الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٠١ صباحاً
ما الذي قدمه لنا ونحن تنازلنا على أكثر من «500 مليار» من ثمن الخبز؟!
مقترحات من

الجيآع يصرخون...!

ما الذي قدمه لنا ونحن تنازلنا على أكثر من «500 مليار» من ثمن الخبز؟!

قد يعجبك أيضا :

انطلاق منصة (مال) للعملات الرقمية المشفرة برؤية إسلامية

الحوثيون يستنجدون باحفاد بلال لرفد الجبهات...ماذا يحدث؟

مصدر ميداني يكشف حقيقة سيطرة الحوثيين على الجوبه!

شاهد الصور الأولية للحوثيين من أمام منزل مفرح بحيبح بمديرية الجوبه عقب سيطرتهم عليها

عاجل...التحالف العربي يعلن تدمر مسيرة حوثية

من المؤكد؛ ليس من الأهمية بشيء، أن يتوجب على المواطن اليمني، دفع تكاليف باهظة من قوته، كفاتورة إضافية على مستجدات، أفرزها عامل مكايدات أحزاب سياسية عقيمة، لم تهب للبلد سوى دوامة صراع جذبت البلد بعنف نحو سقوط مُربع في هاوية النزاعات والفقر والفساد. 
 
هيئة استرداد الأموال المنهوبة، إن كانت نتاج إحساس وصحوة ضمير وطني نزيه وخالص، لم يكن من الضروري أن تُقدم على رغيف خبز الجياع في وطن أسمه اليمن، بل كان من الإنصاف تقديم رغيف الخبز على فائض الإنفاق على نقاشات يؤمن المهرولون إليها، بأنها وهي مازالت مجرد أفكار لا جدوى منها، بأنها عقيمة ولن تضيف إلى أجندة الوطن، غير مزيد من الاقتطاع الظالم من خبز الجياع. 
 
وإن كانت هذه الهيئة، ليست إلا جذوة تأجيج انتقام، لرد صفعة ثأر قديم حان وقت الرد بأقسى منه، فليس حرياً بالجياع من اليمنيين أن يظلوا ملازمين لسد فراغ "حجريَّ الرحى"، منعاً لاحتكاكهما ببعض، وصولاً إلى تفتت أحدهما ودفع الآخر المتبقي ثمناً غير هين من التفتت، رغم عدم تحوله إلى غبار. 
 
المندفعون نحو المطالبة باسترداد الأموال المنهوبة، غالبيتهم نواياهم بدَّد إرث ثقافة الثأر وهذا ليس مجرد اجتهاد شخصي أو شرك من شأنه تقديم خدمة لمتورط في نهب الوطن، وإنما تأكيداً لحقيقة لا يرغب أحد من المندفعين نحو المطالبة باسترداد الأموال المنهوبة، أن تبرز ويدركها جياع هذا الوطن الغالي.
 
أبعاد خفية 
مذكرات رسمية وأخرى لجهات منحت لنفسها حق انتزاع أحقية الجياع في التعاطي مع قضاياهم، وصولاً إلى نيل كافة ما هو لهم دون انتقاض، هذه المذكرات كشفت عن أبعاد خفية، مفادها التراشق بالوطن والظفر بالتفرد بحقوق وخبز الجياع في اليمن. 
 
منذ العام 2005م حيث كان الشعب اليمني الذي لا يمكن أن يرد ذكره في تقارير العالم دون سبقه أو إتباعه بلفظة جياع، حيث كان هذا الشعب يتصنع عيش لحظات إحساس مغايرة مصبوغة بالأمل، حيال إعلان ميلاد هيئة لمكافحة الفساد اشترطها العالم المساند لليمن، لتقديم مزيد من الدعم وبرامج المساعدات، وشكلها القائم على نهب خيرات وموارد الوطن. 
 
إنساني ومتسامح حد السذاجة المفرطة هذا الشعب، ينظر بكثير من الأمل واليقين، إلى القائم بنهب الوطن، ولا يتورع عن مخالطة يقينه ولو بنزر شحيح للغاية من الشك، وزيادة على ذلك يؤمن يقيناً أن التنازل عن الجزء الأكبر من خبزه الذي يسد به رمق الجوع، للقائم بنهب الوطن ضرورة أكثر إلحاحاً، لإعانته على صياغة حبكة تاريخ مريض يختصر محاكاة نفسية حاكم أكثر من التوغل في أقاصي الغي والإفساد. 
 
قانون رقم (36)
الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، شرعن لوجودها قانون حمل رقم (36) لسنة 2006م، والقانون أصدره حاكم وهب لنفسه حق الاستحواذ على كل مقدرات وخبرات الوطن.. هذه الهيئة على مدى ما يقارب العشرة أعوام هل صنعت أو قادت إلى إفراز وضع فارق يستحق التعاطي معه، تحت مظلة الاسم الذي تستظل به؟. 
 
بكل إنصاف لم تصنع سوى فارق، تمثل في توجيه كثير نفقات عن خزينة البلد لصالحها، أما الفارق الذي كان يرتجيه الجياع، تم إلغاؤه من أجندتها، في ممارسة تنم عن خذلان كبير، قابلت به هذه الهيئة أمل الجياع بها، ولم تعاتب نفسها ولو بقليل من العتاب الخفيف. 
 
بعيداً عن القانون رقم (36) لسنة 2006م والقوانين الدولية والإقليمية كافة والتي تتحدث عن مكافحة الفساد، أليس من صميم الولوج للدخول في العمل في هذا الحقل، النزاهة والأمانة والعمل الحيادي والطوعي نوعاً ما، والانتزاع بقوة المسؤولية الحق وإعادته لذويه. 
 
أيضاً ومنعاً للتكهنات؛ مقتضى العمل في هذا الحقل، يستدعي الإفصاح والشفافية، وفي الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد في اليمن، هل حصل أن قام أحد من كل الذين وطأة أقدامهم هذه الهيئة بالعمل وفقاً لميثاق أو وثيقة شرف العمل فيها، هذا الميثاق الذي لم يرد في القانون رقم (36)، ومنصوص هذا الميثاق تقديم كشف حقيقي وأمين، بكل ما يملك من ممتلكات وغيرها، والكشف عن مصادرها وأنها لا يشوبها أدنى علة، ثم تقديم كشف مماثل بما أصبح يملك بعد قضائه فترة عمله في الهيئة، والتنازل عما لا يجوز حيازته بموجب ميثاق الشرف؟!. 
 
"500"مليار 
حوالي خمسمائة مليار ريال، تحولت من خزينة الدولة لصالح هذه الهيئة، فكم الذي أعادته من الخزينة طيلة عشر سنوات، من الموارد والثروات والأموال، التي حولها الفساد إلى أملاك شخصية، ناهيك عن الحقوق المتوجبة للدولة والوطن من الضرائب والجمارك وكافة الرسوم القانونية والزكاة، ومن ثروات الوطن المنهوبة بواسطة الاتفاقيات. 
 
منذ العام 2000 وفق خبراء اقتصاد، بسبب الفساد في إهدار ما يتراوح بين 45 إلى 60 مليار دولار، وتقارير جهاز الرقابة والمحاسبة، أكدت بأدلة قطعية مبلغ يقترب من الـ40مليار دولار، فكم استعادت هذه الهيئة من هذه المبالغ؟.. في انتظار إجابة الهيئة. 
 
من يخفق في تحقيق نجاح في إطار مناخ يضمن له النجاح، كالحاصل مع هذه الهيئة، حيث تقارير جهاز الرقابة والمحاسبة، لو استغلتها هذه الهيئة، فإنها كفيلة في تحقيقها نجاحاً يستحق الإشادة، فلن يكون بإمكانها أن تتحدث حتى عن مجرد النجاح وهي تذهب بعيداً للتعاطي مع قضايا يحكمها مناخ أكثر تعقيداً ولا يمكن لها التعايش معه. 
 
لم يكن غيباً 
إن الحاكم الذي أُلزم بإيجاد هيئة وطنية عليا لمكافحة الفساد، في إطار ضغوط واشتراكات خارجية لم يكن محكوماً بالغباء، ليترك المجال أمام القائمين على صياغة القانون الذي يحكم عمل الهيئة، بل كان من زاوية أو أخرى يستشرف المستقبل، ولذلك فقهاء القانون، يكيفون القانون وفق المتغيرات التي ستقوده إلى دائرة السقوط. 
 
والتناوش العقيم الذي يصيبنا اليوم بالزكام، جراء النقاش حيال استرداد الأموال المنهوبة من الخارج وتؤول تبعيتها غير القانونية لقادة النظام السابق، إن ذلك التناوش العقيم يكشف بجلاء خواءً قانونياً فاضحاً، يحكم قانون الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد. 
 
والخواء هذا ليس محل خلاف، بأنه سبب تقوقع الهيئة في دائرة الضعف والركة، إذ لم يكن بمقدورها أن تنزع حق تمتعها بهيبة الهيئات المماثلة في كثير من الدول، وصار لزاماً عليها أن تبقى مفرغة وتعاني العجز شبه التام، وليس من الحكمة إنكار ذلك، حيث لا يحتاج الحال إلى تأكيد ببرهان وعلى النقيض براهين ضعفها ظاهرة للعيان. 
 
انتزاع الهيئة 
وفي الوضع المماثل سواءً للهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد أو الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، لم يعد أمر الهروب من مواجهة الحقيقة بشجاعة أمراً جيداً، بل صاراً أمر أكثر خيبة، وبدلاً من الهروب من الداخل جراء عدم القدرة على انتزاع استحقاق هيبة الإنقاذ، بدلاً من الهروب من الداخل نحو الخارج، يغدو من العمل السليم، الشروع في امتلاك القوة والشجاعة وبدافع الانتصار لقدسية العمل الرقابي في الهيئة والجهاز والإقرار الجريء بعدم القدرة على مجابهة مراكز القوى، وإعمال القانون في سبيل إرساء العدالة واستحقاق المساواة، ووجوب فعل المُساءلة والمنع وكف المد إلى موارد وثروات الوطن، وحقوق الجياع ورغيف خبزهم، وقد يكون ذلك بداية لتصحيح الوضع، أفضل من الهروب نحو الخارج ومضاعفة الإخفاق المقربة مسبقاً. 
 
كم المبلغ؟! 
أكثر ما يحز في النفس، في التعاطي مع قضية استرداد الأموال المنهوبة، هروب الكثير إلى اقتصار الأمر على الأموال التي غادرت الوطن، ولم يصل المهرولون إلى تنصيب أنفسهم أوصياء على شعب أكثر من نصفه عاش أو يعيش الجوع، لم يصلوا إلى الاتفاق على كم مقدرات الأموال تلك؟. 
 
فهل يُعقل أن يكون بمقدور هؤلاء، وهم لم يتفقوا بعد على رقم واحد، أن يتفقوا على تناوب الأدوار في التفاوض والتقاضي والتمثيل، لاسترداد تلك الأموال، وبكل يقين ومن واقع إفرازات التعاطي الأولي مع القضية، تأتي الإجابة بأنهم لم ولن يتفقون. 
 
ومن البراهين الدافعة على حقيقة ذلك، لجوء الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، إلى أساليب تكشف عن عدم إقرارها بأحقية أي طرف بالتعاطي مع القضية، حيث عمدت إلى توجيه مذكرة بتاريخ 18/3/2014م، إلى رئيس الجمهورية، طلبت فيها منه التوجيه بإيقاف وزارة الشؤون القانونية، عن مواصلة العمل على قانون استرداد الأموال المنهوبة، وإحالته إليها كونها وفق مبرراتها هي المعنية بالقانون وليس سواها. 
 
ما الذي يحصل؟ 
وبالوقوف على ما ورد في هذه المذكرة، لا يمكن الخروج بسوى أحد أمرين؛ أولهما هو أن القائمين على وزارة الشؤون القانونية ليس لهم أدنى معرفة بالضوابط القانونية وكذلك المحددات التشريعية، وهو ما يستوجب عدم بقاءهم ما دام وهم بذاك المستوى من الجهل بالأسس والمحددات القانونية، والأمر الثاني يمثل في عدم امتلاك القائمين على الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، بأدنى معايير لمعرفة القانونية من جهة، ومن جهة أخرى محاولة هذه الهيئة التغطية على إخفاقها في حقل عملها داخلياً وإدراكها ذلك، ومن ثم لجوئها إلى حيلة للتغطية على إخفاقها هذا، من خلال الهروب نحو الخارج، وإيجاد مخرج لها من المُساءلة وتحمل المسؤولية ضياع الموارد والموازنات التي أهدرت بسبب ممارسات وأعمال الفساد المختلفة. 
 
عدم استشعار للمسؤولية 
مذكرة أخرى وهي موجهة من رئيس الجمهورية، إلى رئيس الوزراء نزولاً عند طلب هيئة مكافحة الفساد، والمذكرة المذيلة بتوقيع الرئيس هادي ورقمها (479) وصدرت بتاريخ 4/5/2014م، تضمنت توجيهاً إلى رئيس الوزراء بالعمل بما جاء في مذكرة هيئة مكافحة الفساد، المطالبة بتوقيف وإرجاء قانون استرداد الأموال المنهوبة وإحالته إلى الهيئة وجهات أخرى. 
 
وهذه المذكرة هي الأخرى كشفت عن حجم هائل من عدم استشعار للمسؤولية من قبل شخص الرئيس، والذي كان يتوجب عليه بدلاً عن التوجيه إلى رئيس الوزراء بالعمل بما تضمنته مذكرة هيئة مكافحة الفساد، أن يوجه خطاباً أو مذكرة إلى هيئة مكافحة الفساد، يطالبها فيها بإيضاح ما الذي أنجزته على المستوى الداخلي، في مجال الموارد والثروات المهدرة التي تؤكدها تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، ثم كيف خولت لنفسها أن تعمد إلى طلب وهي لم تستطع أن تفعل شيئاً داخلياً في قضية الأموال والموارد والثروات المنهوبة. 
 
والشق الآخر من التوجيه الذي كان يتوجب أن يوجهه الرئيس هادي إلى هيئة مكافحة الفساد وغيرها، هو التوقف عن الهروب نحو الخارج، حتى يجري الانتهاء من موضوع الداخل، على أن تظل قضية الخارج ضمن الأجندة المخول بها الجهات المعنية، وإيقاف نزيف الإنفاق العبثي للتغطية على الفشل الذريع داخلياً. 
 
أوجه جديدة للفساد 
خبراء عالميون متخصصون في تتبع الأموال المهربة والمشبوهة، يجزمون أنه ليس من الصائب للشعب اليمني، أن ينساق وراء رغبات الأحزاب والتكتلات السياسية خاصة في قضايا هي من صميم استحقاقهم ولا تسقط بالتقادم، مثل الأموال والثروات التي تحولت من ثروة وطن إلى أملاك لأشخاص معدودين. 
 
وفي تقرير نشره المعهد الملكي البريطاني قبل أشهر أورد التقرير ما يشير إلى نصيحة غير موجهة مباشرة للشعب اليمني، ومفادها لن يكون بمقدور الحكومة اليمنية- خاصة الحالية- استرداد أي أموال تحت مظلة أو غطاء التهريب، وقد تضطر الحكومة اليمنية إلى ضعفي المبلغ الذي سيكون بالمقدور إرجاعه، وهذا مكلف للغاية. 
 
ولفت التقرير إلى أن المبلغ الذي قد يتم استرداده لن يتجاوز العشرة مليارات دولار، فيما الذي ستنفقه الحكومة اليمني وهي تقوم بالمتابعة وعملية الاسترداد قد يصل إلى الضعف، جراء عدم وجود ضوابط ومحددات اتفاق تتبعها الحكومة اليمنية، وهذا سيضيف مصدراً آخر للفساد. 
 
وحسب التقرير ليس من السهل على الحكومة اليمنية استرداد الأموال وهي لم تستطع بعد تحديد المبلغ ولو في الحد المتوسط، إضافة إلى أن خروج الأموال من اليمن خلال الأعوام الماضية، كان محكوماً بعوامل يصعب معها الوصول إليها بسهولة، بل قد تحتاج إلى ضغوط وتدخلات دولية قوية للكشف عنها، وهذا لن يكون إلا في إطار عملية مقايضة مصالح، أي مقابل تدخل في شؤون البلد وفرض استثمارات وغير ذلك، ويزيد من تعقد الأمور الملاذات الضريبية، والتي تم تحت مظلتها تهريب الأموال من اليمن، وكما هو معروف الملاذات الضريبية من أخطر العوامل التي تتسبب في إخفاء الأموال المهربة، ومنحها صفة الأموال الشرعية وغير المشكوك فيها، لأنها ترتكز في الأساس على معايير المصالح العابرة للقارات والطويلة المدى والعمل الاستخباراتي ومحددات أخرى شديدة التعقيد تجعل من تفكيكها أو اكتشافها أمراً في غاية الصعوبة. 
 
وحذر التقرير نفسه من تعاظم خطر ارتباط الأموال المصرية من وإلى اليمن بالملاذات الضريبية، وأفاد بأن اليمن جاء في المرتبة الخامسة عالمياً ذات المناخ الإيجابي والملاذ الآمن لتهريب الأموال المشبوهة والقذرة من وإلى اليمن خلال العام الماضي، فيما كان العام الذي قبله في المرتبة الثانية عشر عالمياً، والذي قبله السابعة عشر، وهذا التردي يكشف عن فقدان الدولة اليمنية عملية السيطرة والتحكم في إدارة البلد وهو ما ينذر بكارثة. 
 
ما الذي حققته؟ 
صديق صحفي يمني، ضمن نقاش حول التوجه لاسترداد الأموال المنهوبة في الخارج قال: مثل هذه القضايا والتعاطي معها أمر مهم، لكن في حال كالذي تعيشه اليمن والفوضى والعبث الذي يحكم أي عمل، سيكون على اليمن إذا أرادت أن تسترد مبلغ مليار دولار، سيكون عليها أن تنفق ما بين مليارين إلى ثلاثة مليارات دولار. 
 
أضاف: الشيء الآخر الذي يجب أن يعيه الجميع وهو الوقوف على كم صُرف على الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد خلال ما يقارب العشر سنوات، وما الذي حققته أو أعادته من الأموال؟ حيث صُرف عليها أكثر من نصف تريليون ريال فيما الذي استعادته لا يتجاوز3 بالمائة، إذاً ما الجدوى من هذه الهيئة والتي لا نريد منها أن تعيد ما قد تم فقدانه وتحول من ثروة وطن إلى أملاك خاصة للفاسدين، بل نريد منها أن تعمل على وقف تفشي الفساد والذي يتوسع ويتغلغل أكثر فأكثر. 
 
ونفس الحال سيكون مع استرداد الأموال المنهوبة والتي غادرت الوطن نحو الخارج، ولذلك ما الجدوى من حرمان الجياع من رغيف الخبز، لإيجاد مصادر فساد جديدة لنهب المال العام وثروات البلد، وتحت أغطية قانونية، وهذا معناه ليس نسيان الأمر بل إيجاد كفاءات وخبرات وطنية نزيهة وشريفة وإيكالها بالمهمة. 
 
تقدير كبير 
لم يكن يمر أكثر من ثلاثة أشهر على إقرار تشكيل قوام الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، في تشكيلتها الأخيرة التي دار حولها عدد من الملاحظات، إلا وبدأ يطفو على السطح معلومات مثيرة للقلق. 
 
ومن أبرز تلك المعلومات منح كل عضو من أعضاء الهيئة الجدد مبلغ مائة ألف دولار، وسيارة فارهة وسكن.. تجهيزه وإيجاره كلف الكثير وامتيازات أخرى، كشفت عن إهدار وإنفاق اتسم بالمبالغة ومناقضة أهداف عمل الهيئة، وتم تداول ذلك على مستوى واسع، ولم يجر إعارته أي اهتمام من قبل الهيئة، وهو ما يشير إلى أمور ليست صحية البتة. 
 
ضمان النزاهة 
كوجهة نظر شخصية لا أكثر، قد يكون المشار إليه سلفاً وحصوله ربما من باب تحقيق ضمان نزاهة أعضاء الهيئة عنها أو الصمت عن أجزاء منها وغيرها، ولذلك كان ضرورياً تحقيق الرفاهية لهم في أعلى من حدها المتوسط، عبر منحهم السيارات و... إلخ. 
 
ماذا قدموا؟ 
لكن يبقى الأهم ما الذي قدمه هؤلاء الأعضاء مقابل ذاك التقدير؟ وهذا غير ما قد تقوله الهيئة من استرداد أموال، إن عادت إلى خزينة الدولة، سيكون بمقدور الحكومة ـ التي تتخبط، بحثاً عن مصادر غير تضخمية الاستفادة منها لتمويل عجز الموازنة الذي بات يشكل خطراً على استقرار الأوضاع عامة، وجر البلد نحو أزمات أكثر حدة. 
 
ما يقارب 14 مليار دولار، موارد مهدرة وموازنات تم التصرف بها بالمخالفة لقوانين ولوائح الصرف، وأخرى اختفت ومثلها في حكم المفقود، ورسوم جمركية لم تحصل أو معلقة، وأخرى ضريبة وزكوية وموارد ورسوم محلية، نجزم يقيناً أن كل هذا وغيره كثير، ليس مسؤولاً عن التعاطي معه واسترداده سوى الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، وليس هناك مجال لأبسط الحجج، لقولها يتعثر علينا تحقيق تقدم ونجاح في هذا المجال. 
 
ترسبات 
مبلغ الـ14مليار دولار، يوازي نفس ميزانية العام الجاري، ولكنه كان حصيلة عبث متوالي، وتراكم ترسبات أفرزها فساد متوغل في ثقافة وتعاطي كثير معها من المستكثرين بمناصب حكومية حساسة، وكما يبرهن تقرير بيان الرقابة السنوي للحسابات الختامية للسنة المالية المنتهية في 31ديسمبر2012م، والصادر مطلع عامنا الجاري، مبلغ الـ14مليار دولار في غالبه يخص العام الماضي2013م والباقي من أعوام سابقة. 
 
الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، حدد المبالغ بالدقة، ونطاقها ومكامن الحدوث، حتى صار التعامل معها وإعمال نفوذ واستقلالية هيئة مكافحة الفساد فيها واستعادتها، أمراً يسير ولا يستدعي خوارق، خاصة وأن جهاز الرقابة حدد توصيف كلٍ على حدة، ولم يعد أمام هيئة مكافحة الفساد غير تنفيذ وظيفتها كما تعمل مع حالات موظفين بسطاء، تورطوا عن قصد أو وقعوا ضحايا حسن النوايا. 
 
ومبلغ الـ14مليار دولار، ليس غير دليل فقط لهيئة مكافحة الفساد، يجري وضعه أمامها بحثاً عن إجابة، حول ما الذي أنجزته في هذا الإطار؟ هذا إن كانت قد اطلعت على بيان الرقابة السنوي المشار إليه سلفاً، أما إن كانت لم تطلع عليه بعد، فقد وضع أمامها. 
 
لماذا لا يحركها حديث الفساد؟ 
مقتضى الأمانة والحرص على ضمان تحقيق العدالة، يرتكز على حفظ حقوق الجميع، وليس عدم المبالاة، وغض السمع والبصر، فكم هو كثير ويبعث على القلق، عدم تأثير الفساد على هذه الهيئة. 
 
ما الوظيفة التي تؤديها هذه الهيئة، ونحن ـ منذ إقرار تشكيلها ـ لم نلمس منها هبة واحدة حيال النشر عن قضايا فساد عيارها ثقيل للغاية، أين هي مما يجري نشره، هل بات الحديث عن الفساد لا يمثل لها باعث قلق، ويقودها إلى البحث والعمل، وصولاً إلى تأكد وجود فساد فعلي ومن ثمن إنفادها لوظيفتها، أو وصولاً إلى اكتشاف تزوير وادعاء باطل؟ وحينها يكون دورها واجباً في الاقتصاص من القائم بالنشر، وهذا أيضاً هو أحد محددات مكافحة الفساد. 
 
حارس للأمم المتحدة. 
لماذا هذه الهيئة لم نلمس منها انتفاضة، حين يتعلق الأمر برغيف الجياع وثرواتهم، في حين انتفضت انتفاضة لا مثيل لها، عندما تعلق الأمر باتفاقية الأمم المتحدة، فهل هذه الهيئة جاءت كحارسة فقط، للاضطلاع بمسؤولية حماية اتفاقية الأمم المتحدة؟ 
 
ليس هناك أشنع من الهروب عن مجابهة الحقيقة، وامتطاء جياد الخيال للتغطية على عجز مستفحل في خبايا النفس.. ألم يكن من الأولى أن تدرك هذه الهيئة، بأن عليها أن تجعل الجياع يتحدثون بصوت عالٍ، قائلين: هيئة مكافحة الفساد، وجهت خطاباً أو مذكرة إلى رئيس الجمهورية، تلزمه فيها إلزاماً تاماً وفوراً، "للتركيز تلزمه وليس تطلب منه"، بالتوجيه والمتابعة العاجلة جداً، بتجهيز كتيبة من الشرطة العسكرية، لإلزام شيخ نافذ ومسؤول كبير في الدولة، بالرضوخ وتقديم نفسه للعدالة، لاعتدائه على المال العام وحقوق الجياع، أو تاجر يتهرب ضريبياً.. إلخ. 
 
تقارير جهاز الرقابة 
وللعلم هذا لا يحتاج من هيئة مكافحة الفساد القيام بمعجزة، بل وبكل بساطة تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة تكفي، وإن جاءت النتائج غير ما ورد فيها، تعمد الهيئة إلى إغلاق الجهاز المركزي، وإحالة كافة أطراف القضية إلى المحاكمة ودون أية اعتبارات خارج القانون. 
 
إذ ما الجدوى من الإنفاق على الجهاز المركزي، وهو لا يعتد بما يصدر عنه لدى هيئة مكافحة الفساد؟ مع أن الأصل تقاريره تعد حكماً نافذاً وليس على الهيئة غير سرعة اتخاذ الإجراءات القانونية في المجال الذي تختص به، والشروع في العمل وتنفيذ التشريعات، أما الحاصل فلا يُعد غير فائض في عدم استشعار المسؤولية. 
 
تعديل القوانين 
في غابر الأزمنة وقبل الميلاد بحوالي خمسة قرون، قال الفيلسوف الصيني "كانفشيوس" قُل لي كم القوانين والقوانين المعدلة في بلدك، أُخبرك بأنواع المتآمرين على نهب خيرات وثروات وطنك. 
 
وكم هي كثيرة المتناقضات التي يحتج بها قائمون على مفاصل حساسة في هرم الدولة لإجراء تعديلات في القوانين التي تخصهم، وفي صلب الموضوع، في مذكرة موجهة من الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، إلى رئيس الجمهورية بتاريخ 18 مارس2014م، وحملت رقم (387/1) أكدت رئيسة الهيئة، ان مشروع قانون استرداد الأموال المنهوبة، والذي قامت به وزارة الشئون القانونية، بأنه تبين لها وهيئتها وجود تعارض بينه وبين اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، والقوانين النافذة ذات العلاقة، وأنه ينشئ ازدواجية وتضارباً في الاختصاصات مع هيئتها وبقية الأجهزة الرقابية. 
 
وفي مذكرة أخرى لهذه الرئيسة، موجهة إلى رئيس الجمهورية بتاريخ 7 أبريل 2014م وحملت رقم (484/1) هذه الرئيسة طلبت من رئيس الجمهورية تطوير قانون مكافحة الفساد رقم (39) لسنة 2006م من حيث إجراء تعديلات عليه وتضمينه الآتي: تعزيز فاعلية الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد بما يتفق مع مخرجات الحوار الوطني ويتواءم مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. 
 
وبالتدقيق بين ما ورد في المذكرة، خاصة ما يتعلق باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، يتضح وجود تناقض ليس عادي ففي المذكرة الأولى تقول هذه الرئيسة إن مشروع قانون استرداد الأموال المنهوبة يحوي تعارضاً بينه وبين اتفاقية الأمم المتحدة التي تخول لهيئتها الاضطلاع بدور صياغة القانون وما يلي ذلك، وفي المذكرة الثانية تطلب من رئيس الجمهورية تطوير قانون مكافحة الفساد ليتواءم مع اتفاقية الأمم المتحدة. 
 
قانون ناقص 
وهذا بحد ذاته يكفي للتأكد على أن هذه الهيئة، لا هم لها إلا التسابق على التفرد بالقيام بالأدوار دون غيرها، وثانياً أنها لا تدرك معنى أن تورد في مذكرتين رسميتين ما سلف ذكره، أي في الأولى تحتج بوجود تعارض والثانية تطلب التطوير للمواءمة، فكيف يكون ذلك؟ 
 
ولذلك ما ورد في المذكرتين كافٍ، للقيام بحل هذه الهيئة حلاً تاماً، لأنها تمارس نشاطاً لا يتلاءم مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، كما أن طلب رئيستها من رئيس الجمهورية، إضافة نصوص تعريفية وغير ذلك إلى قانون هيئتها يؤكد على أن القانون الذي تعمل به هذه الهيئة ناقص، لديباجة سريان عمل القوانين، حيث لا يجوز العمل بقانون ناقص، وهذه أكبر حجة على عدم قانونية الهيئة، ووجوب حلها وإلزام كل أعضاءها السابقين واللاحقين بإعادة كل ما حصلوا عليه تحت مظلة العمل فيها، وإحالتهم إلى التحقيق. 
 
لا حباً ولا كرهاً 
يقول الشاعر الهندي "ت. س. أليوت": "لا أحب الذين أدافع عنهم، ولا أكره الذين أجابههم".. وبكل تجرد ليس هناك أي جدوى، من الاستمرار في الاقتطاع من خبز الجياع، لتحقيق ثراء أشخاص تحت مظلات مختلفة، لا تقدم شيئاً مما يتوجب كاملاً دون انتقاص. 
 
فإذا كان رئيس الجمهورية يؤكد علناً أن سبب أزمة المشتقات النفطية بدرجة رئيسية، وجود مهربين ومتاجرين بالمشتقات، ومثله وزراء النفط والمالية و...إلخ، ويمر هذا دون أن يقف أحد على تأكيداتهم، الجهاز المركزي وهيئة مكافحة الفساد وغيرهما، فلا جدوى من الإنفاق على هذه المؤسسات. 
 
ثورة الجياع 
ومع استمرار الوضع قائماً فلا حل غير أن يستشعر كل مواطن ومسؤول حجم الأمانة الملقاة على عاتقة تجاه الوطن، والبدء بجردة حساب، فلم يعد في أفئدة الجياع من الشعب اليمني والذين يتجاوز عددهم أكثر من 10ملايين نسمة، حتى مجرد نزر قليل من الصبر والاحتمال. 
 
ولا أحد يجهل أن ثمن الكرامة ليس يسيراً، فإذا كان لا مناص من الخروج من دائرة الاستمرار في تدمير الوطن ونهب الثروات والعبث بالخيرات والموارد، والتأكيد على ذلك من أعلى هيئة رقابية وهي الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، والذي أضحت تقاريره ليس أكثر من مجرد إهدار للورق والطبع، كونه لا يؤخذ بما فيها من قبل المخولة بمكافحة الفساد وهي الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد.. إذا كان لا مناص من الخروج من هذه الدائرة، فلن يكون هناك حل غير حل واحد وهو إدراك الجياع لحقهم والعمل على استردادته حفظاً لكرامتهم، ولهذا أضحت ثورة الجياع هي الحل. 
 
وإذاً فلتكن ثورة الجياع هي الفيصل في استرداد كرامة الوطن والإنسان، ولن يكون أي تغيير شكلي في ملامح أي حكومة، مشبعة وغارقة في وحل الفساد، روشته علاج وحيلة ستنطلي على الجياع البتة، لأن تغلغل الفساد ورعايته رسمياً، لن يزال إلا بزوال الراعي والحامي أياً كان. 
 
وقد سبق القول حيث قال الشاعر الفضول عبد الله عبد الوهاب نعمان "أنت القطار بلا محطات انتظار". 

الخبر التالي : النائب العام المصري يفرج عن مراسل الجزيرة عبد الله الشامي

الأكثر قراءة الآن :

هام...قيادي بارز في المجلس الانتقالي يُعلن استقالته(الإسم)

رئيس مجلس الشورى يحث واشنطن على ممارسة ضغط أكبر على الحوثيين !

منظمة ميون تجدد مطالبتها للحوثيين بفك الحصار على مديرية العبديه

بحوزة سعودي ومقيم...السلطات السعوديه تحبط تهريب شحنة مخدرات ضخمة

الخدمة المدنية تعلن يوم الخميس اجازة رسمية

مقترحات من

اخترنا لكم

عدن

صنعاء

# اسم العملة بيع شراء
دولار أمريكي 792.00 727.00
ريال سعودي 208.00 204.00
كورونا واستغلال الازمات