الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٥٠ صباحاً

القـــاعدي : إبليس موجود في اليمن

د. أحمد عبيد بن دغر
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً

يمن برس - عبد الباسط القاعدي*

"الله موجود في اليمن"..
قالها أحد الذين زاروا بلدنا بعد أن سأل موظف حكومي.. كم راتبك وحين جاءته الإجابة سريعة (30) ألف ريال، دفعه فضوله ليغوص في التفاصيل، كم إيجار البيت.. (15) ألف ريال، وأخزن يوميا بـ(300) ريال، والصرفة ربك بيخارج دون فواتير الماء والكهرباء والتلفون، حينها شهق بقوة (الله موجود في اليمن فقط).
* حين يركبك التفكير في مصروف العيال ولم يغادر من أيام الراتب الـ(30) إلا ثلثه، تدلف في عالم الخيال وتطلق لذهنك العنان لتحقق مالم تستطع الوصول إليه في واقعك المر، ثم يفزعك صوت أم العيال، هيا أين المصروف متنا جوع فتسحبك قدميك لأقرب بقالة من منزلك وتضيف على فاتورة الشهر القادم قيمة العشاء، عندها تعرف أن "الله موجود في اليمن".
* حين يصاب المسئول "عنك أمام الله" بوعكة صحية (انفلونزا مثلا) فيغادر البلد للعلاج، وفي المقابل تصاب (لا قدر الله) أنت أو من تعول بالملاريا أو غيرها ثم لا تجد قيمة الأسبرين، فتتوجه إلى خالقك، عندها تعرف أن "الله موجود في اليمن".
* حين يتساوى وزن الروتي (وجبة رئيسة لمعظم السكان) ووزن قلم (البايلوت) -كما أكدت لقطة نشرتها مؤخرا صحيفة الوحدة- ثم لا تعلن الحكومة حالة الطوارئ ولا تحرك الأحزاب السياسية ساكنا ومع ذلك تقابل من يشيد بالأداء الرفيع للأجهزة الحكومية ويدافع عن أدائها، عندها تعرف أن "الله موجود في اليمن".
* حين يوقف المسئول موكبه المبجل (في حادثة نادرة) ليمر أحد الشيوخ دون أن يفزعه مرافقوه، ثم تتفاجأ بصحفي و(بالصدفة طبعا) يجري حوارا مع ذلك الشيخ الذي لم ينتبه للموكب لينقل مشاعره عن هذا السلوك العظيم الذي لم -يقترفه أحد من قبل-، عندها تعرف أن "الله موجود في اليمن".
* حين تعتصر الوظيفة الحكومية زهرة شبابك (تأخذك لحم وتترك عظم)، ثم تجد نفسك في نهاية المطاف ممن يصدق فيهم القول (محلك سر) رغم أنك ممن يشهد لك بالكفاءة، بينما يتسلق سلم الترقيات البلداء والرخوات أصحاب الأنامل الناعمة والعقول الفارغة، ثم لا تزيد على السمن إلا العسل، حينها تعرف أن "الله موجود في اليمن".
* حين يفرض شيخ القبيلة الجزية على رعاياه (خوره) ولا يدفعون فيهجرهم من مساكنهم، وتتفاجأ بأن الدولة تقف في صفه ضد مواطنيها وتتهم من يدافعون عن الغلابا بالمغرضين، عندها تعرف أن "الله موجود في اليمن".
* حين يتحدث الحزب عن القيم ويعلن تمسكه بها ويحلف الأيمان المغلظة أنه لن يحيد عنها قيد أنمله، ثم ينشغل بالمعارك السياسية عن استثمار رأس ماله (منتسبيه) والانتصار لقضاياهم ليجد نفسه في نهاية المشوار على الرصيف، عندها تعرف أن "الله موجود في اليمن".
* حين تتحدث الحكومة عن استكشافات نفطية جديدة وواعدة (ركز)!.. ثم تسمع خبرا مفاده أن النفط في اليمن مهدد بالنضوب في القريب العاجل -حسب التقارير الرسمية والدولية- ولمَا يصل خيره لأكثر من (19) مليون مواطن، عندها تتأكد أن "الله موجود في اليمن".
* حين نشغل العالم بديمقراطيتنا وندعوهم للاستفادة من تجربتنا (الرائعة والرائدة)، ثم تكتشف أن (البوري لم يتغير) وأن الخطبة الخطبة والجمعة الجمعة وعاق والديه عاق والديه، حينها وفقط تكتشف أن "إبليس أيضا موجود في اليمن".

* حديث مواطن:
أحد القراء علق على موضوع نشره موقع "ناس برس" وأحببت أن أنقل تعليقه عبر الصحيفة وفيه (نحن كمواطنون نبحث عن لقمة العيش عن رغيف يسد جوعنا.. عن قطعة سكر نعطيها لأطفالنا وقليل من اللبن المسكوب على أفواه المتسلطين.. لقد شبعنا تنظيرات وشبعنا خوف من أعداء الثورة والجمهورية الذين لم نجدهم أمامنا ووجدنا الفساد كعدو يأخذ وينهب كل مقدرات الوطن.. تستطيع السلطة أن تخيفنا وننام ونحن جياع كما تفعل الأم مع أطفالها.. ولكن سيأتي يوم نبكي ونصرخ بصوت مسموع إننا جائعون.. حينها لن يسكتنا أحد.. المتخمون من السلطة لا يفكرون برغيف الخبز وإنما يفكرون كيف يدللون أنفسهم..بالمعني الفصيح نحن جياع وهم يبطرون).

ـــــــــــــــــــــ
* مدير تحرير صحيفة الناس