2020/04/02
فيروس كورونا يعفي اليمن من ويلاته حتى الآن

من المفارقات العجيبة واللافتة، أن بلدا فقيرا هو اليمن يعاني ويلات الحرب والصراع والتفشي المتكرر للأوبئة؛ يعيش سليما معافى حتى اليوم من فيروس كورونا الذي ضرب معظم دول العالم وأدى إلى وفاة عشرات الآلاف وإصابة مئات آلاف آخرين.

ولم يسجل اليمن حتى اليوم أي إصابات بفيروس كورونا، وسط مخاوف متكررة وتحذيرات من أنه في حاله وصوله إلى البلد، سيكون له تبعات ونتائج كارثية في شتى المجالات، سيما أن هذا البلد الفقير يعاني من تدهور حاد في القطاع الصحي الذي بات شبه مدمر.

وعلى الرغم من عدم انتشار هذا الوباء في اليمن، صنع هذا الفيروس تأثيرات كبيرة على حياة السكان وعلى أعمالهم وحياتهم اليومية، وسط الإجراءات المتكررة المتخذة من قبل السلطات الحاكمة، سواء الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، أو جماعة الحوثيين، التي تسيطر على العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى مكتظة بالسكان.

وضمن الإجراءات الاحترازية الرامية إلى منع وصول فيروس كورونا إلى اليمن، اتخذت مختلف السلطات إجراءات احترازية بينها إغلاق المنافذ الجوية والبرية وإيقاف العملية التعلمية بشكل عام، إضافة إلى إغلاق صالات الزفاف والمناسبات والمؤتمرات، مع إغلاق الحدائق العامة وبعض الأسواق.

ويشكو اليمنيون من التأثيرات السلبية التي جلبها هذا الفيروس على حياتهم، رغم عدم وصوله إلى البلاد، بسبب الإجراءات المتخذة التي أوقفت العديد من الأعمال، وأثرت بشكل كبير على حياة المواطنين الذين يعانون بالفعل من أزمة إنسانية كبيرة، حتى ما قبل المخاوف التي أثارها الفيروس التاجي.

وأجبر العديد من اليمنيين على إيقاف أعمالهم مؤقتا وبقائهم في منازلهم حرصا على سلامتهم من الفيروس، فيما يشكو آخرون من أن المخاوف من انتشار الفيروس قد أدى إلى ضرب حركة السكان في الأسواق والمؤسسات وغيرها.

آلاف العالقين في قلب اليمن

المخاوف من انتشار الفيروس، جعل جماعة الحوثي تقرر منع دخول أي مسافر ومواطن إلى المناطق الخاضعة لسلطتها من المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، فيما قامت الحكومة الشرعية بإجراء مماثل.

وأدى هذا القرار إلى خضوع الآلاف من المسافرين للحجر الصحي في ظروف سيئة بمحافظة البيضاء التي توصف بأنها قلب اليمن، وسط شكاوى من الظروف الصعبة التي يعانيها هؤلاء الخاضعين للحجر الصحي.

وقال مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، "إن هناك مخاوف بشأن آلاف الأشخاص، بينهم مهاجرون(من القرن الإفريقي) بمرافق الحجر الصحي في ظروف سيئة ومزدحمة بمناطق مختلفة في البلاد، كجزء من التدابير الاحترازية ضد كورونا".

وأكد أن" شركاء العمل الإنساني، يقدمون مساعدات منقذة للأرواح، للأشخاص في مرافق الحجر الصحي".

ويقول محمد القحم وهو أحد العالقين الخاضعين للحجر الصحي في منفذ عفار بمحافظة البيضاء لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ)، إنه يعيش ظروفا صعبة بسبب عدم وجود خدمات أساسية في الحجر الصحي.

وأضاف:" الظروف هنا مأساوية للغاية، والناس يعيشون في واقع مزدحم غير خاضع لأي إجراء صحي سليم، ما قد يؤدي إلى انتشار هائل للفيروس إذا كان أحد المتواجدين مصابا بكورونا ".

وتابع:" طالما هناك ضرورة وتشديد من قبل السلطات حول الحجر الصحي، يفترض أن يتم تقديم الخدمات الأساسية للمتواجدين هناك، ومحاولة التفريق فيما بينهم وعدم الزج بالعديد من الأفراد في غرف ومدارس تخلو من أي خدمات صحية".

كورونا يفقد اليمنيين الدخل

مع بدء الإجراءات الاحترازية الرامية لمنع وصول كورونا، تأثر العديد من اليمنيين وفقدوا فرص عملهم، بسبب توقف المؤسسات أو الأماكن التي يعملوا فيها، والتي أغلقت إجباريا، كما حدث في العديد من دول العالم.

ومن بين الذين فقدوا أعمالهم حاليا وتوقف دخلهم، عصام مهيوب وهو يعول 6 من الأطفال ويعيش في العاصمة صنعاء.

يقول في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية ( د. ب. أ)، إن فيروس كورونا تسبب في صنع تأثيرات سلبية على حياته، بعد أن توقف عمله في إحدى الوكالات المعنية بخدمات الحج والعمرة والسفر بصنعاء.

وأضاف:" توقف عملنا في الوكالة بشكل كامل، بعد أن تم إغلاق المنافذ البرية والجوية، وإعلان السلطات السعودية تعليق أداء العمرة".

وتابع:" حاليا أعيش بدون دخل، وأتمنى كثيرا انتهاء هذه الجائحة التي سببت لنا أزمات نفسية ومعيشية، رغم إنها لم تصل اليمن".

مأساة في بلد تطحنه الحرب والأوبئة

لم يكن فيروس كورونا هو الوباء الأول الذي يخشاه اليمنيون حاليا؛ فقد عانوا كثيرا خلال الفترة الماضية من تفشي الأوبئة كالكوليرا الذي أودى بحياة أكثر من 3700 شخص منذ العام 2017، وفقا لتقارير أممية رصدت أيضا وجود أكثر من مليوني حالة يشتبه إصابتها بالوباء ذاته في اليمن خلال الفترة ذاته.

وفي حال مجيئ فيروس كورونا إلى اليمن، فإن الوضع سيكون مختلفا ومأساويا بشكل أكبر من السابق، خصوصا أن هذا الوباء عجزت أمامه العديد من الدول في التصدي له.

وتقول الصحفية اليمنية المختصة بالجانب الإنساني عفاف الأبارة في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، إن فيروس كورونا له تأثيرات كبيرة على المجتمع اليمني الذي تطحنه الحرب والأوبئة للعام السادس على التوالي.

وأضافت:" لقد لاحظنا الكثير من الإجراءات الاحترازية التي قامت بها الأطراف المتصارعة من أجل مكافحة الفيروس؛ لكننا شاهدنا إجراءات بها الكثير من الاستفزاز والاستغلال لوضع المواطن، وتعريض حياته للخطر الحقيقي".

وتابعت" على سبيل المثال: استغلال جماعة الحوثي لوضع المواطنين القادمين من الخارج واستخدامهم كورقة سياسية للانتقام من خصومها في المملكة العربية السعودية والحكومة الشرعية، حيث لم تراع الجماعة وضع المواطنين المصابين بالأمراض المزمنة والأمهات والآباء الكبار في السن، الذين تم وضعهم في حجر صحي يفتقر لأدني مقومات الحياة".

ولفتت إلى أن:" الكثير من اليمنيين يعيشون حالة من الخوف والهلع من هذا الفيروس الذي لم يصل بلادهم بسبب الهالة الإعلامية الكبيرة التي غطت انتشار الوباء في العالم".

وذكرت أنه بالفعل قد أدى هذا الوباء إلى تأثيرات اقتصادية ومعيشية كبيرة على العديد من المواطنين الذين فقدوا أعمالهم سواء في المدارس أو الجامعات الخاصة التي لا تسلم مرتباتها إلا وقت العمل، أو الصالات العامة والحدائق وحتى وسائل النقل التي يعمل فيها نسبة كبيرة من اليمنيين".

وبينت أنه:" في بعض المحافظات تم إغلاق أسواق ومولات تجارية، وهو الأمر الذي سيحرم الكثير من اليمنيين من فرص عملهم، بحثا عن سلامتهم الصحية".

وأضافت الأبارة لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) قائلة" ننادي كل الأطراف إلى احترام الانسان أولا واتخاذ الإجراءات اللازمة معه بشكل صحيح والحفاظ على ما تبقي من كرامة وحرية لأبناء هذا الشعب المغلوب على أمره".

واختتمت قائلة:" بالتكاتف وتوحيد الجهود سيخرج الشعب من أزمة كورونا بأقل الخسائر، لكن ما نراه على أرض الواقع العكس، فالميليشيات والتشكيلات العسكرية التي أفرزتها الحرب ستواصل مشاريعها التخريبية، ولن يأتي اليوم الذي يهمها معاناة شعبها وآلامه وكل همها تنفيذ ما يملى عليها الخارج فقط".

تم طباعة هذه الخبر من موقع يمن برس https://yemen-press.net - رابط الخبر: https://yemen-press.net/news114198.html