الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٥٠ صباحاً

عناد بنت ( بلطجيّة )

حمد مطارد علي
الجمعة ، ٠٤ نوفمبر ٢٠١١ الساعة ١٠:٣٠ مساءً
اخترت هذه " الفكاهة الثورية " كي أضفي على الوقت شيء من المرح والابتسام .. أحببت أن أغير الكلام عن الساسة و السياسة.. حتى وأن لم أذهب بعيداً , فحديثي الآن .. سيكون عن سياسة من نوع آخر .. سيكون عن سياسة براءة.. براءة الطفولة .. علها تكون أمتع من الحديث عن سياسة السياسيين المخضرمين..

*****

أخوها يكبرها بعام تقريباً (قصدي بطلة القصة "البلطجية") لكنها شريرة , دوماً تعانده وتعارضه في كل شيء , وفي نفس الوقت فضولية تحب دوماً أن تتدخل في شؤونه الخاصة .. السياسية والاقتصادية والاجتماعية, تحب أن تعرف كل ما يدور في عالم أخوها رغم صغر سنيهما , إذا وجدت بعض المقتنيات وليس معها نفسها .. أما أن تجهز عليها , أو تخفيها , أو تُصَيّح على أبيها حتى يعطيها كأخيها .. تستخرج حقوقها بنفسها شاء من شاء , وأبى من أبى .

كانت تذهب دائماً حين خلسة , تتفحص حقيبة أخاها المدرسية , وجيوب جاكته الصغير , والغرفة وكل شيء , ونادراً ما يكتشفها , من شدت شطارتها .. وحين ما يكتشفها يحتم النزاع ويبدءا الضرب .. قد تقاوم لكن الغلبة دوماً له .

كما أنها كانت بمثابة (جاسوس ) تراقب أخاها وترصد تحركاته , وترفع تقارير لوالدها ولوالدتها .. وتقاريرها الصحيح 10% والباقي خراط أشبه ما يكون بخراط "قناة اليمن" .

بدت حمى الربيع العربي تغزوهما داخل البيت , وكان من المؤكد أن يكون هناك تصادم بينهما واختلاف .. أخوها أصبح ثوري متحمس في إسقاط النظام , وهي كانت مع "النظام" .. عناد لأخوها ليس أكثر ..

ذات مرة كان أخوها يتمتم بكلمات:" الشعب يريد إسقاط النظام ".

سمعته فأتت مسرعة .. جلست أمامه وعيناها تحدق في عينية .. فما أن ينطق : " الشعب يريد إسقاط النظام ".

حتى ترد :" الشعب يريد علي عبد الله صالح".

يرفع صوته قليلاً:" الشعب يريد إسقاط النظام".

ترفع صوته أكثر : " الشعب يريد علي عبد الله صالح ".

وهكذا ارتفعت الصيحات أكثر فأكثر , حتى انتفخت أوداجهما , وأحمر وجهيهما , بعدها وقعت المضاربة , ضربها أخوها حتى أبكاها .

أتى الوالد بعد أن سمع البكاء وجلس بالقرب من أبنه وأخذ يسأل : " لماذا تضرب أختك ؟!.".

رد الابن : "هي تعاندني .. بنتك بلطجية ".

اقتربت البنت من والدها , ولوت أحدى يديها على رقبته , وأخذت تتظلم وتشكي وتبكي , وإضافة على ما تقول وهي تشير بسبابتها نحوه أخيها كي تستفزه :" وهو البلطجي .. من بلاطجة المشترك ".

نظر الوالد لأبنه الصغير نظرت عتاب وقال :" أنتم جيل المستقبل , وتسعوا للحرية , وحرية الرأي والتعبير , وتريدوا التغيير .. أترك أختك تعبر عن رأيها ".
رد الابن : " أي حرية رأي .. أنت تدري أنها بس تحب تعاندني ".

- " طيب وإذا عاندتك أحترم رأيها ".

- " طيب هي لا تقول (الشعب يريد علي عبد الله صالح) هي مش أم الشعب ".

ردت قبل أن ينطق والدها : " طيب وأنت لا تقول (الشعب يريد إسقاط النظام ) أنت مش أبو الشعب ".
ضحك الأب وقال : " من الآن وقدماً إذا أنت تريد تتظاهر أذهب إلى ساحة الجامعة , وهي إذا تريد أن تتظاهر ..تذهب السبعين , البيت لا أسمع فيه كلام من هذا القبيل .. مفهوم ".
أقتنع الابن وسكت , لكن هي لم تقتنع بكلام والدها .. فما أن أنصرف حتى شرعت تستفز أخاها قائله :"شوف (أنظر) كيف عرفت أسكتك ..أيّواه .. أتحداك تتظاهر ".
أخوها مستهتراً :" كيف أتظاهر يا بلها ؟!".

- " أعني تصيّح ".

- " كيف أصيح؟!".

- " يعني تقول ( الشعب يريد إسقاط النظام ) وأخذت تكرر وتتحدى .. وهي تشعر وكأنها حققت انتصار عظيم ..
أشطاط غضب أخوها فصرخ بأعلى صوته :" الشعب يريد إسقاط النظام ".

هرولت مسرعة إلى أباها كـ(القطوه) وهي تقول :" هو .. هو .. يتظاهر داخل البيت (تقصد أخاها) .. أنت سمعته ".
ضحك أباها وقال أنتي فيك شيء من مكر (النظام),وتشبهيه في كل تصرفاتك , فعلاً صدق أنتي بلطجية , لماذا تذهبِ عنده ؟! أكيد تعانديه , أتركي أخاكِ يتظاهر في غرفته , وأنتِ أتظاهري في غرفتك , لا تمشي إلى عنده إلا وأنتي تحترميه و راية , وإن تضاربتِ معه حملتك المسؤولية , وهو إذا أتى إلى غرفتك يعاندك وضاربك حملته المسؤولية , هذا هو الحل ".
انصرفت وكأن الكلام لم يعجبها , لكنه كان حل موفق , أوقفها عن معاندة أخوها , حتى أعلنت أنظماهما رسمياً للثورة , بعد استشهاد الطفل أنس ..