الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٠٨ صباحاً

إنهم ينتظرون غدٍ أفضل..!

د . محمد ناجي الدعيس
الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠١٣ الساعة ٠٦:٥٥ صباحاً

قبل أكثر من شهرين كشفت محطة تلفزيون " سكاي نيوز " الأميركية، أن اكبر منبع نفط في العالم يصل إلى مخزون نفطي تحت الأرض هو في اليمن، ويمتد قسم منه إلى السعودية بجزء بسيط على عمق 1800 متر، إلا أن المخزون الكبير هو تحت ارض اليمن، ويُعد الأول في العالم، من حيث المخزون، وإذا كانت السعودية تمتلك 34% من مخزون النفط العالمي، فان اكتشاف هذه الآبار من النفط في اليمن يجعل اليمن تمتلك 34% من المخزون العالمي الإضافي.. وقد كنت أشرت في مقالٍ سابق عن نتائج مسوحِ الشركات الأمريكية عن النفط وعلى وجه الخصوص في منطقة الجوف اليمنية والتي أكدت النتائج عن وجود كميات كبيرة من المخزون النفطي أطلقت عليها في التقارير اسم " بحيرة نفطية يمنية "..

وبشيءٍ من التأمُّل السطحي لا المعمّق في مجريات الأمس واليوم نجد أن نسبة كبيرة من الخبر تقارب الصِّحة والحقيقة لما تفسره نظرية النشأة العضوية للبترول، وهي الأكثر قبولاً بين العلماء المعاصرين لأسبابٍ عِدّة أهمها :
• أولاها اكتشاف الغالبية العظمى من حقول البترول في الصخور الرسوبية، وبالقرب من شواطئ البحار، أو في قيعانها مثل خليج السويس والخليج العربي وبحر الشمال. أما البترول الموجود في بعض الصخور النارية أو المتحولة، فإن مصدره هو الهجرة من صخور رسوبية مجاورة.

• ثانيها: أن الزيت المستخرج من باطن الأرض يحتوي، عادة، على بعض المركبات العضوية، التي يدخل في تركيبها النيتروجين والفوسفور والكبريت، وهي عناصر لا توجد في كربيدات الفلزات Carbides، بل توجد في خلايا الكائنات الحية فقط، سواء كانت حيوانية أم نباتية.

• وأمّا ثالثها والأخير: تميز البترول بخاصية النشاط الضوئي التي تكاد تنفرد بها المواد العضوية. ولما كانت المواد العضوية المترسبة هي المصدر الأساس الذي نشأ منه البترول، فإن صفاته الطبيعية وخصائصه الكيميائية تختلف باختلاف طبيعة الكائنات الحية، ومكونات الصخور الرسوبية الحاوية له، وهناك معايير ضرورية لتقويم صخور المصدر، من حيث إمكان وجود البترول فيها ونوعه، وإمكان إنتاجه، منها أن تكون صخور المصدر غنية بالمواد العضوية.

وبما أن اليمن تعد مهد الحضارات منذ ملايين السنين وقد طُمر تحت الأرض بعوامل مختلفة كسيل العرم ــ على سبيل المثال لا الحصر ــ ألا تعد تلك الحضارات المطمورة في باطن الأرض اليمنية بكل عناصرها المكونة مصدر أساس لتكوّن النفط تحت هذا البلد الفقير؟ أم أنه قد هاجر إلى صخور رسوبية مجاورة لا حضارة لبلدانها عرفت قديماً وأصبحت ذا ثراء فاحش بفضل المصدر الرئيس لنشأة البترول المهاجر إليها؟ هل الصراع القائم لإخراج اليمن إلى بر الأمان من الأشقاء والأصدقاء محوره ذلك الخبر النفطي وغيره من ثروات البلد التي لا يعلم عنها إلا الله والراسخون في السياسة الإقليمية والدولية؟ ألا يقع على عاتق من يدعون بأحقية الوصاية والولاء الوطني أن يطالبوا بفحوص وتحليلات مخبرية عن أساس نشأة البترول في شبه الجزيرة ومن أين مصدره الفعلي حتى اللحظة ؟

وبما أن المشكلات اليمنية المستدامة ــ أيضاً ــ يكمن سببها الرئيس في الفقر، وأن الثروة لا توهب ولا تورّث وإنما تُصنع..! فهل المتحاورون في مؤتمر الحوار الوطني متنبهون لذلك جنباً إلى جنب مع الجانب السياسي؟ أم أن أعضاء مؤتمر الحوار قد تلبسهم الجهل ليتخلصون من مكونين فقط هما الفقر والمرض، ويظل الغالب من الناس في معاناة بين المكونات الثلاث الفقر والمرض والجهل وهم ينتظرون غدٍ آخر أفضل؟ وهل يعقل في عصر عولمته المادة هي أساس العلاقة والتعامل أن تصارع تلك الدول على اليمن حباً في سواد عيون تحمل غالب ناسه ثالوث لفقر والمرض والجهل..!!!