السبت ، ٢٧ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:١٥ صباحاً

عبد الرزاق الجمل : القذافي الصراحة المزعجة التي حولها القادة جنونا

د. أحمد عبيد بن دغر
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
الفرق أنه امتدادٌ لثورة نضالية سُجلت بأحرف من نور وهم امتدادٌ لانقلابات سياسية سجلت بدماء وطنية خالصة وصلوا عن طريقها إلى الحكم ليكونوا في مركز يحقق لهم مايريدون بدون خسائر ولو على حساب بيع الوطن والمواطن مع بقائه برتبة حارس ,ولأن الجماهير العربية حين تفكر تنطلق من تفكير الحاكم لا من تفكيرها الأساسي الذي قتله الحاكم فيها فإنها تعتبر خطابات ألقذافي جنونية كما يعتبرها الحكام أيضا والواقع أن تفكيرهم جنوني بينما يكمن المنطق في منطق الزعيم ألقذافي. حالة اليأس من حدوث جديد في القضايا العربية والإسلامية – وهو يأس مبرر- جعلت ألقذافي يتعاطي مع الواقع في خطاباته على هذا الأساس وهو تعاطي معقول إن حركنا عقولنا قليلا وسخريته أيضا معقولة إن خرجنا من دائرة سياسة الاستهلاك الخطابي التي يمارسها القادة العرب ثم إن الواقع العربي المشلول كليا لايستحق أكثر من هذه اللغة ولامجال للتعامل الجاد حتى لانعطي الناس انطباعا عن سلامة نية القادة في مناقشة قضايانا التي لم نجد حلا للتافه منها ومما هو في أسفل سلمها ناهيك عن قضايانا الرئيسية التي يأكلون ويشربون باسمها..

(إسراطين) مصطلحٌ قذافيٌ بحت يمثل الحل الأمثل للقضية الفلسطينية لكن الذين يحسنون الظن بخطابات القادة والتغني المستمر بالقضية الفلسطينية سيرون هذا نوعا من الجنون ولاجنون في الحقيقة غير التفكير بأن هذا جنون ودعونا هنا نسأل , هل تحقق من نصفِ قرن أي تقدم لصالحة القضية الفلسطينية ولو بمقدار شبر رغم الاجتماعات الكثيرة والقمم المتلاحقة؟ العكس نحن نتأخر كثيرا باجتماعاتهم لأنها تظهر ضعفنا أكثر فأكثر وتظهر كم نحن (ظاهرة كلامية) وقبلها (ظاهرة جنسية).

أليس من المنطق أن يدعوا ألقذافي لذلك ؟هو لايبيع القضية الفلسطينية بل يقف في طريق من يتاجرون بها ليل نهار وتصوروا لو أن إسرائيل خرجت من الوطن العربي, بأي عروبة سيتغنى الحاكم العربي ومن أين ستقتات لجماعات الدينية في مشارق ومغارب الأوطان العربية التي تبنت مشروع دعم القضية عن طريق التبرعات وللحكومات أيضا نصيب من ذلك ؟ ماهي القضايا التي ستجمع العرب لاحقا ؟بدون شك جميعنا مستفيدون من الدولة العبرية لكن باسم النضال والعروبة , إن مشروع (إسراطين) يعني إيقاف الحكومات العربية عن ممارسة الفساد باسم الوطنية والعروبة ويعني إيقاف فساد الجماعات الدينية باسم الدين ونصرة اليتيم ويعني أن الفلسطينيين أحق بقضيتهم من غيرهم .

يعجبني هذا الزعيم كثيرا ويعجبني جنونه العاقل جدا في بيئة لاتجيد غير تصديق مالايصدق. لاتكترث بما

يقولون فهم يقولون كل شيء ولا يتحقق شيء, يعجبني تفكيرك العاقل حين غسلت يدك من العرب فخبرتك الطويلة بهم أجبرتك على غسلها سبعا كلها بالتراب . حين تحظر قممهم وتستند على كرسيك وتبتسم فلأنك في مسرح يجتمع فيه عباقرة الممثلين لكنك ستظل تضحك بمفردك وسيظل الآخرون مشدودين لسماع قراءة البيان الختامي لأنهم لايعرفون أن نسخته قد طرقت أبواب الحكام قبل شهر من انعقاد القمة, والبيان الختامي ليس ختاميا وإنما هو البيان الذي أجتمع القادة ليقرؤونه في الختام , ليس من حقك أن تبتسم بل أن تضحك وترفع رجليك على الطاولة فأنت تدرك تماما مايجري وليس في هذا أي إساءة أو خدش للحياء العام بل التجرد من الحياء الكلي مايمارسه القادة من تمثيل. طالبتَ بمقعد لإسرائيل في جامعة الدول العربية وسأختلف معك هنا ليس كالاختلاف العربي ولا من الزاوية التي يختلف معك فيها العرب بل من الزاوية التي أتفق معك فيها وهو أن إسرائيل لاوجود لقضية تناقشها مع العرب وكرامتها تمنعها من لعب دور ظاهر يخفي تحته الدور الحقيقي كما يفعل قادتنا الأشاوس وهي دولةعملية ليس لديها من الوقت ماتضيعه لمثل هذه الترهات ولديها شعب يسآءلها عن كل صغيرة وكبيرة.

لديك حاليا مشروع (الولايات المتحدة الإفريقية) وهو مشروع أباركه كليا فالوحدة العربية لن تتحقق بعد ألف عام ولايمكن أن تثق بأخ يجر الاستعمار إلى الوطن ليحقق انتقاما شخصيا نظل نجني ذل رغبته الجشعة قرونا ونقدم في سبيل ذلك الدم والمال والعرض والكرامة.

الأفارقة السود أو العبيد كما كان يطلق عليهم في أمريكا أيام كانت العنصرية هي الثابت الوحيد والمصنِّف الأول لمكانة الفرد في الحياة الاجتماعية لم يكونوا عبيدا بل كانوا أحرارا ولو أجرينا مقارنة تافهة بين سلوكنا وسلوكهم لرأينا أننا من يستحق لقب (العبيد) فبإمكان المواطن العربي بأمر سيدي رئيس الدولة أن يقاتل أخاه العربي مع عدوه الأول وقد حصل هذا لكنَّ سود أمريكا رفضوا الانخراط في التجنيد الذي كانت تقوم به الولايات المتحدة في حرب فيتنام لأن الدولة يجب أن تتعامل بمنطق المساواة بعيدا عن اللون ولأن الحرب ضد فيتنام ظالمة ومبدأهم يمنعهم من ظلم أحد, فمن هم العبيد؟

سيادة الرئيس أنت الرئيس الذي يتعامل مع حقيقة الحدث بينما غيرُك يتعاملون مع أشباه أحداث مصطنعة صنعوها وعلبوها ثم صدروها إلى مخ المواطن العربي وأوهموه أن هذه هي قضاياه ليظل يبحث عن نتائج لأحداث وهميةلا حقيقة لها.

أنهم لايهاجمونك وإنما يهاجمون الصراحة التي تعريهم ويروجون لها كظاهرة جنونية كما يمارسون هذه الترويجات ضد خصومهم وهم بهذا لايخرجون عن مورثهم العربي الجاهلي حينما وصفوا سيد الفصاحة ومن كانوا يلقبونه الصادق الأمين بالمجنون (فكن في مقام محمد ودع لهم مقام أبي لهب وزوجته حمالة الحطب)

في الأخير لايسعني سوى الإعلان عن إعجابي الشديد وحبي لهذا الجنون الذي تمارسونه ويسرني جدا أن أمارس هذا النوع من الجنون إن وصلت يوما إلى مركز يسمح لي بممارسته .

سيدي هناك من يقدم نفسه لخدمة الوطن وهناك من يقدم الوطن لخدمة نفسه هناك من هو مستعدللموت في سبيل الوطن وهناك من هو مستعد لقتل الوطن في سبيل نفسه وبين الحالتين فرق كبير يساوي تماما الفرق بينك وبينهم إن جاز لنا أن نقارن .

تحياتي

أخوك المجنون عبد الرزاق الجمل