الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٤٢ مساءً

رسالة الى الرئيس القادم 3/5

محمد حمود الفقيه
الأحد ، ١٣ نوفمبر ٢٠١١ الساعة ٠٧:٣٠ مساءً
سيدي الرئيس .. لقد انتشرت فينا نحن المجتمع اليمني ظاهرة خبيثة في ظل حكم النظام السابق ، أنها ظاهرة الثأر ، تلك الظاهرة السيئة التي زاد من انتشارها وتوسيع رقعتها داخل أرض السعيدة اليمن ، ولذا فقد كان اليمنيون يعولون على الثورتين اليمنيتين اللاتي قامتا في ستينات القرن الماضي ، على القضاء عليها ، وتنقل المجتمع اليمني من عصر الجاهلية الأولى إلى عصر يزخر بالتنوير والعلم ،ولكن للأسف أخفقتا الثورتين السبتمبرة في الشمال ، والثوره الاكتوبرية في الجنوب على واد تلك الضاهرة ، وزعم النظام السابق انه كان يبذل جل جهوده على أزالتها ووادها ، لكن الحقيقة عكس ذلك ، فقد علم المواطن اليمني الصغير والكبي ، ان علي عبد الله صالح كان يمارس سياسة فرق تسد بين أبناء اليمن الواحد ، تلك السياسة الاستعمارية هي التي طالت من عمره ، نتيجة النقص الشديد في الوعي والمعرفة الذان كان يعاني منه بعض أبناء اليمن ، خصوصا في مناطق النزاعات القبلية ، فقد عمل النظام المخلوع على فتح أسواق السلاح في كل مدن الجمهورية اليمنية ، والهدف من ذلك هو توسيع وتثبيت ظاهرة الثأر ، التي صارت إرثا يتداوله الأجيال ، بل نستطيع القول ان الامام الذي حكم اليمن استطاع ان يفرض سيادة الدولة والقانون أكثر مما فعله النظام الجمهوري تجاه ظاهرة الثأر على وجه الخصوص ..

سيدي رئيس الجمهورية .. نحن نعتقد يقينا ان القبيلة في اليمن لها دور بارز ، لكن ما يتطلبه الأمر ان لا تكون القبيلة فوق سيادة القانون ، أو ان نتخذ القبيلة سبيلا لإقامة الحق والعدل و الأنصاف ، وإلا لما كان وجد القضاء ، ففي ديننا الإسلامي الحنيف ، عرف الله تعالى القبيلة في كتابه الكريم ، على أنها للتعارف والإنساب ، ولايمكن بأي حال من الأحوال ان توضع القبيلة مكان الدستور والقانون ، ولا يمكن ان تحل محل التشريع الإلهي السماوي ، فوجودها وتسميتها هو لغرض التعريف بين بني الانسان وليس غير ذلك ، سيدي .. أنني بهذا الإيضاح ، لا يعني إعلان حرب على القبيلة ، ولكن ما أقوله هو ان لا نجعل القبيلة تتربع على عرش الدولة ، فإن ذلك سيسقطها لا محالة ..

سيدي الرئيس .. لقد وضع لنا الدستور الإلهي قاعدة ربانية ، وهي المساواة بين بني آدم ، فإن من واجبك سيدي ان ترسي هذه القاعدة ، وان تجعل من سيادة القانون ترسيخ دعائم هذه المسألة ، فالمواطنون اليمنيون سواسية بالحقوق ، سواسية في الواجبات ، فإذا استطعت ان تقيم هذه النظرية بين الناس ، فقد عملت على اقامة العدل ، وان أقمت العدل فهذا الذي نرجوه ، وان أقمت العدل أقمت الحق ..

سيدي .. ان من الواجب عليك فعله ، هو ان تفتح قلبك لكل مواطن ، دون ان تنظر إلى جذورة العرقية ، ودون ان تهتم بانتمائه العائلي ، ففي كل الأحوال لست بحاجة إلى لقبه ، إنك ان فعلت هذا فقد أسست فينا طرق للحرية ، كيف لا وقد وصل الافريقي الأسمر ذات الجذور السوداء إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة ، ولم يأتي هذا صدفة ، بل حصل كل هذا بالمساواة بين بني الانسان ، فلو كان أوباما مقيما في أحدى الدول العربية ، لرأيناه في أحد مكاتب الترحيل كما قال الداعيه د/ سلمان العودة ، وقد قال ابن تيمة رحمه الله مقولته المشهوره ، حيث قال ان ( ان الله ينصر الدولة العادلة ولو كانت كافرة ) فالعدل يجرد الانسان من التعصب للقبيلة . ويجرد الانسان من الحمية الجاهلية ..

سيدي الرئيس .. ان لم تكن القبيلة مساهمة في بناء الوطن ، فلا داعي لذكرها ، أو وجودها ، فلا تأوي الى القبلية الضيقة ، وإنما المهم هو ان يكون مرجعك في الحكم إلى سيادة القانون ، لقد أفسد النظام السابق التشريعات ، وذلك باعتماده في كثير من الأحيان على تشريعات عرفية قبلية ، واعتماده في كثير من المسائل إلى المشيخة في حلحلتها ، لذلك فقد تسبب كل هذا ،في ضعف هيبة الدولة ، واضعاف لسيادتها ، وبالتالي فكان كثيرا ما يلجأ العامة إلى الأحكام العرفية ، فوقع الناس بين مطرقة الحكم القبلي وسندان القضاء المماطل الممل ، فلم يعمل القضاء اليمني يوما على إنصاف أحد ، ولم يذعن القضاء اليمني في الحكم على أحد ، ناهيك عن بعده بعد الشمس عن القضايا المتصلة بالرقابة والمحاسبة ، فلم ينجح يوما القضاء في تقديم شخصيات متلبسة بالفساد إلى العدالة ..

سيدي الرئيس .. ان العاقل من اتعظ بغيرة !! فقد كنت من بين المواطنين اليمنيين الذين شاهدوا بعضا من مشائخ اليمن وهم يعيثون في في الأرض فسادا ، بل وهم محسوبون على انهم جزء من التركيبة التنظيمية للحزب الحاكم ، وأقلها أمثلة ظاهرة على الشاشة (( ماحصل في الجعاشن )) غير ان كثير من قضايا المشيخة ، لا زالت تحت المجهر ، ناهيك عن فسادهم وافسادهم في المجتمع المحلي ، إذا.. فلماذا أنفقت الدولة من ميزانيتها على القفصاء والمديريات ، والأمن العام والأمن المحلي تلك الأموال الطائلة ، في حين ان قضايانا تحال نحو الوجهاء والمشايخ لحلها مقابل دفع أموال باهظة من المدعي والمدعى عليه على حد سواء ، فيا لله كم أفسد أولئك المشايخ من قضايا في حياتنا ، وكم عاثوا في الأرض خرابا ، ويا لله كم أخذوا أموال الناس بالباطل ، لقد تحكم مثل هؤلاء حتى في ملابسنا الداخلية !! وعلى مرأى ومسمع من النظام الحاكم في اليمن ، بل لقد كان يشجع على مثل تلك الأعمال الإجرامية والإرهابية ، سعي النظام البائد لمحاربة ما يسمى بالإرهاب ، ونسي ان الإرهاب في جسده ، كان لابد له ان يستريح ويريح شعبه في ، ان يجري عمليات جراحية لإزالة الورم الخبيث من جسد الدولة اليمنية ، لكن كان ذلك للنظام مستحيلا .. كيف به فعل ذلك وكثير من مكوناته ملطخة أيديهم بالفساد ، فقد عمد بعض المنتمين إلى الحزب الحاكم على نشر الفساد وإقلاق سكينة العباد ، فعلى أيديهم تم نشر الفوضى ، وعلى أيديهم استفحلت المحسوبية وانتشرت السلطوية المتنفذة ، فكم من الناس الضعفاء سلبت حقوقهم على أيدي هؤلاء المرتزقة ، وكم من الضعفاء خدعوا في الولاء لهم والنصرة اليهم ، فكيف بناء أيها العقلاء ان نتكلم عن دولة ديمقراطية والسجون الفردية ملأء ، وكيف بنا ان نتحدث عن ديمقراطية زائفة ، حاول النظام ان يمرر هذه المفاهيم في الداخل والخارج لأجل البقاء ، والحقيقة ان الديمقراطية في اليمن هي - قول ما شئت وافعل ما نشاء - استخدم النظام السابق المال العام والإعلام الرسمي والمؤوسسات العامة لتمرير مشاريعه الواهية ، فخدع الكثير من أبناء الوطن تحت مظلة الديمقرطية والتعددية الحزبية ، كم قسمنا من فئات وكم وزعنا من أمم ، جعل منا شعوبا ونحن شعبا واحدا ، حاول ان يبقى تعليلا وتبريرا ، ولكن حبل الكذب قصير كما يقولون ، فالحق هو الباقي والعدل هو القاضي ، والله غالب على أمره ..