الثلاثاء ، ١٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٤٦ مساءً

حتى لانعود إلى عصر الحجاج ؟!

زيد الشامي
الاربعاء ، ١٠ ديسمبر ٢٠١٤ الساعة ٠٦:٠٢ مساءً
فوضىٰ لا تصنع نظاماً، والتعسف لا يقيم عدلاً، وتجاوز الدستور والقانون لا يؤسس دولة، ومازال اليمنيون يحلمون بإقامة دولة المؤسسات، لا سلطة الأهواء والمصالح، وقد امتد نضال الشعب اليمني قروناً من أجل الحرية والعدالة والمساواة، لكننا اليوم أبعد ما نكون عن تحقيق تلك الغايات!!

كان بعض السياسيين يخشون من انهيار الدولة وتحوّل اليمن إلى دولة فاشلة، بما يعنيه ذلك من تلاشي السلطة وتحطّم أدواتها، وما سيؤدي إليه من انحطاط في القيم والأخلاق، وضياع الأمن والاستقرار، والانتقال إلى الفوضىٰ التي يصعب معها التحكم في إدارة البلاد، والمحافظة على تماسكها ووحدتها..

بعيداً عن إلقاء التهم، والتبرير للماضي القريب والبعيد، فإن الواجب الديني والوطني والأخلاقي يقتضي تدارك الأمر، والإسراع في الخروج من الحالة الاستثنائية التي يمر بها الوطن، والالتزام بالاتفاقات التي تم التوصل إليها،؛ حتى وإن كانت قاصرة أو مجحفة، إلا إنها تظل أولىٰ وأفضل من حالة الانقسام والتشظي والعبثية التي بدأت تأخذ طابع النظام المفروض بسطوة العنف وقوة السلاح.

استباحة أموال وممتلكات الخصوم فوضىٰ وفساد مركب، لا يجعل الحرام حلالاً فحسب، بل يخالف الشرائع السماوية والقوانين الوضعية، ويؤسس لدورة جديدة من الصراع، فالأنفس والأموال والأعراض مصانة ومحترمة، يجب على أي سلطة في أي دولة أن تحميها وتحافظ عليها وإلا فإنها تفقد معنى وجودها..

ما يأتي من أخبار الممارسات التعسفية والانتهاكات التي تطال الأفراد والممتلكات والمؤسسات لا يدل على عودة الاستبداد والظلم فحسب، لكنه ينذر بالإنحدار المؤدي إلى السقوط وتلاشي الدولة التي لم يعد يعرف أحد من المسؤول عنها، كما أن التدخل في إدارة الدولة تحت اسم اللجان الثورية أو الشعبية أو التصحيحية... ليس سوى صور متعددة للفوضى وعدم الإعتراف بالنظام والقانون، بل خروج عن القيم والأعراف والتقاليد الحميدة، ونقض للإتفاقات التي تم التوقيع عليها، ولن يؤدي ذلك إلا إلى تصاعد العنف وتعميق الرغبة في الانتقام...

منذ أن تم سيطرة الإخوة الحوثيين على صنعاء في سبتمبر الماضي، تخلت الدولة - من رأسها إلى آخر مسؤول فيها - عن الحد الأدنىٰ من واجباتها، وأصبحنا نسمع عن سجون خاصة، واختطافات خارج القانون، وانتهاكات طالت حملة الأقلام، وتعيينات خارج قانون الخدمة المدنية، واقتحام للمؤسسات والوزارات، وعبث بالموارد والمال العام، وإصدار توجيهات لمسؤولي الدولة بما يحسن ولا يحسن، ومصادرة للأموال الخاصة، كما يحدث في استباحة أموال وممتلكات بيت الأحمر ومن دون مراعاة لشرف الخصومة؛ وكل هذا يناقض ما توافقت ووقعت عليه المكونات السياسية، كما إنه لا ينسجم مع كل الأحلام التي ظل الجميع يتغنىٰ بالوصول إليها في بناء دولة العدالة والمساواة الضامنة للحريات والحقوق لجميع أبناء الشعب اليمني...
الخصومة يجب أن لا تؤدي إلى الفجور، والعداوة يجب أن لا تفقدنا قيم العدل والإنصاف، ومحاربة الفساد لا يصح أن تتم بإنهاء هيبة الدولة وتجاوز الدستور والقانون..

زاد الظلم والطغيان في ولاية الحجاج بن يوسف الثقفي، حتى صار حديث الخواص والعوام حينها: (من حُبس اليوم؟ من قُتِل اليوم؟ من عوقب اليوم؟...) وفي عهد عمر بن العزيز - رضي الله عنه - كان حديث الناس: هل صمت الاثنين والخميس؟ هل قمت الليل للصلاة والعبادة؟ هل أطعمت فقيراً أو أحسنت ليتيم الخ...!؟ كانت تلك صورة عن الطابع العام للمجتمع، وهانحن نستقبل كل يوم أخبار عن معارك واقتتال وسلب ونهب واقتحام، كمؤشر سلبي عن ما وصلنا إليه؛ وهو ما يجب أن يتوقف، لأن اليمن لا تتحمل المزيد من المآسي، وليس في صالح الشعب والقوىٰ السياسية حدوث الإنهيار، وإذا كان الأمل مازال بعيداً في استعادة عدالة عمر بن عبدالعزيز؛ لكن المؤكد أن الشعب اليمني لن يقبل بعودة ظلم الحجاج!!

* من صفحته على "الفيس بوك"