الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٥٥ صباحاً

لماذا كل هذا الإنزعاج من التغييرات الأخيرة؟ !

عبده الصمدي
الأحد ، ٣٠ ابريل ٢٠١٧ الساعة ٠٩:٤٤ مساءً
لست مندهشاً ولا مكذبا حين أتأمل المثل القائل:
يوضع سره في أضعف خلقه!
الرئيس هادي الرئيس الضعيف كما تم وصفه من قبل ماكينة إعلامية أثرت على أنصاره قبل غيرهم؛ فمن بين كل عشرة أشخاص يجمع ثمانية منهم على الأقل أن هادي حاكم ضعيف أو الرجل الكارثة أو الرئيس النائم!
وهو فعلاً كارثة
لكنه ليس كارثة على الوطن بل كارثة على أعداء الوطن المتربصين المرتدين جلباب الشرعية؛
أولئك الذين ينتظرون لحظة إعياء طرفي الحرب؛ لينقضوا على كل شيء وفق مشروع خارجي معد له وبدقة متناهية؛ وتحت إشراف قطب كبير ومكون رئيسي من مكونات تحالف دعم شرعية اليمن، والذي هو بالأساس أحد مكونات مشروع صناعة الفوضى العارمة في المنطقة واحد شركاء الكعكة التي سيتم تقسيمها بين هذه الأطراف المشرفة والمنفذة لهذا المشروع.
سيذكر التاريخ أن الرئيس هادي هو من حافظ على اللحمة اليمنية والذي استخدم حيال ذلك سياسة الهدوء والنوم والضعف الظاهري والنفس الطويل والصبر الإستراتيجي؛ ليتمكن من القضاء على كل القوى التقليدية التي تبادلت أدوار حكم اليمن عدة قرون؛ وتكررت في عدة صور رغم تاريخ الثورات والنضالات المتواترة؛ والتي كانت تصب في نهايتها في أيدي هذه القوى التقليدية بشكل أو بآخر بسبب مؤامرات لا تقل شأناً عن مؤامرات اليوم .. وهو فعلا -أي الرئيس هادي- متخصص في فن الفكفكة التي ليس بعدها أي تركيب أو توليف؛ وسر نجاحه في ذلك امتلاكه فريق عمل استشاري خبير بكل خبايا التاريخ السياسي لليمن؛ ويدرك كل التحركات والتصرفات وكذلك ردود الأفعال لهذه القوي، مما يستدعي حيالها إظهار الضعف والذي يقابله حدوث انتفاشة حمقاء لهذه القوى؛ ما يجعلها تظهر حمقها وكذب ما تدعيه فتتعرى أمام الجماهير؛ وهنا يتربص لها خبير الفكفكة ويصدر في حقها قرارات إنتهاء الصلاحية بالإقالة أو التغيير والتي تأتي بمثابة الضربة القاضية لهذه القوى ومشاريعها المشبوهة.

فلا ضير أن تسمع وترى وتقرأ كل هذه الولولة من هذه القوى ورعاتها في الداخل والخارج نتيجة هذه التعديلات.

وحول التعديلات والقرارات المتعلقة بتغيير محافظ محافظة عدن وإقالة وزير الدولة مسئول حزام عدن الأمني هاني بن بريك وإحالته للتحقيق؛ وما صاحب ذلك من اعتراضات وتصريحات خارجة عن السيطرة والمسئولية سواء من أنصار الداخل أو رعاة الخارج والتي تكشف بالفعل ما الذي كان يعول على بقاء هذين الرجلين في هذين المنصبين؛ وعن الدور الذي يلعبانه حاضراً ومستقبلاً؛ ضمن برنامج خارطة تقسيم الكعكة والناتج عن مسلسل إجهاض الثورة اليمنية بعد كل هذه التضحيات.

لن أخوض فيما حدث بسبب وجود هذين الشخصين في منصبيهما؛ والذي يعلمه الجميع وكان آخره حل ألوية الحماية الرئاسية؛ في محاولة لإقصاء أو لنقل في محاولة للقضاء على رأس الشرعية في اليمن والذي يمثله الرئيس هادي.. هذا الكائن الذي اتعبهم حين بلغت مرحلة تلميع خالد بحاح أوجها ليكون البديل عن الرئيس النائم والرجل الكارثة حسب توصيف ماكينتهم الإعلامية؛ ليفاجئهم بقرار إقالته؛ وتعيين الجنرال نائباً له وتعيين الدكتور بن دغر رئيساً للحكومة ليفشل بذلك مخططاتهم، ويدخل هو - الرئيس هادي- في طور نوم جديد ودورة فكفكة جديدة تفسح الطريق أكثر وأكثر أمام حركة مرور المشروع اليمني الكبير.

في تصوري المتواضع وعند الأخذ في الاعتبار لمصطلح الحياد العام من بعض القوى الوطنية ذات التأثير الكبير على المزاج الجنوبي؛ ورعايتها ولو تحت الستار لمشروع حراك الفوضى لا مشروع الحراك الوطني السلمي وقضيته العادلة؛ هذه القوى الوطنية التي اختلفت مع الرئيس هادي في النقاط العشرين وكانت مع مشروع الإقليمين وليس الأقاليم الستة بحجة عدم تقسيم الجنوب.. تم استثمار هذا الحياد المتفق عليه مع بعض أطراف الداخل من قبل أطراف رعاة مشروع الفوضى مستغلين مكانتهم ضمن تحالف دعم شرعية اليمن؛ والذي يعمل على زراعة أذرع له في المناطق الجنوبية - التي تم تحريرها في أسبوع حينها- ويقوم بالقضاء التدريجي لمن يعلم انهم ضد مشروعه وأنهم يحملون مشروع اليمن الكبير ويعملون تحت مظلة الشرعية والرئيس هادي في انسجام تام، ولا غرابة أن تستمر معارك الاستنزاف في جبهات المناطق الغير منسجمة مع هذا المشروع؛ لتتوافق الأهداف المشتركة لاطراف مشروع الفوضى والرامية إلى الوصول إلى وضع يتم القبول به إكراها ضمن هذا المسلسل الخطير.

وباستمرار دراماتيكية الأحداث وتوافق نتائجها بما يخدم المخطط الخارجي فإن بقاء الزبيدي كان يعزز سياسة ومطالب أصحاب مشروع الحياد في أن تكون عدن وأخواتها نصيبا لأحد فريقي الصراع القديم "الزمرة والطغمة"؛ والذي يسعى جاهداً إلى عودة العلم القديم والتنظيم القديم ومسمى الدولة القديمة التي تم التفريط بها حسب توصيفهم في وحدة ظالمة.
وحتى يتوافق المزاج العام للجماهير الجنوبية؛ ولإرضاء قسم كبير منهم من الملتزمين أو لنقل من محبي التوجه الاسلامي وممن يمتعضون من عودة نظام وصفوه في أخف المصطلحات انه شيوعي ضد التدين؛ فقد قاموا بالترويج أنه سيكون هناك نظام مدني يقبل الجميع ومنسجم مع النغمة الإقليمية والدولية انه ضد الإرهاب؛ وعليه تم تلميع نسخة هاني بن بريك كنسخة وحيدة للتدين والمتدينين والتي لا تقبل التقليد حتى في صفوف السلفيين؛ حيث تم تصفية عددا منهم؛ رافقه قيام أوقاف عدن بتغيير كل الأئمة والخطباء بما يتوافق مع نسخة بن بريك؛ كما تم إظهاره في صورة منقذ عدن من الإرهاب وحامي حماها، والصاق صفة الإرهاب بمكون واحد؛ توافق على محاربته جميع فريق عمل المؤامرة في الداخل والخارج.

هذه النسخة الوحيدة لن يقف بها الحد عند هذا المستوى؛ لكنها كانت ستزين وتجرى لها عديد عمليات التحسين والتجميل لتصل إلى منصب حاكم إقليم حضرموت؛ والذي بالطبع سيوافق وضعه في ذلك المنصب مزاج التدين الحضرمي الغالب بعد قيام الماكينة الاعلانية الضخمة بدورها في تهيئة الأجواء لذلك؛ بعد استخدام طرق خاصة لمواجهة كل معارض لهذا التوجه.