الثلاثاء ، ١٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٠٢ صباحاً

الرده الحضاريه

سامي العليمي
الاثنين ، ٢٨ يوليو ٢٠١٤ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
بعد الثوره الفرنسيه تم تحرير الانسان الاوروبي ليس فقط في فرنسا وانما في باقي اقطار اوروبا , النبلاء ورجال الدين لم يمثلون اكثرمن التسعون بالمائه من مكونات الشعب الفرنسي لكنهم حازوا على اكثرمن التسعون بالمائه من مقدرات واموال العامه والشعب قبل الثوره التي كانت بعام 1778 تقريبا . وفي العام 1798 احتل نابليون مصر حاملا معه ثقافه جديده مدعيا نشر العماره في الارض بالعلم والمعرفه وسمي جيشه ايضا بالمستعمر وليس المحتل وهنا كانت اللبنه الاولى للرجل الاوروبي الحديث وظهور العديد من الافكار والثقافات التنويريه المجتمعيه شرقا وغربا . في روسيا ايضا تأثر فلاسفه ومفجروا الثوره البلشفيه مهتدين بعلوم ومخطوطات الفرنسيين التحرريه لكل ما هو قديم :وما يتعلق بالكنيسه , انظمه الحكم وغيرها

مع حل الخلافه العثمانيه رسميا من قبل اتاتورك عام 1924 ظهرت اول قوه قوميه اسلاميه ومنها اشتقت اخواتها الايرانيه والعربيه , القوميه العربيه استهدت من فكر ومنجازات الشرق في ما يسمى النظام والمفهوم الاشتراكي , فشعاراتهم كانت حريه عداله ووحده اشتراكيه , اختلفت الاسماء من بعث وقومي واشتراكي لكنها بالمضمون ابقت على الانتصار للمضمون المتعلق بالحقوق الفرديه والمجتمعيه , استطاعت بعض الحركات بالقضاء على انظمه حكم قديمه ملكيه سلاليه واخرى اسريه , الاشتراكي اليمني مثالا فقد وحد كامل ارض الجنوب بعيدا عن سلطات الاسر الارستوقراطيه المشائخيه , وعملوا معا لترتيب ابجديات نظام حكم جديد مستورد خارجيا .

مع مطلع الالفيه الثالثه تقدمت تلك المجتمعات التي حكمت بالعدل والحريه والمساواه ولو كانت كافره , وسقطت بعضها بسبب تداخل ومحاوله الإلتفاف على منجزات هذه الحركات الشعبويه الهادره الصاخبه في الارجاء في كل قطر عربي , ظهور حركات شعبيه واخرى دينيه لم تكن وليده اللحظه وانما على تفكيك وتكسير الحركات السابقه لها ومن ثم إعاده ترميم نفسها من نفس ذات المبداء والبعيد عن الحدث والتصرف كليا .

الحركه الحوثيه سلاليه هادويه جاروديه لا تستقيم الا بداعي الدعايه الدينيه كالوصايه في الحكم وتقسيم الناس بين مؤهل رباني للحكم وغيره العبد الذي دوره فقط ان يعمل ويدفع الخمس لأسياده , هنا جليا نرى تحالف احفاد مبادئ التنوير القومي العربي يؤيد هذه الاشياء لسببين اما التعصب السلالي او الفجور بالخصومه مع اقرانه السياسيين ,ومع اعاده ترتيب البيت الحركي الديني العربي كان بالاتجاه المعاكس الذي سلكه نابليون او حتى لينيين واستالين الثوريين كما يسميهم البعض , ظهور ما يسمى اشتراكيه عربيه مشروخه مشتته غير مجتمعه الاهداف والرؤى , لا تنتصر للمساواه التى نشدوها على الدوام ولم يضل علمهم العدل والحريه , الغطرسه والكبر هي من تعيدنا الى مربعنا الاول نحو الرده الحضاريه وتقسيمنا الى اييدلوجيات طبقيه ارستوقراطيين واخرين براجوازيين وبوليتاريين , لم اكن اتخيل يوما ان مفجري ثورات اكتوبر في الجنوب وسبتمبر في الشمال اليمني ان ينهى بهم المقام الى شخصيات انتهازيه تعمل لصالح الرده الحضاريه التي هي بعيده عن ابجديات سياساتهم ومشروعهم القومي والاممي الذي نشدوا لنصف قرن من الزمان .

ما حدث وما يحدث باليمن عامه وتعز خاصه , يبشر بجيل مفخخ ملغم بأفكار التوائيه بعيده عن الحقيقه , فلم يفلحوا بالحفاظ على هويتهم وعاداتهم ولم يطبقوا تلك الثقافه المستورده كيفما هي بل تم الإلتواء وتكسيرها عن عمد للظفر بتركتها التاريخيه والسياسيه لتكون فقط صالحه للاستخدام ولإنتاج النبيل الارستوقراطي من جديد وبالطابع المذهبي السلالي المقنع بشعارات جيفارا ولينيين .