الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٥٨ صباحاً

ايوب طارش هل غاب ام غُيب

فؤاد سيف الشرعبي
الاربعاء ، ٢٣ نوفمبر ٢٠١١ الساعة ٠٢:٤٠ مساءً
علم من أعلام اليمن , وقمة سامقة , يملك حنجرة ذهبية , وصوت صداح , يبرع في مجال حيوي له أثره ومحبيه .

انه الفنان أيوب طارش عبسي , له كما يقال في كل مجال ترنيم , وفي كل مكون يمني أغنية , غنى للوطن والجيش و الزراعة والصناعة والمغترب والثورة والأعراس والحب والمرأة حتى الدين , ويبدع في كل ذلك .

متقلب الهوى والمزاج , فقد بدأ حياته في الجانب الديني , ثم خيب ظن الشيخ البيحاني , ثم وصف فيما بعد بأنه انتقل من الدندنة إلى المئذنة والعكس .

ولا يزال البعض يترنم بأبيات من الشعر عميقة في طرحها تتمثل بـ :

نحن يا أيوب ما عــــــــاد لنا أذن تســـــمــــــــــع فنا وعفن
نحن يا أيـــــــــوب لا تطربنا هــــزة الخصر ولا القد الحسن

لا ورب البيت لا تــنـعــشــنا نــــغمة العود ولا خمر الوجن
ومع ذلك يبحث الكثير عنه هذه الأيام في ثنايا ثورة الشعب لإسقاط النظام , فلا يرونه وأنما يسمعون صوته القديم لاغانية القديمة , ويلتمس الكثير له العذر في اختفائه عن المشهد اليمني , ويذهبون مذاهب شتى في اختلاق الأعذار الواهية .

ودعونا نقف حول سر اختفائه , هل هو غياب ام تغييب , من خلال طرح التساؤلات التالية :

• هل هو مع الثورة أم ضدها , لان صوته يسمع لدى الضدين معا ولا يمكن أن تنطلي علينا فكرة انه محبوب من الكل !!! أم انه يجسد ترنيمته :
جوال جوال جوال جوال هنا وهناك !!! (مفهومة).
• متى سيظهر من غيبته , وهل سيطول مكوثه هذا , أن أخشى ما أخشاه أن يكون في سرداب الشيعة , لنجد من يتبرع بقوله : عجل الله بفرجة وبالمختصر : عج تضاف إلى نهاية اسم أيوب !!! كلما ذكر .
• في حال ظهوره مع من سيقف , هل مع الغالب أيا كان , أم مع الحق أيا كان , وشتان بينهما , ثم إن وقف مع الثورة عقب انتصارها , هل سيدعي أن له اثر في إذكائها فالنظام يستخدم أغانيه أيضا ليحقق التعادل في الأثر ,أم سيعترف بأنه محروم من لذة الوقوف معها ليهتف بقوله :
أنا المحروم من خمر الوجن !!! .

هي تساؤلات يحاول كل طرف أن يتحاشاها , لان له مع أيوب موقف حب وإعجاب مسبق , ولو كان غير أيوب لشنعوا به , ودندنوا على رأسه , لكنه أيوب ! .

ومع ذلك كله يتضح للطفل السر في اختفاء هذا الفنان , فالرجل بمختصر العبارة (مصلحي) من الدرجة الأولى , يبحث عن مصلحته الذاتية , متناسيا مصلحة هذا الوطن الغالي , وإلا بالله عليكم أسعفوني بإجابة شافية إن أنكر قولي احد , لا اقبل ردا مفاده أن أغانيه السابقة تكفي , لان هذا العذر أوهى من خيط العنكبوت .

وكأني بهذا الفنان يجيب كل طرف بقوله إنني معكم , فهؤلاء يقول لهم : أنا مع الشرعية , وأولئك : أنا مع الثورة , ليلزم الحياد انتظارا لما تسفر عنه الأحداث ليعلن البيان الأول بأغنيةٍ ربما يعدها لكلا الطرفين !!.

هو لا يريد أن يورط نفسه بدعم الثورة خوفا من سطوت النظام , وفشل الثورة , فيفضل أن يكون بهذا الموقف البائس .
هو يرى أن له شعبيته وجمهوره في صف الثورة , وله كذلك محبيه في صف النظام المتهالك , فلا يرى أن يخسر هؤلاء ولا هؤلاء , وقد رأى كيف تعرض علماء وأدباء ومفكرين لحملة تحريض من طرف النظام بعد انحيازهم إلى الحق .

وأيوب يرى أن الوطن لا يحتاج حتى مجرد موقف أمام محبيه يدعم به الثورة , فليذهب الوطن إلى الجحيم وليبق جمهور ومحبي فنانا القدير !!!

فمن يصدق في المقابل ما أتحفنا به من قوله :
وهباك الدم الغالي وهل يغلى عليك دم .

أليس من يجبن عن دعم الثورة بلسانه , اجبن من أن يتكلم عن فداء الوطن بالدم , أم انه كلام عابر من طرف لسان كاذب – من يدري - .

وهناك محرك قوي لموقف هذا الفنان , يتمثل بالإغراء المادي , فقد اخبرني أحد جيرانه انه تلقى من النظام مبلغا باذخا من المال أقعده البيت , وجعله لا يتفوه حتى بمجرد الكلام مع الثورة !!!

قد يكون مجرد إشاعة , لكن ما أفصح عنه سمير رشاد اليوسفي رئيس مجلس إدارة مؤسسة الجمهورية في رسالته عقب استقالته إلى رئيس الجمهورية , حيث ذكر فيها أن يحيى محمد عبدالله صالح مشغول باستمالة أيوب طارش أو وضعه في حال الحياد , وهذا يؤكد موضوع الإغراءات المالية , لان هناك انفراجا سابق بين يحي وأيوب وعلاقة قوية سابقة أدت إلى الإفراج عن كلمة (أمميا) ذات المغزى المعروف في النشيد الوطني , وذهابهما معا إلى الخارج لتشجيع نجم الخليخ الشاب فؤاد عبدالواحد .
وعلى كل فقد آتت الإغراءات أكلها ليصبح أيوب اخرسا بامتياز.

ومعلوم إن المدعو سمير اليوسفي يصدق في هذا الخبر فالرجل – مجازا- يعد من كبار دهاقين وكهان نشر العفن الهابط في اليمن منذ أكثر من عقد من الزمن , وهو أكثر خبرة بالفنانين وأخبارهم , فعند جهينة الخبر اليقين , فمن أراد أن يبحث عن رقم تلفون راقصة سيجده لا محاله عند هذا اليوسفي , فقد كان مجرد زير وسمسار لأهل الفن أو العفن لجزء من إستراتيجيته لطمس تاريخه !!!
وأنا أتوقع شخصيا أن أيوب طارش قد نجده يوما ما قريب في ساحة الحرية في تعز وعلى المنصة بالذات في موكب مهيب , لكن !!

حينما يرى النظام يترنح على وشك السقوط المدوي , ويكون التوقع النهائي والأكيد أن الثورة قاب قوسين أو أدنى من أن تؤتي أكلها .
حينها سنراه على المنصة يصول ويجول ويثبت غربته عن هذه الثورة قائلا :

جوال جوال جوال وانا غريب جوال
وربما يتعدى هذا للإفصاح عن حقيقته بترنيمته :
وسيبقى نبض قلبي مصلحيا !!!
هذا إن نجحت الثورة , فان فشلت - لا قدر الله – سنجده وبجواره زميله يحيى وعمه في ميدان السبعين وهو يخاطب الشعب والثوار بقوله :
باعـــــــــدوا باعدوا باعدوا باعـــــــــــــــــدوا من طريقنا
جـــــــــــــــــــرة المال حقنا شــــيـــــــــــــــــدتها لنا المنا
وهــــــــــــــــــــــــــــــــــوانا وصمتنا
إن يحيى حبيبنا إن يحيى حبيبنا