الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٣٣ مساءً

رسائل عاجلة (النكبة ليست يوم وليست ذكرى)

الهادي حامد
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
رسالة إلى الجماهير العربية في كل مكان:

إسرائيل ليست دولة بل هي حشد من المهاجرين من كافة أنحاء العالم تحت نداء نخب يهودية حاقدة على العرب ، عنصرية وشيطانية ومجرمة ، تزعم أن الله وعد اليهود بأرض فلسطين واختارها لهم بصفتهم اخيارا وانه لابد لليهود كافة أن ينفذوا وعده ويقدروا اعجابه بهم وما انتخبه لهم وان السبيل إلى ذلك هو افتكاك ارض العرب بالقوة ومحو وجودهم نهائيا ،وهم على هذا التخريف الأمس واليوم وغدا. فوجدوا بأساطيرهم ودعاويهم الظالمة مستوى من الاستجابة دفع بكثير من اليهود إلى الرحيل من مجتمعاتهم الأصلية واستيطان أرضنا وقد أسسوا مؤسسات أمنية وعسكرية وخدمية ضمن كيان اعتبروه دولة دعمهم في تركيزه حلفاء أبرزهم بريطانيا وأمريكا.

إن فلسطين ارض عربية تعيش عليها كل الأديان بسلام وتآلف. وحولت إلى مسلخ وموقع جريمة كبرى واستثنائية لما يربو عن الستين عاما. قاوم العرب عصابات المجرمين ولا زالوا يقاومون ، واستمر الجرح في النزف عند الأجيال الجديدة كما استمر الحلم بالتحرير. على أن الأنظمة العربية كانت دائما حاجزا امنيا يحول دون الاشتباك مع المهاجرين المستوطنين الصهاينة ويوفر الحماية على الأرض لكيانهم المصطنع.

هذا باختصار شديد...دون حاجة في هذا السياق لتحليل الابعاد الخطيرة للمشروع الصهيوني امنيا وسياسيا واقتصاديا باعتباره كاد يتحول الى محور تقليدي في الثقافة العربية المعاصرة..فما يهمنا أن من يسمون بالإسرائيليين هم في الأصل مواطنون روس أو ألمان أو فرنسيين أو أمريكان أو بريطانيين أو رومانيين أو إثيوبيين أو هولنديين...وأنهم تملصوا من انتماءاتهم القومية المستحقة لصالح روابط دينية تطرح مضامين وهمية وكاذبة في اتجاه تأسيس قومية جديدة على أساس ديني مشروعها دولة يهودية على ارض العرب.

إن مايوحدهم مشروع يتأسس على أوهام وخرافات ومزاعم وأكاذيب وليس رابطة انتماء إلى وجود قومي تاريخي على ارض معينة والى شعب معين بنى حياته وحضارته ومقوماته بتفاعله البيني الداخلي ومع تلك الأرض. وبالتالي : لاتصنع أوهامهم حقا في ارض لم تكن يوما أرضهم وفي انتماء إلى شعب هو مزيج من شعوب الأرض قاطبة. وارادتكم أيتها الجماهير العربية كفيلة بإسقاط المشروع والوهم وبتفكيك كيانه على أرضكم.. لحظة يكون ثمة العزم والقرار والخطة والإيمان والقدرة على المطاولة وتقديم التضحيات.

إن النكبة ليست ذكرى نحييها ، فيمر إحياؤها حين تتقدم عجلة الزمن بيوم واحد. ذلك من شانه فقط أن يوصل الرسالة إلى جيل ربما صار جاهزا لاستلامها والى الحفاظ على الحلم بالتحرير. أما معالجة النكبة واتخاذ ذكراها قاعدة انطلاق التحرير فذاك الأساس وهو المطلوب اليوم بشكل خاص. لقد أسقطتم قلعة بن علي الحصينة ومملكة مبارك وآل مبارك حيث كانت تعشش الصهيونية وتتخذهما منطلقا لبث الإحباط وغسل العقول وتحريف الوعي وتحويل ماتسميه "دولة إسرائيل" إلى دولة حقيقية ومشروعة وجارة يجب الاستفادة من خيرها بدل محاربتها ، والاستئناس بمدنيتها وبريق حداثتها..انتم اليوم من خلال ثورة تونس ومصر تقدمتم خطوة عظيمة في اتجاه تفكيك بيت العنكبوت ، ولا ينفع اليوم التردد والتخاذل والحساب الذي عادة يقود إلى الهزيمة في العقول والنفوس ، لاينفع التشكيك في العزيمة ولا استصعاب المواجهة ، فثمة أمر لابد أن تتذكروه : أن الله معكم ، وانه وعدكم بالنصر وبتطهير بيت المقدس من الأشرار. وهو الذي أيدكم بنصر من عنده حين بعث الرعب في صدر الجنرال المجرم والباغي بن علي ودفعه إلى فرار في السماء ، وهو الذي ايدكم بنصر من عنده حين لم يجد العميل المتصهين مبارك من بدّ الا الرحيل. ثقوا أن انتصاركم على مؤسسات المجوعات المهاجرة إلى أرضكم في فلسطين ابسط وأيسر مما تتوقعون بإذن الله الرحمن الرحيم..فلا تفوتوا على أنفسكم وأهلكم والملايين من شهدائكم وعلى أجيالكم القادمة هذه الفرصة التي وفرها لكم الله سبحانه علكم تمسكون بها وتتقدموا إلى نصرة دينكم وأرضكم وعرضكم وتغسلوا عارا نعانيه منذ عشرات السنين وتثأروا ممن بقر بطون الحوامل وكسر الأذرع بالحجارة وطحن الأبرياء العزل وجوّع وهجّر وأفنى البشر والزيتون والماشية وأديم ارض العرب في فلسطين .

واني أوجه الرسالة العاجلة إلى طلائع الثورة المصرية خصوصا وأقول لهم: عليكم عبء خاص وواجب استثنائي وانتم كما كنتم على خط النار الأول ، لقد أبهرتمونا في ثورتكم وبملايينكم التي تلبي النداء ، فلتكن في كل يوم ملايين ترج ارض العرب من المحيط إلى الخليج وتدفع بتهاوي عمارة الصهاينة التي بنيت بالجماجم ، جماجم جيش مصر العربي الأبي ، جماجم المتطوعين المصريين ومن كل أقطارنا ، جماجم أهلنا في فلسطين. إن العصابات المستوطنة أرضنا لاتتحمل صدى ضربات أرجل الثوار على الأرض. إنهم مجموعات مستثمرة وحالمة بالأمن والرخاء. ولن ترى موجبا للبقاء في ارض ليست أرضها حين ترى قرار التحرير تصدح به الحناجر والعزم يغلي والمهج تتطلع إلى القدس..مصر قلب..وهي ثقيلة ومؤثرة في الهزيمة أو النصر..اذاعادت تعود معها الأمة وإذا غمست رأسها في التراب تجثو الأمة بأكملها على ركبتيها

بخصوص فلسطين ليس ثمة من فرق بين قومي أو إسلامي أو يساري اواو أو..كلنا أصحاب الأرض. وكلنا مسلمون. بل أن أهلنا المسيحيون هم شركاؤنا في النصر والهزيمة ، في العزم والقرار والتضحية. لاحسابات ولا عناوين. القدس أمامنا فلنزحف. فهي لنا كعرب وهي لجميع الأديان التي تعايشت فيها بسلام والتي غاب عنها السلام منذ أن دخلتها المجموعات الوافدة الغاصبة. كل المعارك تؤجل وكل الجبهات توحد في جبهة واحدة وكل القوى تحشد للهدف المصيري الواحد. الشعب يريد الحرية..فلسطين حرة حرة والصهيوني على برة...إلى القدس الكل الكل الصهيوني لازم يرحل..النار النار الدم الدم صهيوني لازم يهزم.


وبناءا عليه أدعو إلى :

- تأسيس لجان في كل قطر عربي يقود مركزيا الحراك والتحشيد ويؤطره من خلال لجان جهوية ومحلية فرعية

- التقدم نحو حدود فلسطين من كل الجيهات ومن مختلف أقطار الطوق بشكل متصاعد وندعو بصورة عاجلة إلى تنشيط الجبهة الأردنية فورا

- اتخاذ القيادات الميدانية احتياطات أمنية وتدريب الجماهير في الخطوط الخلفية على التظاهر السلمي وعلى مواجهة القمع الصهيوني

- اتجاه جانب من النشاط الإعلامي نحو الدول الغربية للتراجع عن اعترافها بكيان العصابات المهاجرة إلى فلسطين والمغتصبة لها على غير وجه حق ، وفتح المجال أمام المؤيدين من جميع الشعوب المحبة للعدل والسلام والراغبة في المساندة على الارض.


رسالة إلى الأنظمة العربية (الخليجية منها خصوصا)

- ياانظمة الخليج العربي : نريد منكم تأييدا سياسيا وماديا ملموسا وشجاعا واستثنائيا للحراك العربي الثوري المتطلع إلى تحرير فلسطين : أفسحوا المجال أمام شعوبنا التي تحكمونها للمشاركة دون ادنى قيد أو شرط ، أرسلوا المؤن والأدوية والأغطية للمرابطين على حدود فلسطين ، أغلقوا أفواهكم عن مبادراتكم السلمية فزمانها ولى والعدو كان أول من سخر منها ومنكم ، لاتتآمروا على هذا الحراك الذي تنتظره الأمة لعشرات السنين سواء من خلال عملائكم في المنطقة أو إعلامكم أو من خلال فقهائكم. فقهاءكم أيضا يجب أن يصمتوا فإسلامهم لانحتاجه. وأدعو الشيخ حمد إلى أن يقوم بربع الجهد الداعم للحلف الأطلسي في ليبيا ، في دعم حلف الجماهير العربية نحو العودة والتحرير. إن دعّمنا بربعه نكون على قدرة لتطهير فلسطين تطهيرا كاملا في وقت قياسي وستفر كل العصابات وتنهار مؤسساتها ويمسح العار إلى الأبد ونحن لازلنا أحياء.

- إلى الأحزاب العربية الرسمية التي صارت بشكل أو بآخر جزء من منظومة الأنظمة العربية: ليس هذا وقت حشد الأنصار للمناسبات الانتخابية وفتح المكاتب وما يصاحبها من بروباغندا ، أصدروا بيانات تأييد ، أصدروا دعوات للانضمام إلى هذا الحراك العربي الشعبي والفعل فيه ، قدموا مبادرات. اتركوا مسائل وقضايا الحكم في بلدانكم وان إلى حين. إن كانت الأحزاب القومية ساندت الأطلسي في ليبيا لان القذافي مستبد فمن باب البداهة أن تساند شعبها العربي ضد الصهيونية لأنها عقيدة بنيت على الجريمة. وليست مضطرة هذه المرة إلى أن تقيس موقفها على موقف الأطلسي. هذا الكلام ينطبق أيضا على الأحزاب الإسلامية وخصوصا في تونس.


رسالة إلى الإعلام العربي:

هذه فرصة تاريخية أمام الإعلام الثوري الحقيقي غير المتآمر وغير الولائي لأنظمة معينة ولا لأجندات معينة. ليس ثمة ثورة بلا إعلام. وليس ثمة فعل تحرير دون إعلام ينشر الرسالة ويشرح الحقائق ويقوي العزائم. ولكن نريد مع ذلك المصداقية والأمانة . فليس من خطر على إي حراك ثوري أكثر من المغالطات والمبالغات والتلفيقات وهذا ماكشفت عنه تجربة الجزيرة المرّة في تعاطيها مع أحداث ليبيا.

قد ينكمش الحراك الثوري ويتراجع زخمه ، وقد يعود نسقه إلى مستوى ضعيف من الأداء. لكن مهمة طلائعه من الشباب الذي لاتنقصه الرؤية أو العزم أو الانتماء كفيلة بان تعيد له وهجه. لاتراجع عما بلغه اليوم 25ماي 2011 من جرأة. فلتفتح كل الجبهات. ولتحاصر العصابات الصهيونية ولا تترك لها إلا منافذ الهروب وهي المطارات. ولتكن كل القوى المقتدرة عسكريا جاهزة للتصرف حين تتطور الأحداث بشكل أو بآخر. واني أوجه نداءا خاصا إلى الجيش العربي السوري لفتح جبهة الجولان واستثمار الهبة الشعبية في محو مالحق به من عار. وان يكون على ثقة بقدراته وبعزم رجاله. أما الجيش العربي المصري فقد صارت إرادته حرة بفضل ثورة 25جانفي وحين تتحرر إرادته يكون سهلا عليه تحصيل الأمجاد.

وعلى الله فليتوكل المتوكلون