الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٣٣ مساءً

كلما قلنا عساها تنجلي

عارف الدوش
الخميس ، ٠٦ نوفمبر ٢٠١٤ الساعة ٠٩:١٦ صباحاً
فشلت النخب السياسية منذ عقود طويلة في الإتفاق على مشروع وطني جامع فتسيدت الصراعات بين مكونات المجتمع اليمني شماله وجنوبه شرقه وغربه بإسماء متعددة تأخذ طبيعة المرحلة ونوعية القوى التي تتمكن من امتلاك السلاح والمال يساعدها في الظهور والبروز والتمكين والسيطرة تغيرات اقليمية ودولية فيجري اقتسام كعكة اليمن جغرافياً والسيطرة على كرسي الحكم تارة باسم الثورة وتارة أخرى بإسم التحرير والإستقلال وتارة باسم معارضة نظام الشمال سابقاً وتارة اخرى بأسم معارضة نظام الجنوب سابقاً باسم الوطن وباسم الإسلام باسم الغلابى والكادحين وباسم المظلومين والمستضعفين باسم محاربة الشيوعيين وباسم محاربة الرجعيين واللافتات والشعارات كثيرة.

كل المشاريع سياسية كانت أوعسكرية اعتمدت على تكوين الغلبة شمالاً وجنوباً بعيداً عن رضى اليمنيين وهذا تاريخ لا ينكره أحداً ومدون في سجلات مكتوبة وفي بطون الكتب والدوريات وفي صدور القادة والناس في مختلف المراحل منه مكتوب ظاهر ومنه مستتر مسكوت عنه وكل قوى أو طرف أو اطراف تسعى لتكوين حكم الغلبة بعيداً عن مشروع الدولة اليمنية الجامع تلجأ الى كم هائل من التضليل والشعارات.

لست قادراً على يراد التفاصيل والنماذج إلا بما يسمح به الحيز والوقت سريع الإيقاع الذي يجعل القارىء يتبرم من طول الكتابات والتناولات والأمر يحتاج الى دراسات معمقة تقوم بها الجامعات ومراكز الأبحاث ، لكن لابد من الإشارات الخفيفة والمختصرة لتكتمل الفكرة ففي بداية القرن العشرين الماضي كان هناك نزوع لتكوين دولة يمنية مع رحيل الأتراك من اليمن بفعل هزيمتهم في حرب عالمية وكانت هناك مناطق غير راغبة بل ورافضة لنوعية تلك الدولة فجرى تكوين حكم الغلبة باكتساح تلك المناطق بالقوة " الإمام يحيى حميد الدين وقواده من بيت الوزير وغيرها من البيوتات" وتم فرض الأمر الواقع وظلت النار تحت الرماد.

وبعد قيام ثورة" 26 سبتمبر 62" تكونت تحالفات جديدة فرضتها مرحلة الستينات ومدها الثوري العروبي " مرحلة الزعيم جمال عبد الناصر " فاختلف اليمنيون وتقاتلوا 8 سنوات " ووجدوا من يسندهم اقليمياً ودولياً " مصر عبد الناصر وحلفاؤها والسعودية وحلفاؤها " وفي الأخير بعد قتال ومؤتمرات " خمر وحرض وريدة والجند و... الخ" - تشبه كثيراً " مؤتمر الحكماء والعقلاء الذي عقد برعاية حركة" انصار الله " - فشل اليمنيون في بناء الدولة الوطنية الجامعة.

وفي كل جولة من الصراع والإقتتال كانت تتم الغلبة للقوى التي تمتلك السلاح والمال سواء في الشمال او الجنوب سابقاً وكان يتم اقصاء المخالفين بلافتات وشعارات متعددة وتستخدم كل الموبقات والشرور والإتهامات ضد من يراد ابعادهم واقصاؤهم عن الحكم.


وجاءت الوحدة وعجزت القوى السياسية والنخب عن بناء دولة يمنية جامعة فحضرت التصفيات واشتغل السلاح وجهزت الإتهامات " انفصاليون – كفرة .. عودة الفرع الى الأصل – الوحدة أو الموت الخ" وجاءت ثورة 11 فبراير 2011م فتم نفس ما كان يتم سابقا فلا مشروع دولة حضر ولا ثورة انجزت اهدافها واتضح فيما بعد انها كانت عبارة عن " مغسلة لتنظيف نصف النظام.

وها نحن اليوم امام " ثورة 21 سبتمبر 2014م " لكن هذه المرة هناك البندق ( السلاح) وتحالفات أقتضتها ضرورة المرحلة، وهناك دعم اقليمي ورضى دولي فيلاحظ المراقب والمتابع كأن هناك الغازاً وطلاسم في حركة الأحداث لكن الحقيقة الأمر واضحاً لا لبس فيه استمرار فشل النخب اليمنية في ايجاد الدولة الوطنية الجامعة ويجري استبدال قوى الغلبة المستمرة في حكم اليمن منذ بداية القرن العشرين الماضي حتى اليوم بقوى غلبة جديدة برضى اقليمي وترتيبات دولية والشعب اليمني يشرب من البحر .

وفي كل جولة صراع وقتال بين اليمنيين يتخندق المحاربون وراء شعارات الثورة والعدالة وتخليص الشعب من بغاة ومستبدين وفي الوقت نفسه يمارسون القتال والحروب لقتل جزء من اليمنيين أنفسهم بعد ان يطلقوا عليهم الإتهامات المقبولة يمنيا وإقليميا ودولياً والأمر ليس حكراً على ما نحن فيه في هذه المرحلة بل منذ قديم الزمان منذ خلاف سقيفة بني ساعدة بعد وفاة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم حتى اليوم.

لقد كان الأستاذ علي البخيتي أحد قيادات "انصار الله" السياسية صادقاً فيما كتبه وهو يمثل التيار المدني المستنير في حركة" أنصار الله " عندما قال " لا استقرار ولا سلام بدون دولة " فاستمرار غياب أو تغيب الدولة عملية مقصودة ومبرمجة يشترك فيها الجميع المنتصرون والمهزومون في كل مرحلة وهناك من يحفر في الصخر من أجل غياب الدولة لإرتباط الأمر بمصالح شخصية لفئة أو جماعة ووجود تمويلات داخلية وخارجية هدفها اضعاف اليمن وجعله ساحة تصفيات وصراعات اقليمية.

وأخيراً: ليفهم من بيدهم السلاح والمال وتهيأت لهم الظروف اليوم أن عليهم أن يسعوا لبناء الدولة الوطنية الجامعة فهي وحدها التي ستجنبهم موجة جديدة من الصراع والحرب ستسعى لإجتثاثهم كما يفعلون اليوم بخصومهم ،فاليمن يتسع للجميع وأمامهم فرصة تاريخية لبناء الدولة الوطنية الجامعة ، فقد قلنا هذا لمن سبقهم من الذين امتلكوا السلاح والمال قبلهم فلم يسمعوا ولم ينتبهوا وإنما تسابقوا على المراكز الأولى في الدولة الهشة والحكم ،فلا تكرروا ايها القادمون الى كرسي الحكم تصرفات من سبقكم حتى لا نكرر "كلما قلنا عساها تنجلي قالت الأيام هذا مبتداها "