الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٠٣ مساءً

100 يوم من عزلة اليمن

عصام القراضي
الاثنين ، ١٩ يناير ٢٠١٥ الساعة ١٠:٢٠ صباحاً
100 يوم من عزلة اليمن في ظل حكم أزلام طهران، جاءت مفزعة مشحونة، 100 يوم مليئة بالمآسي والفجائع والمحن، عرف فيها اليمنيون الموت بطرائق لم يألفوها قبلاً، ضاعت أحلامهم وذرتها الرياح، وتحطمت آمال الحرية والمدنية والديقراطية على صخرة الواقع.

ما حققه الحوثيين في بداية اغتصابهم للحكم مثير للفزع والاشمئزاز معاً، إذ أظهرت تقارير حقوقية تعرض اليمن بتاريخ 21 سبتمبر 2014 يوم سقوط صنعاء لسلسلة انتهاكات جسيمة، تنوعت بين أعمال القتل والاختطاف، وقهر للحريات وكم للأفواه، وتفجير لدور العبادة، وسرقة الممتلكات الخاصة والعامة وحتى أدوية المؤسسات الصحية لم تسلم من تغولهم وحقدهم، وقدرها المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بما يزيد عن 4500 حالة انتهاك خلال أقل من شهر.

حديثاً أصدر موقع المندب برس تقريراً جديراً بالمتابعة عن 100 يوم الأولى من حكم الحوثي، وبحسب مقارنة أجراها الموقع فإن نسبة انتهاكات الحوثيين من مجمل نشاطهم بلغت 89، مقابل إنجازات لم تتجاوز 0.25%.

الحوثي بالمحصلة انقلب على ثورة الشعب كما يفعل الجبناء دوماً، حصد ثمار انتصار صنعه أبطال الثورة، وعجز عن إكمال ما بدأه لأسباب مختلفة لا مجال لسردها، وللتغطية على فشله استخدم أنواع العنف والترهيب والتضليل الإعلامي والخداع السياسي، وهو اليوم يراوح مكانه فبعد أن خرج من حاضنته الزيدية، اصطدم بقوة الشعب وواجه أعتى مقاومة في محافظتي البيضاء وإب، ووصدت أمامه أبواب تعز ومأرب.

أحكم الحوثي سيطرته على صنعاء العاصمة، ولكنه أثبت فشلاً في المئة يوم الماضية في تسيير شؤون البلاد والعباد، فأزمة الوقود ما تزال مستمرة وفي تنام، والكهرباء من سيء إلى أسوأ، والوضع الاقتصادي في الحضيض، والحالة الأمنية حدث ولا حرج.

أحد أبرز أخطاء الحوثيين مباشرة بعد اجتياحهم صنعاء هي استبدال الجيش والقوى الأمنية المدربة بلجان شعبية لاتفقه في علوم الأمن والاستخبارات، ووقعوا فوراً في مطب المواجهة مع جموع الشعب الرافض لهم، كما لم يلتزموا بتنفيذ اتفاق السلم والشراكة، وعرقلوا عمل الحكومة.

هذه السياسة الرعناء كلفت الحوثي الكثير، وباتت تستنزف قواه، فخسائره البشرية في الثلاثة أشهر الأخيرة عالية، ورغم عدم وجود إحصاءات دقيقة لأعداد القتلى والمفقودين، لكن خسائرهم في البيضاء والجوف وإب وعلى تخوم مأرب لم يعد بالإمكان التغطية عليها.

ولا تتوقف أزمة الحوثي عند المقاومة المسلحة من أبناء القبائل والقاعدة، بل دخلوا في صراع مفتوح مع جموع شعب يرفض تمددهم وتغولهم بمفاصل الدولة، وفقدوا بذلك تعاطفاً كانوا قد كسبوه إبان انطلاق مشروعهم الانقلابي واستغلالهم لقرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية.

في الجانب الحكومي فتح الحوثي جبهة أخرى للقتال، ودخل في صراع مباشر مع وزراء الحكومة اليمنية، ولعل أبرز مواجهاتهم ما حصل مؤخراً حين اقتحموا مكتب وزيرة الإعلام نادية السقاف وبيان الوزارة الذي طالب بعدم التعامل مع ما يصدره الحوثيون عن مؤسسة الثورة للصحافة والنشر حتى إشعار آخر.

أبرزت المائة يوماً السابقة حيرة الحوثي وتشتته، فهو لا يملك برنامجاً أو أهداف واضحه للحكم، يزداد تخبطاً وعشوائيه مع مرور الأيام، وتزيد فاتورة إغتصابه للحكم.

اليوم يقف الحوثي موقف العاجز أمام تعقيدات المشهد اليمني، الازمات الداخلية تستفحل وتتضخم، الوضع الإقليمي يزداد توتراً، الأعداء يكثرون ويتوالدون، فماذا يملك الحوثي لمواجهة جبل الأزمات العالي.