كلما اقتربت مليشيات الحوثي في زحفها من العاصمة صنعاء كلما انجلى بعض الغموض عن أهدافها، هذا ما تؤكده الوقائع والأحداث الأخيرة في عمران وهمدان وأرحب وغيرها.
يوم أمس الإثنين قام محافظ صنعاء عبد الغني حفظ الله جميل ومعه عدد من مسئولي المحافظة بزيارة مديرية همدان، وهناك التقى بمشائخ المديرية، واستمع إلى معاناتهم جراء احتلال المليشيات المسلحة لأجزاء من قراهم ومناطقهم.
كما التقى بقادة الحوثيين في همدان وبالتحديد في منطقة «بيت الحداد»التي سيطر عليها الحوثيون مؤخراً، وعلى رأسهم أبو علي الحاكم، أحد أهم القيادات الميدانية لمليشيات الحوثي.
أبو علي الحوثي، وبعد أن بات على مشارف العاصمة صنعاء، لم يعد يقدم نفسه وجماعته على أنها جماعة مظلومة تدافع عن نفسها، كما كان يصنع حينما كانت لا تزال في صعدة وأطراف حجة والجوف، بل بات أكثر وضوحاً فيما يتعلق بأهداف جماعته من الحرب التي تخوضها في عمران وهمدان وكذا أرحب، فحينما التقى به المحافظ جميل يوم أمس الإثنين برفقة الشيخ علي الغشمي وكيل محافظة صنعاء الذي هو أحد مشائخ همدان بصحبة آخرين، كان أبو علي الحاكم واضحاً وصارماً، وخاطب المحافظ جميل بلغة استعلائية مقيتة، تنم عن حقد أسود تكنه تلك المليشيات وقادتها ليس للشعب فقط، وإنما للدولة ومن يمثلونها.
فلقد رفض الحاكم رفضاً قاطعاً التفاوض مع محافظ صنعاء كممثل للدولة، قائلاً : « أنا لا أعترف بك ولا بالدولة التي عينتك محافظ»، مضيفاً بأنه لا يعترف بالدولة ولا بمسئوليها، وأضاف مخاطباً عبد الغني جميل محافظ صنعاء « إذا كنت تفاوضني بإسم الدولة فهذا غير مقبول، وإن كنت تخاطبني كشيخ من خولان فسوف أدعو لك أحد مشائخ خولان الحوثيين يتفاوض معك ».
وحينما أراد الشيخ علي الغشمي وكيل محافظة صنعاء وأحد مشائخ همدان التحدث في اللقاء منعه أبو علي الحاكم من الإدلاء برأيه، قائلاً له «أسكت !»، ثم قال له «من أنت حتى تحدث أنصار الله بإسم الدولة، أنت مجرد شيخ من همدان، أما الدولة فلا نعترف بها».
إذن .. أهداف الحوثيين تزداد وضوحاً كلما اقتربت مليشياته من العاصمة صنعاء، ففي الأمس كانوا أصحاب مظلومية، واليوم باتوا طلاب سلطة، لا يعترفون لا بالدولة ولا بمسئوليها ولا حتى برئيسها.
والواضح أنه لا حدود لطموح تلك المليشيات وقيادتها العمياء التي باتت صنعاء وقصر الرئاسة هاجسها الوحيد، وهذا ما لخصه أحد الذين اقتربوا من زعيم مليشيات الحوثي عبد الملك الحوثي مؤخراً، حيث قال بأن الرجل «بات مصاباً بجنون الوصول إلى العاصمة صنعاء».
وفي عمران لم تكن مليشيات الحوثي صادقة في إعلانها بأنها إنما تخوض حروباً من أجل عزل المحافظ والقيادة العسكرية والأمنية في المحافظة كونهم محسوبين على طرف معين، إذ بمجرد أن رضخت الرئاسة التي كما يبدوا أنها مصابة بحسن الظن الزائد تجاه نوايا مليشيات الحوثي وقامت بعزل المحافظ السابق محمد حسن دماج، إذا بمليشيات الحوثي بدأت تتخلص من رموز الدولة السابقة حتى من أولئك الذين تخالفوا معها سابقاً وأوصلوها عمران.
وفي هذا السياق قالت مصادر مؤكدة أن الحوثيين وعناصر المؤتمر الموالين للحوثي بدأو إجراءات إزاحة أمين عام المجلس المحلي الشيخ صالح المخلوس، الذي كان على خلاف دائم مع دماج، حتى أنه أحد أبرز المتحالفين مع الحوثي لإزاحة المحافظ السابق.
وأفادت المصادر أن مليشيات الحوثي وعناصر الجماعة في المؤتمر يمهدون لتسليم المنصب إلى الدكتور فيصل جمعان أحد أعضاء الجماعة.
كل تلك الأحداث والمواقف تؤكد بأن جماعة الحوثي تعمل على محو كل معالم النظام الجمهوري، والتأسيس للحكم السلالي الذي تخلص منه الشعب في ثورة سبتمبر المباركة.
