السبت ، ٢٧ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٤٧ صباحاً

الحوار الوطني أم الغب.....!!!

إلهام الحدابي
الثلاثاء ، ٢٦ يونيو ٢٠١٢ الساعة ١٢:٣٧ صباحاً
يعد الحوار من أهم الحلول للمشاكل التي لا تعرف الحل عبر الوسائل الأخرى، ويعتبر وسيلة ناجحة لبناء التفاهم والتصالح بين مختلف الأطراف، ويعمل على خلق رؤى جديدة تضمن الخروج من أي مشكلة أو قضية بأقل الخسائر، لكن متى يقوم الحوار بهذا الدور الفعال؟

يستطيع الحوار أن يقوم بدوره و يخلق منافذ جديدة لأي احتقان سياسي أو مذهبي أو حتى شخصي فقط إذا تم تطبيقه في الوقت الصحيح وبالشكل المناسب، لكن أن يربط من شعر رأسه ويجر من أجل مصالح ما فلن يستطيع حتى أن يترجم مفاهيم مختلف الأطراف فضلاً عن أن يبلورها لتنتج حلاً أو فكرة أو غيرها من الرؤى التوافقية.

يأتي الحوار عندما يكون الجو مهيأً له، بحيث تستطيع أن تشارك فيه مختلف الأطياف السياسية والأقليات الشبابية الفاعلة في الثورة، والمبادرات بأنواعها، لا أن يحصر على حفنة لا ينتمون لعالم الحوار طالما بقيت أيدهم مخضبة بالدم، ومثل هؤلاء لا يصح أن نستخدم معهم لغة الحوار وإنما لغة العدل عبر المحاكم.

أيضاً يجب أن نهتم بشكل وآليات الحوار،إذ أن الحوار يهدف أولاً وأخيراً إلى أن يصل لرؤية موحدة أو على الأقل تعاونية بما يخدم مختلف الأطراف، لذا يجب أن تشترك هذه الأطراف في اختيار أو على الأقل اقتراح شكله وآلياته حتى تضمن مشاركتها فيه.

ما حدث في مركز الدراسات والبحوث في احتفال تدشين الحوار الوطني كان مشهداً مصغراً من الحوار الفعلي، ابتداءً من الحرب التي كانت قائمة عند المنافذ، مروراً بالمدرعات والقوات المتنوعة والتي لم تخرج بتلك الكثافة حتى في عهد صالح، وانتهاءً بالتوزيع السيئ للمشاركين في الحوار الوطني.

فالحوار قائمٌ أساساً من أجل الشباب الذي فقد دمه من أجل وطن، فقد وظيفته ليواصل اعتصامه، وفقد قوته وهو يكابد حر الشمس، وفقد أخاً...وأباً...وهو يرفض أن يعود لحياته الطبيعية إلا بعد أن يتأكد من تنفيذ على الأقل بعض الأهداف التي خرج من أجلها، لكن من شارك في ذلك اللاحوار غالبية من شيوبة بقايا النظام، ولم ينسوا أن يحضروا معهم حفنة من الشباب على الطريقة الصالحية كديكور يجمل المكان!!مما أضطر الشباب أن يستخدموا اللغة التي يفهمها بقايا النظام السابق علهم يجدوا من يلتفت إليهم.

أما القوات بعدتها وعتادها كانت رابضة إلى جوار تلك المؤامرة السخيفة التي تحاك بالداخل، وما إن وجدوا فرصة إلى وأثبتوا أن ما سيحدث في هذه اللحظة حما....وليس حوار، فأي عقل يرجح أن يقوم الحوار في ظروف غير آمنة، فالقوات لا تزال محتفظة بولائها لشخص وليس لوطن، وبالتالي لا يهم لون الدم أو عدد الأرواح التي ستزهق من أجل من يؤمنون به، لذا يجب إعادة هيكلة الجيش كهدف لا يتجزأ من أهداف الثورة، ثم ينظر القوم ما بدا لهم، إن كان حواراً أو غيره ولكن في ظروف آمنة أو على الأقل هادئة.

ترى من الذي قام بذلك التوزيع السيئ لمكونات الحوار! هل يكون عبد ربه! أم حكومة الوفاق! أم علي صالح نفسه! أم واحد فاعل خير لكن غبي...أم..أم ليس المهم أن نعرف، المهم أن لا يتكرر مثل هذا التوزيع الأخرق مرة أخرى، فمن سيشارك في الحوار يجب أن يكون صاحب رسالة أو فكر أو مكون حقيقي على أرض الواقع، لا أن يكون مجرد رقم قوي بقوة السلاح، أو نفوذ المبادرة، أو المال أو غيره.

الحوار الوطني في الظروف الراهنة أشبه بانتحار جماعي ولكن وفق طقوس سياسية،وإن طبق لن نجني سوى مزيد من الحسرة من قطف رؤوس ثوارنا قبل أوانهم، أو مزيد من الأنفاق المظلمة التي لن يكون حلها لا مبادرة خليجية ولا أمريكية، أو قد تدون في التاريخ اليمني( حمقى مروا من هنا)....