاً
1_مبادرة أزمة لا حل..
هذه المبادرة الرئاسية المعلنة بشأن تغيير الحكومة وتخفيض "الجرعة"، هي لا تحل الأزمة الراهنة بل تعقدها.. لكن. لما هي كذلك؟.

السبب الأول، هو الأسلوب الذي تم التعاطي به مع الأزمة والحلول "المبادرة"، وهو ذلك الأداء الذي نعرفه عن الأحزاب اليمنية والذي من عادته تقديم المشاكل الإضافية على شكل حلول، حيث عادة ما يغلب عليها صفتي الاحتيال والانتهازية.

قد يقول أحدكم وأين هو الاحتيال في تعاطي المبادرة مع المشكلة الراهنة، خاصة وأنها استجابت لمطالب الحوثي في تغيير الحكومة وتعديل أسعار المشتقات النفطية؟.

الجواب الأول: هي أنها لم تنجز بالاتفاق مع الحوثي، مع أنه كان من الممكن أن تكون كذلك بمزيد من التفاوض معه، وربما لن تكون لتختلف عما كانت عليه، القول أن الحوثي لا يريد حلا، وأن الحرب هي خياره الوحيد، قول يفتقد إلى المنطق مع مضي كل هذا الوقت، فمن خياره الحرب لا يفوت جانب المفاجئة.. وهذا الأمر هو مشكلة إضافية حيث لا ينجز الحل مع الطرف المعني بها، فالحوثي قد لا يجد في المبادرة إنجازا ومكسبا وهو ليس طرفا فيها، مع أن الكل يعرف أنها كانت استجابة له، وليس لمطالب الاصطفاف الوطني كما يراد تسويقه، فهذا القول الاحتيالي كما أنه لا يرضي الحوثي هو لا يقنع أحد. ولذلك هو ليس حلا ولا يشكل فارقا في حلحلة الأزمة.

الثاني:مسألة تعديل الحكومة، هي مسألة تعني بعض الأطراف السياسية وإنجازها تحت ضغط تحرك الحوثي وبعيدا عنه في نفس الوقت، هو يمثل انتهازية من قبل هذه الأطراف، وكأنها استخدمت الحوثي لتحقيق أغراضها دون الالتفات لأغراضه هو وفوق ذلك تريده أن يقبل. كان يفترض من هذه الأحزاب وخاصة المؤتمر والاشتراكي وهي تحقق أغراضها في مسألة تعديل الحكومة أن تحرص على حضور الحوثي، على الأقل تقديرا لجهوده لا أن تتنكر له على هذا النحو بالموافقة على شرطي الانسحاب من عمران ووقف حرب الجوف مع أنها ولا السلطة في الحال الذي يخولهم الاشتراط بشروط إضافية على الحوثي ليسحب أنصاره والمسلحين من داخل ومحيط العاصمة.

لتنجح أي مبادرة هي تحتاج إلى أن يكون الطرف "المشكلة" طرفا فيها، والذي هو الحوثي في أزمتنا الراهنة، ويبدو أنه وهو يرفض المبادرة يراهن على التصعيد لإفشالها، في حين لا يبدو واضحا ما تراهن عليه السلطة، فهي ليس في مكان القادر على جبر الحوثي على القبول، ولا هي قادرة على قمع خطواته التصعيدية أيضا.

دون الحاجة إلى الحرب، والذي أجده خيارا مستبعدا، بالرفض والتصعيد يستطيع الحوثي إحباط هذه المبادرة المنجزة بعيدا عنه وإجبار الجميع على العودة إليه لإنجاز اتفاق آخر. وهو ما أظن أنه سيحدث في نهاية الأمر.

أن يكسب الحوثي سياسيا هو ليس مشكلة، فهو أفضل من أن يكسب بالحرب، مشكلة المبادرة الأخيرة هي أنها لم تكن تقدم إليه ذلك المكسب، ولكي تنجح أي مبادرة أخرى يجب أن ينظر إلى أي مكسب سياسي قد ينجزه الحوثي كمكسب عام للعملية السياسية وللبلد، لا على أنه مشكلة أو هزيمة لأحد.

...
2_مبادرة يخسر الجميع و لا يكسب أحد
من عجائب المبادرة الرئاسية الأخيرة أيضا، أن لا أحد ممن أنجزوها واحتفلوا بها قد يناضل لعدم إسقاطها. فهي لا تعد نصرا لأحد من تلك الأطراف، حتى "هادي" من ينظر إليه كرابح أكبر هو ليس كذلك بالفعل.

فمسألة تعديل الحكومة هي لا تغير كثيرا مما انتهى إليه الحال في حكومة باسندوة، فباعتبار أن منصب رئيس الوزراء كان من حصة المشترك، هو لم يكن مجديا مع شخص مثله وقد تنازل عن صلاحيات مهمة وكثيرة للحكومة في المبادرة الخليجية لصالح رئيس الجمهورية، ولذلك لا يخسر المشترك كثيرا بخسارة هذا المنصب، خسارة الوزارتين السيادتين، المالية، والداخلية، واللتان كانتا من حصته أيضا هو قد خسرهما بالفعل مع استبعاد صخر الوجيه من المالية وقحطان من الداخلية وتقليص صلاحيات الترب مؤخرا.

بالنسبة للمؤتمر صاحب حصة النصف الآخر في الحكومة، هو لا يخسر شيئا إضافيا أيضا، فأغلب وزراءه كانوا قد انحازوا إلى "هادي"، ووزارة الدفاع مع محمد ناصر أحمد كانت قد خرجت من دائرة نفوذه مبكرا، ووزارة الخارجية انتزعها هادي مؤخرا باستبعاد القربي. فهو لا يخسر بخسارة الوزارتين السيادتين أيضا.

الاشتراكيون والناصريون، الاشتراكيون بدرجة رئيسية هم الأكثر ابتهاجا بهذا الإنجاز على اعتبار أنه كان فكرتهم ومشروعهم في مخرجات الحوار الوطني، و لا أدري لم هو مفيدا لهم من وجهة نظرهم، ربما بإشراك الحراك والحوثي، لكن، السؤال هو إلى أي قدر هم مستعدون للمواجهة لأجله.

و"هادي" بمكسب حق تسمية رئيس الوزراء، والوزارات السيادية الأربع، قد يبدو قويا وديكتاتورا صغيرا، إضافة إلى ما يلقاه من دعم دولي وإقليمي، غير أنه كذلك نظريا فقط، حيث لا معنى لهذه القوة حين لا يكون يحظى بدعم القوتين الرئيسيتين على الأرض المؤتمر الشعبي والتجمع اليمني للإصلاح وتحالفاتهما، والأمر الآخر هو أنه يستمد قوته من طبيعة الوظيفة التي أريد له أن يقوم بها في المبادرة الخليجية كحكم بين الأطراف، لا طرفا ثالثا وخصما للجميع، فهو حين يكون كذلك يكون كأحد القوى لا أقواها بطبيعة الحال.

لا أدري لما كان كل ذلك الاحتفال والابتهاج وهم ينجزون هذه المبادرة، فلا أحد من الأطراف والأحزاب السياسية يبدو كاسبا منها أو من تعديل الحكومة.. ربما كان اتفاقهم على عدم تكسيب الحوثي _كطرف في المبادرة مع الاعتراف بحقه في أن يكون مشاركا في الحكومة_ هو ما وجدوا أنفسهم يستحقون لأجله الاحتفال. فهل كان يستحق ذلك ؟!.

من صفحة الكاتب على "الفيس بوك"