السبت ، ٢٧ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٣٨ صباحاً

رداع تحت خط النار

صالح السندي
الثلاثاء ، ١٧ يناير ٢٠١٢ الساعة ٠٣:٢٣ صباحاً
تتناقل الاخبار بسرعه فائقه , وتنتشر انتشار النار في الهشيم , و كما هي عادت الصحافه وهذا حالها يبدأ الخبر صغيرا , ثم يكبر حتى يصير عنوانا رئيسيا لاغلب الصحف و المواقع الاخبارية , طالعتنا الصحافه الالكترونية والمطبوعه باخبار عاجلة مدوية عن سقوط مدينة رداع في ايدي تنظيم القاعدة , كان الخبر مذهلا للجميع كون مدينة رداع - وانا احد ابنائها - نعلم يقينا أن هذه المدينة التأريخيه المنسيه خاليه من التنظيمات الجهاديه والقاعدية , وتعج فقط بالجماعات القبيلية المسلحه والثارات القبليه والحروب والصراعات الاسريه المتفاقمه لقضايا إرث او ثأر , لكن ان تصنف كسقوط في احضان تنظيم القاعده هذا مالم ننتظره ابدا , لعدة اسباب خاصه تمثلها خصوصية هذه البلدة التاريخيه , كون هذه المدينة خارج معادلة التأثير السياسي والاجتماعي لليمن في ظل النظام الاسري المركزي الحاكم في صنعاء , و كون موقعها خارج الخط الرئيسي الذي يربط جميع المحافظات بالعاصمه المركزيه , وكونها من ناحية أخرى تتقاسمها المشائخ والاعيان والتيارات القبيليه المختلفه احيانا والمتفقه احيانا أخرى .

فمالذي حصل إذن في مدينة رداع بالضبط ؟؟ ومالسر في الصبغه القاعديه ودلالاتها الرمزيه المؤثره لاحتلال المدينة وسقوطها , ومالدور الذي سيجنية النظام من سقوطها , ام انها مجرد زوبعات اعلاميه عقيمه يهدف منها النظام بث الرعب والخوف , كماهي العاده كما حصل في ابين وتسلسل السقوط المدوي لاغلب المدن والمديريات بالمحافظه , خاصه في ظل شهادة الشهود بأن المسلحين مروا بسلام عبر نقاط التفتيش العسكريه والامنيه دون ادنى مقاومة او ردة فعل تذكر , لمصلحة من تحاك هذه التحركات ومن ورائها ؟ , دفعني فعلا فضولي للاتصال بأقاربي في المدينه للاستفسار عن حقيقة الامر وما يجري فعلا والاطمئنان عليهم , وفعلا انها الحرب .. الحرب .


وحكوا عن قصة الليله الماضيه , وكيف كانت رداع مدينة مضاءه بالنار وتحت خط النار , واصوات الانفجارات ولعلعة الرصاص والرشاشات تقظ ليلها المظلم فتجعلة قطعه من جهنم , وكيف أن مئات السجناء هربوا من السجن المركزي وفتحت لهم الابواب واكثرهم عليه قضايا ثأر وقتل وقضايا جنائيه أخرى , مما يترتب عليه الاخلال بالامن والسلم الاجتماعي في عموم محافظة البيضاء .

كيف طفت هذه الاخبار فجأة الى السطح وبعجاله شديده , وكيف تحولت هذه المدينة المهمشه في ظل النظام القائم الى عنوان رئيس لكل الاخبار المحليه والفضائيه , وتحدثت بعض المواقع الاخباريه عن وجود مسلحين حوثيين وقاعده ايضا , رغم ان المدينة لا تحتوي مطلقا على التيار الحوثي او الجماعات المتشدده والمتطرفه , فكيف تم التلاعب بالاخبار وتأويلها حسب المزاج السياسي والخبري , ودبلجتها حسب الرغبات بدون مصداقية , خدمة لتوجهات معينه تستفيد من الاختلال القائم لفرض هيمنتها وسطوتها , واللعب باوراق المزايدة السياسيه , ولماذا مدينة رداع بالذات ؟؟ هل لانها النقطه الاضعف ؟؟ ام لانها خارج معادلة التغيير الوطني القائم ؟؟ ام ان هناك من يقدم سيناريو جديد لسقوط محافظه جديدة لتفجير صراعات وبؤر جديده اخرى لتحقيق مطامع ومكاسب سياسيه أخرى ؟ يكون وقودها الاول والاخير هو المواطن .

ومن يعرف رداع او زراها يعرف ان دور القلعه الحميريه التأريخيه فيها دور محوري جدا , والسيطره المطلقه على القلعه التأريخية التي تتوسط المدينة وتطل عليها يعني السيطره على المدينه كاملة , وتعد ثاني اهم موقع في رداع بعد قمة جبل أحرم , لذا فموقعها استراتيجي وهام للسيطره على المدينه , وما يضعنا هنا فعلا للتساؤل عن الدور الرئيسي الذي تلعبه المواقع العسكريه هناك في حفظ الامن والاستقرار , خاصه ان اهم الالوية العسكريه متمثلا بلوآء العمالقه متواجد على الهضبه الشرقيه المطله على المدينة , ووجود التنظيم - كما يدعون- يمثل خطرا فعليا على المعسكر ككل . وتهديدا مباشرا لخطوط النفط عبر المساحه المفتوحه والقريبه الى محافظة مأرب .

وكان لمدينة رداع دورا مؤثرا و شعبيا خلال المسيرات الشعبيه والجماهيريه المناهضة لنظام الحاكم , ومشاركة الثوره الشبابيه السلميه للتغيير فعالياتها ومهرجاناتها الاسبوعية , فمالذي نقرأه إذن من ورآء الخبر ؟, وهذا ما ستكشفه الايام عن حقيقة تواجد القاعده فعليا والجماعات المتطرفه في المدينة , وفي الاغلب -ان وجدت فعلا- فهي جماعات مسلحه ودخيله وافدة على المدينه , وعن مدى العلاقه الوثيقه بينها وبين النظام الرئاسي وأروقة السياسه الخفيه ؟ والهدف المنشود من ادخالها في محرقه جديده ولصالح من تعمل ؟؟ ام انها ستمثل السقوط الثاني لمسلسل الانهيار الوطني , وتفتيت الوطن ضمن مخطط يستهدف النيل من الوحدة الوطنيه , بداية من ابين والجوف وصعده ومأرب ومروا بالبيضاء وانتهاءا بالوطن ككل , اذا لم تتوحد الجهود الوطنية المخلصة لحماية الوطن من رحى التقسيم بمختلف المسميات , واذا لم نتدارك الامر بمخططات استراتيجيه وحدويه جسورة , سنقف في المستقبل القريب عاجزين فعليا عن الخروج بالوطن الى بر الامان وحفظ وحدته وامنه واستقراره ...