الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٠٩ صباحاً

دعوا الدولة لرجالها

عارف أبو حاتم
الخميس ، ٢٥ ديسمبر ٢٠١٤ الساعة ١١:٣٠ صباحاً
عقب حادثتي تفجير ميدان التحرير الذي استهدف تجمعاً شعبياً لـ«أنصار الله» في 9 أكتوبر الماضي واغتيال السياسي الشهير والأكاديمي البارز محمد عبدالملك المتوكل 2 نوفمبر الماضي؛ تحدّثت إلى عدد من وسائل الإعلام الخارجية وطالبت من خلالها قيادة «أنصار الله» بأن يسلّموا أجهزة الأمن إلى رجالها حتى يأمنوا ويأمن كل المجتمع.

قلت لهم حينها: سلّموا أجهزة الدولة إلى رجال الدولة، ليس من المنطق أن تسيطروا على كل مرفق؛ ثم إذا تعرّضتم لسوء أو مكروه قلتم: «نطالب بتحقيق عاجل والكشف عن الجُناة..!!».
تطالبون مَنْ..؟! شبابكم وأطفالكم طيبون أبرياء لا يعرفون شيئاً عن الإجراءات الأمنية؛ من التحرّي المسبق إلى تتبع خيوط الجريمة، قبل فترة استوقفني طفل في السادسة عشرة من العمر عند بوابة جامعة صنعاء؛ أخذ يمسح بيديه الصغيرتين جانبي جسدي بحثاً عن سلاح، كان يبدو مثقلاً مرهقاً بالبندقية فوق كتفه ومخازن الرصاص في صدره، شعره أشعث وأظافره طويلة ووسخة.

قلت له بصوت حنون: يا ابني كم ستستمر تحمل البندقية؛ بكرة ستكبر وتبحث عن زوجة وسيكون لك أطفال يريدون منك مسكناً وملبساً وغذاء وتعليماً وصحة وأنت تعمل بمقابل أكلك وشربك فقط، اترك هذا السلاح وابحث عن مستقبل أفضل لك يمكّنك من مواصلة دراستك، كان يستمع إليّ بأدب واحترام؛ واختصر كل إجاباته بكلمة واحدة: «أنا أجاهد في سبيل الله..!!».
يا إخواننا الطيبون في «أنصار الله» للدولة رجال أمن ومباحث وتحرّيات وخبرة ومخابرات، وهي الأقدر على ضبط الأمن؛ فاعملوا على تمكينهم من أعمالهم، ولا تسلّموا لهم أعمالهم في الظاهر وتديروهم من الخلف.

يحزُّ في نفسي كلما سمعت عن تفجير يستهدفكم أو تهديد يترصّدكم مهما فرقتنا السياسة؛ إلا أننا وإياكم يمنيون مسلمون وجدنا على هذه الأرض، وما يجمعنا أكثر مما يفرّقنا، فدعونا نتحد ونجتمع على كلمة سواء هي «بناء الدولة المدنية» ولنقل ما قاله الدكتور عبدالكريم الإرياني: “لا فضل ليمني على يمني إلا بالعمل الوطني” هذه عبارة خالدة ويجب أن تظل كذلك.

كل يوم ونحن ووطنا نقدّم الصورة القاتمة في الإعلام الدولي، لا أخبار سارّة تصل من اليمن، لم يعد أحد يتحدّث عن استثمارات واقتصاد وتصدير وسياحة، فقد صرنا نصدّر الموت والرعب والتفجيرات، كل يوم نأخذ الحصة الأكبر من مساحة النشر والبث في وسائل الإعلام الخارجية، نرعبهم بحكمة «أهل الإيمان والحكمة» حتى أصبحوا يتخوّفون من أي تجمع لليمنيين في الداخل أو الخارج، مع أننا من شهد لهم الرسول الكريم بأنهم “أرقُ قلوباً وألينُ أفئدة”..!!.