الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٤٣ مساءً

اهمية السكن في تحسين المستوى المعيشي

نعمان قايد الاحلسي
الاثنين ، ٢٤ سبتمبر ٢٠١٢ الساعة ١٠:٥٠ صباحاً
في جميع أنحاء العالم لا يمثل السكن أنه مكاناً للسكن فقط ولكنه أيضاً للسكينة والعيش في رخاء وتنمية، فالمسكن هو المكان الذي يشعر فيه الإنسان بالأمان ويتمتع فيه بالخصوصية والانتماء.. إنه بصفة عامة المكان الذي يجد فيه الأفراد أنفسهم ويحققوا احتياجاتهم البيئية والاقتصادية والأمنية، فلهذه الأسباب يعتبر المسكن من أهم مكونات الإستراتيجية الوطنية لأي دولة.

لقد أصبح الانتفاع بسكن خاص في عصرنا الراهن مصدر قلق دائم لكل شاب ولكل رب أسرة يطمح في تكوين الأسرة المستقرة، إن الممارسة القائمة حالياً تجاه توفير سكن للمواطن هي ممارسة غير مجدية وتحتاج إلى مراجعة من جميع الأطراف المعنية بهذا الشأن، فبرامج الإسكان الحكومي شبه معدومة في بلادنا أضف الى ذلك ارتفاع أعداد السكان المتزايدة والهجرة المتزايدة من الريف الى المدن الرئيسة، وتقلص الموارد الحكومية المتوفرة، وعدم وجود استراتيجيات شاملة للإسكان..

إن تكاليف بناء المسكن ارتفعت ارتفاعاً كبيراً مما شكل معه عائقاً كبيراً أمام رب الأسرة أو الشاب المقبل على تكوين أسرة، وتلعب الثقافة العقارية دوراً كذلك في تكوين فكرة خاطئة بأن المساكن يجب أن تصمم على مساحات كبيرة وأن يكون لكل اسرة منزل مستقل مزوداً بالخدمات المتكاملة وبملاحق وبحدائق ومواقف للسيارات وغيرها, لعدم وجود ثقافة الإسكان الجماعي منخفض التكلفة, مما جعل المشكلة تتفاقم، ويصعب إمكانية امتلاك المسكن الملائم ويؤصل فكرة الإيجار الدائم، والذي يمثل مصدر قلق دائم للأسرة، وعدم استقرار وعدم الشعور بالأمان، ويزيد من الضغوط المالية وبالتالي الضغوط النفسية على رب الأسرة والتي تنعكس سلباً على مستوى معيشته وعلى مستوى إداءه في مجال عمله ايضاً.

وإزاء ذلك فينبغي أن يكون هناك تطور موازي إن لم يكن أكثر من معدل النمو السكاني في الخدمات وتوفر البنية التحتية الضرورية، وإلا فالنتائج الاقتصادية والاجتماعية ستصبح حتمية، تتلخص في انخفاض مستوى المعيشة للمواطن اليمني، وظهور الآثار الاجتماعية السلبية المصاحبة لذلك، وأيضاً يتطلب الأمر زيادة في الخدمات الأساسية، وتنفيذ الكثير من المشاريع في مجالات التعليم، والرعاية الصحية، والمسكن ووسائل المواصلات، ومرافق البنية التحتية اللازمة.َّ!

كما يجب التأكيد على أهمية توفير المسكن الملائم للمحتاجين للسكن، من خلال قرارات الحكومة التي تصدر عنها عند مناقشة المشكلة من خلال التقارير السنوية للأجهزة الحكومية والتي لها علاقة مباشرة بالإسكان أو عند مناقشة الخطط المستقبلية للدولة والتي تعدها وزارة التخطيط والتعاون الدولي وبالتعاون مع جميع الوزارات والمصالح والهيئات والصناديق.. وتوجيه جزء كبير من القروض والمساعدات والمنح لتنفيذ مشاريع الإسكان الاستراتيجية التي ستعمل على حل الكثير من مشاكل لتحقيق النمو الاقتصادي بالدرجة المطلوبة..

للتغلب على التمويل والكلفة والعقبات الفنية فإننا نحتاج إلى مطورين في مجال العقارات يكونوا قادرين على التخطيط والتصميم والتطوير وتجهيز وحدات سكنية باسعار تنافسية وذلك بالرغم من إن أسعار المساكن قد ارتفعت وأجور ودخول الافراد ارتفعت ايضا وهناك عدد كبير ان لم يكن الغالبية من الموظفين الحكوميين وخاصة منتسبي المؤسسة الدفاعية والأمنية من الضباط والافراد ذوي الدخل المنخفض المستمر والثابت والذين يمثلون حصيلة غالبية المجتمع ويحتاجون الى وحدات سكنية معتدلة السعر وبنظام التقسيط طويل الأجل حيث ان الاستثمار المحلي والأجنبي في جانب الإسكان يمكن أن يجلب تصاميم وتقنيات جديدة ومواد بناء كفوءة و أقل كلفة لمجمعات سكنية مخطط لها وتشكيلة واسعة من وحدات السكن الإبداعية ذات التكلفة المنخفضة.. مع مراعاة جملة من المعايير والأسس منها الكثافة السكانية والإحتياجات السكنية والمتغيرات الاجتماعية والتطورات الاقتصادية المحتملة، وتحقيق التوازن بين العرض والطلب كماً ونوعاً إلى جانب التسلسل الهرمي للتجمعات السكنية وربط المناطق بعضها البعض وصولا إلى تقديم خدمات أفضل عبر تحسين جودة المنتج الإسكاني وتشجيع استخدامات الطاقات البديلة ونشر مفهوم العما
رة الخضراء وتشجيع استخدام التقنيات الحديثة في صناعة البناء والتشييد.

الاستثمار الأجنبي الخاص في قطاع الإسكان من المتوقع أن ينمو بقوة باستثمار عشرات المليارات من الدولارات اذا توفرت البيئة الملائمة للاستثمار وخلقت الاجواء الأمنه والمستقرة لجذب هذه الاستثمارات للمساهمة في تطوير قطاع الاسكان ليكون أكثر كفاءة، وتقديم فرصة ممتازة لقادة القطاع الخاص الإقليميين والعالميين في مجال البناء .

توفير السكن المناسب ايضا في مقدمة السبل التي تكفل تحقيق خطط التنمية المستدامة والانتعاش الاقتصادي لذا فان تشجيع الجهود لحصار ازمة الاسكان ستكون من المهام الملحة أمام الحكومة.. ويتطلب حتى تستمر الدولة بتنفيذ تعهدها إيجاد حلول مناسبة لتلك الجهات المعنية لتقوم بدورها الدستوري تجاه مواطنيها دون الإخلال بالمعايير والمقاييس العالمية مراعية كذلك البيئة والخصوصية الاجتماعية للمجتمع اليمني لبناء السكن الخاص, والحد من انتشار العشوائيات ودراسة تجربة الأخرين في اقامة المساكن منخفضة التكاليف.

كما يجب أيضاً إقامة المؤتمرات والمعارض الخاصة بالإسكان منخفض التكاليف لمناقشة التحديات والقضايا المتعلقة في قضية الإسكان منخفض التكاليف التي تجمع القطاع الحكومي والخاص بالإضافة إلى الباحثين, المعماريين, المستشارين, المقاولين, المطورين, العقاريين, المصرفيين والممولين لمناقشة الاتجاهات الحديثة لتبادل الخبرات واستعراض التجارب المحلية والإقليمية حيث ستوفر تلك المؤتمرات والمعارض فرصة ثمينة للمكاتب الهندسية والمعمارية لعرض منتجاتهم وخططهم إلى قيادات العمليات من متخذي القرارات في هذا المجال الحيوي الذي يمس حاجة آلاف المواطنين..