الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٥٣ صباحاً

خطاب الحوثي الذي صادر به آخر مهمة للرئيس !!

ياسين التميمي
السبت ، ٢٥ اكتوبر ٢٠١٤ الساعة ٠١:٣٠ مساءً
أطل مساء هذا اليوم الجمعة، عبد الملك الحوثي، بخطابٍ صادر من خلاله آخر مهمة للرئيس عبد ربه منصور هادي، وتعمد تغييب دور رئيس الدولة، المعني دستورياً بالحديث حول أزمة التعثر في تشكيل حكومة بحاح، حديثاً عابر للأحزاب، مُرمماً للتصدعات، وموفقاً بين الأطراف.

والخطاب بالإضافة إلى مصادرته دور الرئيس، جاء أيضاً متوتراً ومليئاً بالعبارات الإقصائية، والاتهامات الباطلة والانتقادات المسيئة لأطراف سياسية، لا أدري لماذا تستمر في دور يُراد له أن يكون غطاءً لمشروع تثبيت سلطة المليشيا ومصادرتها لدور الدولة بهذا المستوى الذي لا يمكن احتماله.

في هذا الخطاب هدد عبد الملك الحوثي، بإعادة إحياء "المسار الثوري"، الذي فرضه على اليمن من طرف واحد، تحت مُسمى "ثورة الشعب" فيما يسميها الشعب اليمني: ثورة مضادة.

وبلغةٍ اكتظت بالعبارات المتناقضة، والمجافية للمنطق، كشف زعيم الجماعة الحوثية المسلحة، عن المأزق العميق الذي تعيشه جماعته وحليفها صالح، بسبب فشلهم في تمرير مشروع التمدد المسلح في المحافظات، نتيجة اليقضة الشعبية، التي شكلت ارتداداً قوياً على المشروع، وأعادت طرح الدور المعيق الذي يمارسه حلف الثورة المضادة(صالح- الحوثي)، ونتيجة أيضاً لعدم قدرة هذا الحلف على الاستمرار في تعطيل تشكيل حكومة بحاح، في ظل تحركات تجري في أروقة الأمم المتحدة لتسمية أطرافاً ورموزاً في هذا الحلف معرقلين، ما قد يمثل ضربة سياسية معنوية، لحلف: "صالح- الحوثي"، بالنظر إلى أن إجراء كهذا يتعزز بحملة إعلامية غير مسبوقة تستهدف هذا الحلف، ويغذيها موقف خليجي مستاء من تآكل تأثيره في اليمن لصالح قوى إقليمية ودولية أخرى.

لا يريد عبد الملك الحوثي أن يُدرك أن اتفاق السلم والشراكة، رغم أنه جاء تغطيةً لعملية إسقاط صنعاء، وللتصفية المفضوحة لأطراف سياسية مهمة في الساحة، إلا أنه في نهاية المطاف، جاء ليُنهي الثورة المضادة، ويؤسس لواقع جديد، يعزز المكانة السياسية للحركة الحوثية المسلحة، لكنه، أيضاً ينهي تأثيرها وسيطرتها الميدانيين، ويدفع باتجاه شراكة لا تقصي بقية الأطراف كما يريد حلف الثورة المضادة.

عندما يعود الحوثي إلى منطقه "الثوري"، فهذا يعني أنه يُسقط اتفاق السلم والشراكة، الذي يَتَّهم أحزاب اللقاء المشترك بالخروج عنه.. لقد قال كلاماً لا يمكن فهمه إلا أنه يندرج في إطار "التقية السياسية"، فهو وحليفه صالح، هما اللذان نسفا اتفاق السلم والشراكة، بفرض سيطرتهم الأمنية على العاصمة والتمدد في المحافظات، وعرقلة تشكيل الحكومة عندما اعترضوا على أول رئيس وزراء مكلف وهو الدكتور بن مبارك، وهم الذين يريديون فرض إرادة المنتصر على التكشيلة الحكومية، ويريدون بقية الأحزاب السياسية مجرد شهود زور فيها.

وحلف صالح-الحوثي، هو الذي أدخل الدولة فيما يمكن تسميته بـ: "الغيبة الصغرى"، منذ 21 سبتمبر، وهو اليوم بالهجوم الذي أطلقه على الأحزاب السياسية، وتهديده بتشكيل حكومة بالآلية التي أسقط بها الحكومة السابقة، سوف يدخل الدولة في "الغيبة الكبرى"، وحينها سيكون حلف الثورة المضادة هذا، قد أدخل البلد في مأزق تاريخي، وليس إنجازاً تاريخياً كما ادعى عبد الملك الحوثي.

لقد بدا زعيم الجماعة المسلحة، في جانب من خطابه مدافعاً عن حليفه صالح، بتشديده على مسألة التدخل الخارجي، وعلى قضية استقلال القرار الداخلي، وأراد أن يضخ جرعة معنوية في صفوف الموالين لصالح ولحركته، في مواجهة الحملة الإعلامية التي تُعرِّي هذه الأيام وبقوة، مؤامرات صالح وتحركاته المشبوهة.

وهنا يتساءل المرء: هل نسي الحوثي أن دخوله صنعاء كان بتغطية خارجية، وأنه حينما يبرر وجوده بمحاربة القاعدة يلتقي في الأهداف والغايات مع الولايات المتحدة والغرب؟. وهل يستطيع صالح أن يتجاوز حقيقة أن الدعم الخارجي هو الذي رممه صحياً وضمن بقاءه في قلب المشهد السياسي، وتمكينه في نهاية المطاف من إنجاز الثورة المضادة عبر الواجهة الحوثية؟.

لا يمكن القبول بأن الحراك التهامي، والمقاومة التي تعمل على تعطيل تمدد الحوثيين وحليفهم صالح في المحافظات، مجرد "ذيولٌ" للواء علي محسن الأحمر"، كما وصفهم الحوثي. هذا يعني أن الثورة المضادة لم تنجز مهامها، وأنها لم تنجح سوى في انتهاك بيوت اللواء علي محسن، وحميد الأحمر، الخالية من سكانها في صنعاء، على نحو يتناقض مع أخلاقيات الحرب.

من المؤكد أن الشعب هو الذي يرفض التمدد المسلح لحلف الثورة المضادة، الطائفي والمناطقي، إنه شعب يقاتل من أجل إنقاذ الدولة التي يريد هذا الحلف إدخالها مرحلة الغيبة الكبرى، وتمزيقها سياسياً وجغرافياً.

من صفحة الكاتب على " الفيس بوك "