الخميس ، ٠٩ مايو ٢٠٢٤ الساعة ١١:٢٧ مساءً

عقلية مراهق وابتسامة دكتور (شر البلية جهل بعد علم باسم الشرعية)

معاذ راجح
الاثنين ، ٢٣ يناير ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
عقلية المراهقين في القرن الواحد والعشرين صغيرة تسيطر عليها تحية صباحية من دكتور مبتسم ينثر السعادة في عقول أرهقته المذاكرة على ضوء شموع لا تغني من ظلام ،لينفخ فيها الأمل بعد ليلة طويلة ،تتناسب فساوتها عكسياً مع يوم مشرق ،وبتدخل مباشر من العوامل المحفزة ،والتي تتحكم بنسبية الانعكاسات السلبية.

الطالب الجامعي مراهق في عصر الدينصورات ، وفي كل صباح جامعي، يهيئ نفسيته المثقلة بأحلام الآلاف من اقرأنه المنسيين بقريته البعيدة بآلاف السنين عن الحاضر الهارب بخفة سلحفاة نحو مستقبل يبتعد بسرعة السنين الضوئية ، يهيئها بنسمات الهوى الباردة والتي تشق طريقها إليه بصعوبة بالغة في وسط الزحمة المرورية التي لوثت بها المؤسسات التعليمية في دولة صانعة للفساد تنتج ثلث احتياطيات العالم من خاماته السوداء.

عاطفة جياشة تسحبنا خلفها لنقف ثابتين على مدخل كليتنا ،لنتنافس بإبعاد نضارتنا المستعجلة لرؤية تلك الابتسامة المجانية لنستشرق منها مستقبلنا البعيد ونتزود لرحلتنا الطويلة ولو باليسير.

تأخر الدكتور الفاضل عن موعده ،فاستقبلناه بظمأ التائه ،في صحراء ندرة فيها الواحات الخضراء لصالح رمال متحركة تكاثرت مع تراكمات الزمن ، فتتضح الروي ويختفي السراب الذي حسبناه نهراً جاري ،لتظهر الملامح الجديدة بعبارات نارية يتحدث بها والدنا الحبيب ساخطاً علينا لكابوس رآه في منامه و الطير تأكل خبزاً كان يحمله على رأسه .

تغيرت ملامح وجهننا واختفت أشواقنا وتوقفت عجلة الزمان بنا في دائرة مغلقة يراد لنا أن نسجن فيها تحت شعارات رومانسية مستغلين حبنا لوالدنا الفاضل ودكتورنا الغالي ومستغلين عبادتنا على كل حرفناً تعلمنه منه وصغنا به عبارات ألم رفعناها مع امتنان الكفيف لمن يرشده في طريق متعرجة.

لست في موضع اتهام أحدا أو ابرر فعلاً حدث وانتهاء فهذا أسلوب قديم يعود لعصور ما قبل التاريخ ، لكن حديثي يصب في الظروف التي حجزتني في الدائرة المغلقة والربيع الذي تسلل عبر أسوار جامعتي العريقة ليعيد الحياة لشعباً سلبت منه الحرية في ظروف غامضة ساعدت على ذلك .

أنني استحي حين أقف أمام معلمي لأجيب عن سؤالاً ما ، ولا زلت أستحي حتى اليوم ، وعندما تعلق الأمر بمبدأ تعلمناه من الأستاذ الفاضل ومرننا عليه كثيراً منذ أول يوماً وطئت أقدامنا حرم الجامعة المقدس ،واستشعارنا للمبادئ تغيرت حسابات العلاقة وتذكرنا قصة الميم الذي لا يتعلم وما ينتج عنها من ماسيي قد تعاني منها أجيال متكررة بتعاقب الحياء يقتل فيه العلم وتغتال الحقيقة ،ويستلب ذو الحق حقه.

أن الواقع الذي يهرب منه الجميع سبب المشكلة في الوصول للوضع الراهن وللأسف أن الساخطين علينا ينضرون للأمر بعقلية الخمسينات ، ونضرات التشاؤم المعيقة للعقل المتعلم والحاجزة لقدراته البحثية لنفض الغبار عن ما تعمل ويواكب المرحلة التي وصل لها والمكانة التي حجزها في مجتمع ينضر له بكل وقار واحترام ،ومع ذلك للأسف يختصر المنافسة التي تجري أحداثها في عقلة ليرمي التهم علينا جزافاً مع تعليل الخسارة بعقلياتنا المراهقة .

لقد أصبحت الرؤية واضحة لكل المتنورين بعد ان شاهدنا جميعاً التغيرات التي حدثت في عامنا المنصرم وكان لوطننا الحبيب نصيباً وافراً ،وبدل الأخذ بالاعتبار وترك المجرب واستخدام العلم للحفاظ على تاريخ كبيرة بكل ما يحمل ،يعني هذا التاريخ من مقومات صحيحة للبدائية الجديدة لننطلق بسرعة الصوت لندرك مستقبلنا الفار من مخلفات الماضي .

كل هذا وذاك فرض علينا الخروج عن الحياء لنقول لوالدنا وأبانا الفاضلين دعونا نرسم مستقبلنا كما نريد نحن بما يناسب مراهقتنا التي يصعب عليكم تخيل حجمها والمناسب للدور الذي ينتظر أن نقوم به، فرفعنا شعار التغيير الفطرة الحقيقية التي اغتيلت براءتها في يوماً أسود، وبهذا الشعار لم نخرج عن أعرافنا الطلابية والتي يحاجنا بها غرباء يتدخلون في شؤون خاصة لينثروا سمومهم الحاقدة على أباء لنا قاموا بواجبهم ولم يعد يحالفهم الحظ ،ليواكبوا مطالب التغيير وذلك لأسباب الضر وف التي فرضت عليهم واقعاً صعب حاولوا التأقلم معه مرغمين .

متناسين أننا مراهقين في زمان شاخت فيه العقول ولم تعد تواكب مراهقتنا العصرية ، فنحن لا نحملهم المسئولية وان كانوا مشتركين فيها ،لكننا نستغرب حين يقولون مطالبنا سياسية ونرد على تهمهم الحقيقية بقولنا ، عندما يكون مكتب الدكتور او العميد أو رئيس الجامعة مقراً لحزب سياسي ونشاهد كل يوم بأم أعيننا لفتة كتب عليها فرع حزب كذا وكذا أفلا تكون مطالبنا حزبية لأننا في هذه الحالة لا نتحدث مع والدنا المعلم الذي يدرسنا في القاعات بل نتحدث مع رئيس حزب او مسئول مركز تنظيمي فانتم من جعلتم مكاتبكم سياسيا أكثر من أكاديمي، ونحن خير التلاميذ.

أن الصراع اليوم ليس صراع بين العلم والجهل ،أو بين حزب معارض وحزب حاكم, الصراع اليوم بين جيل جديد وجيل قديم ،صراع بين أجيال وأفكار مختلفة ،صراع بين المستقبل والحاضر .

لم يسقط العميد ولن يسقط رئيس الجامعة ولا الأستاذ، إن السقوط الذي يريده بعض الناس لهذه الهامات العملاقة سقوط وهمي يخططون له كل يوم لحقد أسوأ في نفوسهم ، ولكي يتغنون به عبر الأبواق الإعلامية الكاذبة، ويتاجرون بكلماتهم المنمقة ، يتوسلون بها في أسواق الرذيلة ولا أخلاقية.

لا نريد لكم ذلك أننا نريد أن يرحلوا ونحن نحفظ لهم تلك الابتسامة القديمة تلك الروح الجميلة والكلمات العذبة.
أننا نفرح حين يكون المسئول في بلدنا بشر مثلنا ، يتألمون من أجل مستقبلنا ، ويبكون حزناً علينا، فالوطن يحتاج لتضحية كبيرة يضحي فيها الجميع بكل تاريخهم بكل ماضيهم المشرق لأجل مستقبل مشرق لنا ولأولدهم .
فيا أبانا الكرام ويا اخواتنا في الأحزاب السياسية اتركوا المؤسسات التعليمية بعيدة عن خلافاتكم وتوحد جميعاً ضد الفساد ، وساعدونا على تطهير المؤسسات التعليمية .

الخلاصة.
إن الشهداء الذين ضحوا بدماهم كان أكثرهم طلاباً يحلمون بدراسة في جامعة تلبي تطلعاتهم واليوم تصبح دماؤهم في أعناقنا وأعناق المدرسين، والوفاء لهم هو أن نسعى لنحقق أحلامهم في هذه المؤسسات التعليمية بان تخلو من ملوثات العقول ومن الشوائب التي تعلق بالمحصل العلمي ، والشهداء يفرضون علينا أن نخلص للمبدأ الوطني، قبل الإخلاص لأشخاص أضروا به.