الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٣٢ مساءً

اليمن… نفوذ الحوثي يتمدد

القدس العربي
الاثنين ، ١٥ ديسمبر ٢٠١٤ الساعة ٠٨:٠٢ صباحاً
خرج الدكتور عبدالكريم الإرياني، المستشار السياسي للرئيس اليمني، نهاية الأسبوع الماضي، ليقول ما بات معروفاً داخل اليمن وخارجه، من أن الحوثيين أصبحوا هم السلطة الفعلية المسيطرة في اليمن.
وقال الإرياني، الذي يعد أبرز مستشاري هادي منصور، في حوار مع صحيفة «26 سبتمبر» الناطقة باسم وزارة الدفاع إن «الدولة بهياكلها ووزاراتها ومؤسّساتها لا تحكم البلاد وأن جماعة أنصارالله كفئة سياسية جديدة على المسرح اليمني هي التي تتحكم».
كلام الإرياني ليس جديداً، ولكن الجديد فيه كونه يأتي من رجل في منصب الإرياني، الذي قدم للحوثيين في السابق خدمات كبيرة، لجهة إشراكهم في الحوار، وتقديمهم للمكونات السياسية المختلفة.
هناك من يعد تصريحات الإرياني التي جاءت ضمن حوار مطول نوعاً من صحوة الضمير المتأخرة، وهناك من عد ذلك تسجيل موقف، لكن في الوقت الضائع، وبعد خراب مالطة أو سقوط صنعاء.
ومهما يكن الأمر فإن تصريحات مستشار هادي تعكس خطورة الوضع الذي وصلت إليه البلاد التي أصبحت السلطة الرسمية فيها مجرد غطاء سياسي لجماعة متمردة، تتمدد بقوة السلاح، ولم تشكل بعد أي حزب سياسي.
وأمس أعلنت جماعة الحوثي إقالة محافظ الحديدة صخر الوجيه من منصبه، وتعيين آخر بدلاً عنه، هو حسن هيج الموالي لهم، والوجيه هو المحافظ الثالث الذي تقيله الجماعة بعد محافظ عمران، الذي أقالته قبل أسابيع، وعينت بديلاً عنه، وبعد تعيينهم لتاجر السلاح المعروف فارس مناع محافظاً لمحافظة صعدة، أثناء فترة انتفاضة 2011.
ومع أن المحافظين لا يعينون إلا بقرار جمهوري، ولا يقيلهم إلا رئيس الجمهورية، إلا أن جماعة الحوثي ضربت بفعلها ذلك بالتقاليد المتعارف عليها في الدول المختلفة، بإحلالها نفسها محل الدولة ومؤسساتها الدستورية.
واستمراراً لتوسع هذه الجماعة التي تعد ظاهرة سياسية وأمنية فريدة في اليمن قام مسلحوها السبت بمهاجمة مديرية «أرحب» التابعة لمحافظة صنعاء بمختلف أنواع الأسلحة لإخضاع قبائلها لسيطرتهم، بالتعاون مع وحدات من الجيش موالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، وهو الأمر الذي يأتي حسب مراقبين انتقاماً لصالح من قبائل «أرحب» التي انحازت إلى ثورة فبراير/شباط 2011 ضد نظام حكمه، كما يأتي ضمن مخطط الحوثيين لإحكام السيطرة على العاصمة صنعاء من كل منافذها، وللتمدد منها إلى بقية المحافظات، ْْوخاصة تلك القريبة من الحدود مع المملكة العربية السعودية.
وتكمن أهمية مديرية أرحب في أنها تشكل نقطة انطلاق للجماعة شرقاً باتجاه الجوف ومأرب، وغرباً باتجاه حجة، بالإضافة إلى وجود جبل «الصمع» الاستراتيجي الذي توجد فيه معسكرات للحرس الجمهوري، والذي يطل على مطاري صنعاء العسكري والمدني من الجهة الشمالية. وقد استعملت الجماعة في قصفها لمواقع القبائل مختلف الأسلحة التي أخذتها من معسكرات الجيش اليمني، من دبابات وصواريخ ومدفعية ثقيلة، الأمر الذي جعل الكفة تميل لصالحهم في معركة أرحب.
وإذا كان الحديث في السابق عن تشكيل الحوثيين دولة داخل الدولة، في وضع يشبه إلى حد كبير وضع حزب الله اللبناني، فإن الحديث اليوم يتجاوز هذه المقولة إلى حقيقة أخرى، وهي أن الحوثيين باتوا هم الدولة والسلطة الفعلية، لأنهم يعينون القادة العسكريين والأمنيين، بشكل فعلي، ويعزلون من شاءوا من المدنيين، ممن لا يتفق مع أهدافهم وطموحاتهم.
وبالعودة إلى تصريحات الإرياني المذكورة آنفاً، يكون مستشار هادي قد وصف الحالة الغامضة التي تمر بها البلاد منذ دخول الحوثيين صنعاء يوم 21 سبتمبر/ايلول الماضي بقوله «يصعب تشخيص ما يجري في البلاد بشكل دقيق نظرا لاختلاط الأوراق …الوضع الذي يعيشه اليمن اليوم هو وضع شاذ بكل ما في الكلمة من معنى».
وهو ما ينذر بتدهور الأوضاع في البلاد أمنياً واقتصادياً، خاصة مع وقف دول الخليج العربي مساعداتها لليمن، واشتراطهم انسحاب الحوثيين من العاصمة والمدن الأخرى وتسليم المنهوبات التي أخذوها من مؤسسات الدولة المختلفة وخاصة الأسلحة الثقيلة، لعودة مساعداتهم للحكومة في صنعاء.