الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٤٧ صباحاً

مخاطر التماهي مع الأهداف الأمريكية !!

زيد الشامي
الاربعاء ، ٠٤ فبراير ٢٠١٥ الساعة ٠٨:٣٢ صباحاً
ما تزال السياسة الأمريكية تصنع العداوات وتؤجج نيران الكراهية بين الشعوب، وما تمارسه أمريكا في العالم الثالث يتصادم مع مبادئ الحرية والديموقراطية التي تزعم أنها تدافع عنها، ومنذ انتهاء الحرب الباردة عملت حكومات الولايات المتحدة الأمريكية على صناعة عدو توجّه إليه سهامها، ولسوء حظها وحظنا أنها اختارت الإسلام خصماً، وجعلت من الإرهاب مبرراً لحربها ضد المسلمين في العالم.
هاهي رقعة الإرهاب تتمدد في كل المناطق التي تتدخل فيها الإدارة الأمريكية، بل إن الحاضنة الاجتماعية لجماعات العنف تتسع بسبب الحروب التي تشنها، فشلت أمريكا في أفغانستان، وفي العراق، وفي سوريا، وما يزال القتل والدمار والخراب على أشده في ليبيا، وبرنامجها في اليمن سيوصل إلى نفس النتيجة ما لم يعمل اليمنيون على إفشاله وعدم التماهي معه.
لا أبرر هنا للعنف والإرهاب، إذ يجب العمل على إنهاء كل أسباب وحوادث القتل والسطو والتفجير والاختطاف التي تطال الآمنين مواطنين أو وافدين، مدنيين أو عسكريين، خبراء أو دبلوماسيين، فالإسلام رسالة حب وسلام وأمان، وليس دعوة للكراهية والإرهاب والإنتقام، ويجب أن نتخذ من الأساليب والإجراءات ما يحقق الأمن والاستقرار لنا ولغيرنا، ولكن من دون التماهي مع المخطط الأمريكي الذي لا يهمه سلامنا، ولا أمننا واستقرار بلادنا.
ليس لأمريكا صديق دائم؛ فحليفها اليوم من يحقق مصالحها، وستتخلىٰ عنه حين يعجز عن الاستمرار في خدمتها، أو إذا وجدت من يقوم بالمهمة أفضل منه، هذا ما فعلته مع كل الأنظمة والشخصيات التي تعاملت معها؛ ولن يَنسى التاريخ موقفها من شاه إيران الذي كان شرطي أمريكا في الشرق الأوسط، وعندما لفظه شعبه تبرأت منه ورفضت منحه حتى حق الإقامة على أراضيها فضاقت عليه الأرض بما رحبت، ولم يجد جُحْـراً يأرز إليه في أرض الله الواسعة إلى أن تكرمت مصر باستضافته حتى مات!!
رسائل الودّ التي تبعثها أمريكا اليوم للحوثيين يجب أن لا يطمئنوا لها، فمحاربة القاعدة ومحاولة استنساخ تجربة العراق وسوريا لا يعني أن شهر العسل سيدوم بينهما، فقد وضع الرئيس هادي بيضه كاملاً في سلة أمريكا، وظن أن المجتمع الدولي لن يتخلى عنه، لكنهم تركوه عندما شعروا أنه فقد السلطة، وكذلك فعلوا مع الرئيس علي عبدالله صالح بعد خروجه من الحكم، ولن يترددوا أن يعيدوا نفس السلوك مع كل من يتعامل معهم.
لا مناص لليمنيين من حل مشكلاتهم بأنفسهم، وما تزال الفرصة سانحة لتنفيذ ما اتفقوا عليه، ولا ينبغي الركون للرضا الأمريكي على ما قام به الحوثيون من استكمال الاستيلاء على السلطة والسيطرة على دار الرئاسة طالما أنهم سينفذون إرادة أمريكا في الحرب على القاعدة، وستكون مهمة الأمم المتحدة إخراج المشهد وإيجاد المبرر للإنقلاب على الدستور والقانون والتسوية السياسية، لكن ذلك لن يخدم الشعب اليمني، ولن يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة.
تعيش اليمن ظروفاً معقدة بعد استقالة الحكومة ورئيس الجمهورية، والخروج على كل الاتفاقات التي تم التوقيع عليها سيؤدي إلى التشظي والمزيد من الانقسام والفوضىٰ، والرجوع إلى الحق أولىٰ من التمادي في الباطل، ومصلحة الشعب اليمني ليس في فرض هيمنة القوة والعنف، بل في الوئام والتعايش والتعاون بين جميع القوى السياسية من أجل الخروج من حالة الإنسداد التي أوصلنا إليها الإنقلاب على مؤسسات الدولة.
إن البعد عن التماهي مع الأهداف الأمريكية لا يعني العداء لأمريكا، فالحفاظ على المصالح المشروعة للآخرين ضرورة للتعايش بين الشعوب، وعلينا أن نعمل على احترام سيادة الدول واستقلالها، والحرص على أمنها واستقرارها؛ ومن دون التفريط بسيادتنا وأمننا واستقلالنا ونسيجنا الإجتماعي ووحدتنا الوطنية، واليمن سيتسع لكل أبنائه عندما تتوفر لديهم إرادة التعايش والقبول ببعضهم، ومن ثمّ التّـوجه نحو البناء والتنمية بدلاً من ذهاب إمكاناتهم المادية والبشرية في البطش والحروب...

* من حائط الكاتب على "فيس بوك"