الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٣١ مساءً

معركة صنعاء الكبرى (3)

عمرو محمد الرياشي
الأحد ، ١٩ اكتوبر ٢٠١٤ الساعة ١٠:٣٥ مساءً
مهما كانت تلك المشاعر والآراء المختلفه و المتداخله لمسرحية دخول الحوثيين الى صنعاء وسقوط بعض المحافظات الاخرى لكن تظل وسط هذه المشاعر المختلطه وجود هناك حقيقة واحده و ثابته وهي ان الأحداث تعكس اتجاه واحد ومعنى واحد هو ثورة مضادة بامتياز كامتداد لنهج سابق في الماضي ولاحق في وقتنا الحاضر خصوصا انه ترك بصمته على الارض ليعكس خبرات ومهارات وتجارب استخدمت نفس الادوات منذ خمسينات وستينات القرن المنصرم .

نرى الثورة المضادة التي حدث لثورة سبتمبر والقضاء على ثورة الشهيد ابراهيم الحمدي وما حصل ايضا من إضعاف لثورة 14 إكتوبر حتى الانقلاب على وحدة 22 مايو نراها اليوم تواجه مصير مشابه تحت مظلة المنظومة العدائية التي استماتت بالامس واليوم لتقوم بدورها السلبي وبقوة اكبر مما كانت عليه ضد أي تقدم سياسي ينتشل اليمن من دور الوصاية والتبعية للاخرين .

ما يحدث اليوم من انقلاب على مفاهيم نصف ثورة تمت في 2011م ستظل تدور في غالبية اذهان اليمنيين العديد من التساؤلات عما يجرى على الساحة اليمنية.

ببساطة شديدة إذا تم إعادة استقراء من المستفيد ومن المتحكم ومن يدير معادلة التخريب في اليمن بكل تأكيد لن يكون بالصعوبة التوصل لإجابات لتلك الاسئلة على تساؤلاتها حتى نستبدل التخمين بحقيقة ما يجرى على الساحه اليمنيه وما سوف يجري في المستقبل.

مشهد إسقاط صنعاء الهزلي لم يكن سوى مجرد بروفة لمسرحية اكبر لإعادة التوازن واكمال باقي العملية الجراحيه لاخراج البقية الباقية من مراكز القوى المعادية للحوثي الأب (علي صالح ) وإنهاء عملية التنافس السياسي التي كان تمارسها اجنحة مراكز القوى للمرجعات المتعددة في سنحان (علي محسن – وابناء عبدالله بن حسين ) .

مرجعيات سنحان بالرغم من اعتناقها للمذهب الزيدي لكنها اتخذت عدة اتجاهات في اللعب على الورقه الدينيه فبين السلفيه والاخوان المسلمون حتى التشيع لحوزة مران من اجل الحصول وتحقيق اهداف سياسية تارة و احيانا تنفيذ انتقامات سياسية تارة اخرى .

الغطاء الثلاثي (الدولي- الاقليمي- الداخلي) وصل الى اتفاق سياسي في ظل عجز الرئيس هادي كان المحور والمحرك الاساسي لتمدد جماعة الحوثي كغطاء سياسي تتحرك بالنيابة عن الغطاء الثلاثي على الارض .

وبسبب ان واقع اللعبة السياسية في اليمن اكثر تعقيدا تم استخدام الحوثيين كغطاء وستار سياسي لمن يحركون اللعبة السياسية في اليمن .

وحتى نقترب قليلا من نقطة تقربنا قليلا من احداث المسرحيه السياسية في اليمن يجب ان ننطلق في تحليلنا من ثلاث مرتكزات :

1- ما حدث في اليمن هو عملية لاكمال مشروع اقصاء حركة ما يعرف بالاخوان المسلمون التي قامت بثورات الربيع العربي وجعل من تلك الثورات مدخلا لنموذج سيء لبقية الشعوب وكان جناحها العسكري في اليمن (علي محسن وألويته العسكريه) وحزبه الاصلاح.

2- تعطيل مخرجات الحوار خصوصا وكل ما من شأنه ان يساعد ببناء شكل الدوله عبر مشروع الاقاليم .

3- اعادة تجنيد وتوظيف الصراعات المذهبية والعرقية في اليمن لخدمة المشروع السياسي الامريكي في المنطقة .

وحتى لا ننسى يجب ان نعترف ان تلك القوى اعتمدت في مخططها حصد محصول حكم فاسد بالامس فكيان هزيل ومشوه للدولة اليمنية خصوصا في المؤسسات العسكرية والامنيه سهل كثير من الفترة الزمنيه والتكلفه الماديه وايضا كشف لنا كيمنيين حقيقة ما كانت عليه الدولة اليمني من مشاريع استثمارية لمليشيات عسكرية كانت تتسابق عليها حيتان الفساد لإنشائها (فرقه مدرعه – حرس جمهوري – حرس خاص – قوات خاصه – امن مركزي – امن سياسي وقومي ….الخ القائمة .

فكم مشاريع كان يرصد لها الميزانيات وتشكل على اساس ولائي قبلي بحت استبعد منها أي معيار وطني .

وما عليه اليمن اليوم من ازمات هو امتداد لصفقات دفن جرائم الماضي عبر مكونات جديدة فحروب وأزمات الحاضر هي نفسها صفقات ومشاريع سياسية خارجية تمت بالماضي ويُعاد صياغتها .

جماعة الحوثي أوقعت نفسها في ورطة كبيرة وتظن انها ستنجح في حكم وإدارة الدولة اليمنية بمجرد قيام ميلشياتها ومعاونيها من بقايا انصار صالح بالسيطرة على بعض المواقع الحكومية في بعض المحافظات وسرقة معدات الجيش .

النظام القديم لصالح وأعوانه هم من يقودون اليوم الثورة المضادة عبر مشائخ وقيادات عسكرية وامنية موالية لصالح في المحافظات اليمنية لإعادة الحكم له عبر الابن المدلل والقائد السابق للحرس الجمهوري … كيف لا وقد حصل “عفاش” على حصانة قدمت له كهدية حتى يتم ترتيب الاوراق السياسية لمثل ما نحن عليه اليوم .

لقد بات واضحا ان العملية السياسية في اليمن ونجاح مفرزاتها سيجعل الخوف يولد عمليات استباقية لدى قوى الشر خارج اليمن وداخله لبتر أي محاولة لسير باليمن نحو الامام .

فحزب (المؤتمر الحوثي ) يشعران بالنشوة في ظهورهم العلني لإعادة ترتيب النظام السابق و محاصرة مشروع التغيير الذي توقف بعد مؤتمر الحوار .

ولكن يبدوا ان على القبائل اليمنية والقيادات العسكرية النزيهة حمل ثقيل ومسئولية كبيرتين بإكمال نصف الثورة الاخر التي قامت في 2011 ضد الدولة العميقة التي عرقلت كثير من طموح اليمنيين للوصول الى دولة مدنية تخدم مصالح مواطنيها .