2007/03/15
المرأة اليمنية امام ثلاثية التهميش والامية والظلم الاجتماعي
تحتفل المراة اليمنية بيوم المرأة العالمي وهي اكثر ادراكا لاهمية مواجهة ثلاثية التهميش والامية والظلم الاجتماعي بحكم ان المجتمع اليمني هو مجتمع قبلي يغرس الكثير من المفاهيم التحيزية ذات الترجيح لصالح الرجل ويمكنه للسير بعيدا في مستوى التسلط وطغيانه على المرأة. يسود السلوك السلطوي في المجتمع اليمني بعامة والأسر بشكل خاص، فالأب التسلطي المهيمن يمثل نموذجاً للسيطرة والذي يعتبر كافة أفراد الأسرة نموذجاً للخضوع، ويرتبط بالسلطوية الموروث الاجتماعي الذي يظهر في تفضيل إنجاب الذكور على الإناث الأمر الذي يزيد من فرص التمييز لا سيما إذا كان المولود أنثى. وتمجد ثقافة المجتمع السائدة عموما سلطة الأب وسلطة الذكر لتفتح المجال للتمييز لصالح الرجال، ونتيجة لتدني مستوى التعليم وانتشار الأمية والفقر والأمراض فأن الكثير من القوى المجتمعية تستغل ذلك للتفسير الخاطئ للدين في توظيفه وتبريره للتميز والعنف ضد المرأة بل ويجري في العديد من الحالات تجاهل تلك النصوص الدينية الصريحة والواضحة لصالح حقوق المرأة بل ويتم الاسترشاد بالعادات القديمة والمتوارثة. وبالرغم من أن معظم القوانين المدنية اليمنية تستند على مبدأ المساواة بين الجنسين إلا أن التمييز ضد المرأة يعود بالدرجة الأساسية إلى التنشئة الاجتماعية التي ترتبط بأنواع من السلوك السائدة في المجتمع اليمني المحافظ , هذه التنشئة تعطي للذكر كل الصفات الحميدة وتظهر الإناث في مرتبة أدنى وتسعى إلى حملهن على قبول هذا الوضع باعتباره من الأمور المسلم بها حيث تؤكد هذه الأدوار في الأسرة والتعليم الرسمي والإعلام . وهذه التنشئة تحد من قدرات المرأة وإمكاناتها ومهاراتها وتضيق من قدرتها على الاختيار وعلى المشاركة الإيجابية في التنمية وحركة التطور في المجتمع. ولقد تبين أن النساء يتعرضن بشكل عام لتمييز أسري ومجتمعي واسع دون أن تكون هذه الممارسة ضد المرأة موضع مؤاخذة أو مساءلة لأنها لا تعتبر جريمة ويقبلها المجتمع باعتبار أنها سلوك لازم لإعداد الإناث لدور مستقبلي حيث تبقى المرأة تحت وصاية الرجل وقوامه مهما كانت سنها ومركزها الأسري والعملي. وبالرغم من ممارسة المرأة لحقها في العمل إلا أن النظرة لها كأنثى لم يتغير وتعاني تمييزا كبيرا على أساس النوع في حصولها على الفرص الاقتصادية والسياسية وتمكينها الفعلي اقتصاديا وسياسيا. ويحتل موضوع المشاركة السياسية للمرأة أهمية خاصة، في ظل النظام العالمي الجديد وتزايد الدعوات للإصلاح والديمقراطية، وبالذات في بلدان العالم الثالث، وتمثل الانتخابات وسيلة لتمكين المرأة من تبوء مكانتها في مؤسسات صنع القرار على اعتبار أنها تشكل نصف المجتمع. وهي حق أساسي من حقوق الإنسان الذي يجب أن تتمتع المرأة به. ومن خلال قراءة لواقع تواجد المرأة اليمنية في الأحزاب السياسية والمناصب الحكومية يمكننا ان نلاحظ بحسب الارقام الاخيرة أن المؤتمر الشعبي العام (الحزب الحاكم) فيه امرأة أمين عام مساعد و4 نساء في اللجنة العامة و89 في اللجنة الدائمة في حين أن الاشتراكي لديه امرأة أمين عام مساعد وامرأتان في المكتب السياسي و 38 في اللجنة المركزية،وفي حزب الإصلاح امرأة واحدة في الأمانة العامة و13في مجلس الشورى والوحدوي الناصري امرأة في الأمانة العامة و7 في اللجنة المركزية. من ناحية ثانية لا يزال للمرأة مقعد واحد في مجلس النواب ( البرلمان) من إجمالي 301، ومقعدان في مجلس الشورى من 111 مقعدا ووزيرتان وسفيرة واحدة من إجمالي57 سفيرا، وامرأتان بمنصب وزير مفوض من إجمالي 108 و4 وكيل وزارة من 27 و11 مدير عام من 83 و32 قاضيا من 1200 قاض كما يمكن ان نذكر أرقاما أخرى عن تمثيل النساء في مكتبي رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء حيث لا توجد سوى امرأة واحدة بدرجة نائب وزير من 21 في مكتب رئاسة الجمهورية، وواحدة وكيل وزارة من 26 و4 وكيل وزارة مساعد من 57، و6مدير عام من 39 ومستشارة واحدة من بين 60، في حين لا توجد أي امرأة في رئاسة الوزراء بمنصب نائب وزير، وامرأتان وكيل وزارة من 29 ومثلها وكيل وزارة مساعد من 13، و11 مدير عام من إجمالي 94 وثلاث بدرجة مستشار من إجمالي 14مستشارا. ورغم دعوة عبد القادر باجمال، رئيس مجلس الوزراء اليمني في شهر مارس/ آذار الماضي، كافة الأحزاب السياسية إلى إفساح المجال أمام مشاركة المرأة في الانتخابات القادمة وتخصيص دوائر بعينها تتنافس فيها النساء فقط من مختلف الأحزاب، إلا أن هذه الدعوة لم تجد آذانا صاغية لدى رجال القبائل الحزبيين. وتطمح الناشطات اليمنيات في زيادة عدد مقاعد النساء في مجلس النواب، حيث يقتصر وجود المرأة هناك على مقعدين فقط. غير أن تلك الدعوات والأمنيات لم تدفع سوى بـ 15 مرشحة فقط، انسحبت منهن 4 مرشحات للتسجيل على قائمة المرشحين من أصل 1396 مرشحا لدورة 2003، منهن ست نساء فقط على قائمة الأحزاب التي تصل إلى 20 حزبا. وتتمثل المفارقة في أن عدد الناخبات المسجلات في جداول قيد الناخبين لهذه الانتخابات يبلغ 3.514.114 مليون ناخبة، من أصل 8.097.162 ناخبا مسجلا. مما يدفع إلى التساؤل حول أسباب الفجوة الحاصلة بين الكم والقوة التي تمثلها المرأة في الحراك السياسي لليمن. وبحسب ما ترصده وزارة الخارجية الأمريكية في تقاريرها السنوية عن اليمن، فإنه حتى عام 2001، كان هناك امرأتان فقط في مجلس النواب البالغ عدد مقاعده 301 مقعدا، وسيدة واحدة فقط في الحكومة في منصب وزير دولة لحقوق الإنسان، وهي المرة الأولى التي تتبوأ فيها امرأة منصبا وزاريا في اليمن، و35 امرأة منتخبة في مجالس محلية. في حين لم تتواجد أي امرأة في منصب قضائي بالمحكمة العليا. لكن المؤشرات التي لا تزال تلقي بالكثير من التساؤلات حول أسبابها، هي تلك المتعلقة بالمفارقة بين الزيادة المضطردة في عدد الناخبات في المجالس النيابية الثلاثة منذ الوحدة، والتي يقابلها تقلص واضح في عدد المرشحات. وبحسب ارقام اخرى ارتفع عدد الناخبات اليمنيات من 500 ألف في انتخابات عام 1993، إلى 1.5 مليون عام 1997، ليصل إلى أكثر من 3.5 مليون امرأة في انتخابات عام 2003. لكن عدد المرشحات تناقص من 52 مرشحة عام 1993، إلى أقل من النصف، حيث وصل 19 مرشحة عام 1997، ثم إلى 11 مرشحة فقط عام 2003 يشار إلى أن عضوية المرأة في معظم الأحزاب اليمنية ممثلة فقط في قطاع خاص بالنساء، ويعود ذلك إلى تقاليد اجتماعية موروثة وأحيانا تفسيرات دينية لدى البعض، يضاف إليها طبيعة تكوين النظام القبلي الذي يسهم بقوة في الحياة السياسية لليمن، حيث للرجل المكانة المتصدرة. كما أن ترشح المرأة بشكل مستقل عن الأحزاب لن يحظى بقدرة على التأثير في الحملات الانتخابية المحمومة، وذلك "لأنه ليست هناك استقلالية اقتصادية تمكن المرأة من الإنفاق على الدعاية الانتخابية" وفي بلد محافظ كاليمن، تلعب القبيلة والعادات والتقاليد أدوارا مختلفة بالغة التأثير في إيجاد ضغوط اجتماعية، حيث يمكن أن يلاحظ بوضوح "دفع الرجال للنساء من أجل التسجيل .. وفقط" فالرجال في اليمن يريدون المرأة صوتا وليس نداً منافسا. وبعد الفقر، والقبيلة، تأتي ثالثة الأمية، حيث تشكل أمية المرأة اليمنية عائقا رئيسيا أمام توليها لمهام أساسية في الحياة داخل المنزل وخارجه، لتحيط بالمرأة اليمنية. حيث تبلغ نسبة الأمية عند النساء اليمنيات 76 في المائة بشكل عام، وفي بعض المناطق الريفية تصل إلى 96 في المائة. ورغم تناول الصحف اليمنية لقضايا المرأة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والصحية والسياسية والقانونية بالإضافة إلى الأسرية، لم تعبر الصحافة اليمنية عن هموم ومشكلات المرأة اليمنية على المستوى المجتمعي طوال فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين. والمتتبع لتاريخ اليمن يمكن أن يدرك بأن المرأة احتلت مواقع هامة على قمة الهرم السياسي (الملكة بلقيس و السيدة أروى بنت أحمد الصليحي) في حقبتين تاريخيتين قبل الإسلام وبعده ما يؤكد وجود وعي حضاري وتاريخي لا يميز كثيرا بين المرأة والرجل. الدستور اليمني كفل للمرأة الكثير من الحقوق وخاصة في الجوانب السياسية والعمل والتعليم مما مكن المرأة من المشاركة والإسهام في الحياة الاجتماعية وخاصة دستور ما بعد الوحدة الذي كفل التعددية الحزبية ودعا للمشاركة الشعبية في العمل السياسي.
تم طباعة هذه الخبر من موقع يمن برس https://yemen-press.net - رابط الخبر: https://yemen-press.net/news675.html