الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٠٣ مساءً

خطر انصار الفكره اليتيمه

عبدالله محوري
السبت ، ٢٠ اكتوبر ٢٠١٢ الساعة ١٢:٤٠ مساءً
في الحديث عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ": البخارى.. نحن جيل الثورات العربيه ينطبق علينا الحديث النبوي الشريف الذي احببت ان استهل به مقالي هذا وينطبق ايضا على كل انصار انتصار الفكره اليتيمه التي لا تقبل النقد والمناقشه ولا يجيها الباطل لا من امامها ولا من خلفها .. نحن جيل الحروب وضحايا ثورات وشعارات الفكره هى القائد وما على الشعب سوى السمع والطاعه .. جيل حيا على الفكره التي لا تقبل التزاوج والتداول اوالنقد والاعتذار..نحن جيل الدمار الذاتي ..جيل احلام لياليه وايامه كوابيس ثوريه..جيل لا يزال يحلم ان تحمل له الثوارت الحريه والديمقراطيه والامن والسلام الاجتماعي رغم الشلل الدماغي والموت السريري البطئ لاحلام المستقبل الزاهر والدوله المدنيه والمواطنه المتساويه والعدل الاجتماعي في توزيع فرص النجاح بين ابناء الوطن الواحد حسب المؤهلات العلميه والامانه في تحمل المسئوليه ..

لقد جربنا فكرة الاشتراكية وفكرة القوميه وفكرة الزعيم الملهم ولا اعتقد ان لدينا متسع من الوقت او سعة صدر لنقبل فكرة التكفيريين اصحاب الفكره الشامله الحاويه على البلسم الشافي لكل الامراض .. اعصابنا مرهقه غير صالحه لتحمل المزيد من الهذيان الايديولوجي مهما كان ظاهره مطرز بالقداسة وباطنه هدفه التحكم فينا على هواه..لقد شبعنا تجارب و شبعنا حروب من اجل انتصار الفكره اليتيمة ..نحن نحتاج في هذه المرحله الانتقالية الحساسة للافكار من جميع المشارب الايديولوجيه بشرط ان لا تتعارض مع عقيدتنا وعاداتنا وتقاليدنا .. كل الافكار التي تستطيع مساعدتنا من اجل الاصلاح السياسي وترميم النظام الاداري المهتري وتفعيل القضاء واقامة العدل والحفاظ على المال العام وسن القوانين التي تحمي المجتمع من الانتهازين واعادة الثقه بين الحاكم والمحكوم..

ان الفكره الاحاديه التي طموحها السيطره وغايتها ان تكون الامر الناهي وترفض الافكار الاخرى لاتصلح للعصر الذي صار قريه ,وما احوجنا اليوم للتعايش السلمي مع جميع شعوب الارض بغض النظر عن اللون والعرق والدين اكثر من اي وقت مضى .. نرفض الفكره التي تولد لتكون لها غايه ومصلحه تريد تحقيقها بواسطة القوه والاحتكار والاستبداد وصناعة الاصنام من الطغاه تحت مسميات مختلفه والهدف هو احتكار السلطه.. نحن جيل الثورات العربيه نريد التصالح والمراجعه مع الذات اولا .. نريد نعتذر لمن اصابهم الظلم بسبب طموحاتنا وحماساتنا وحماقاتنا القاتله.. لكل ثوره زلاتها وانكساراتها وصدقها وكذبها ومعاديها وعشاقها..ثورة 14اكتوبر ليس استثناء فهي ثوره مثل كل الثورات .. الفرق انها لاتزال مستمره تجرجر خلفها ادوات القتل ولا يزال الكثيرين من الزعامات الثوريه الفاشله والمسئوله عن تعاستنا اليوم تحاول جاهده الظهور مره اخرى على المشهد السياسي بخلافاتها القديمه الجديده ولايزال الشعب الجنوبي مستمر في دفع الضريبة الجمركيه للثوره وزعاماتها المستمره منذ 49 عام الى اجل غير مسمى .. لايزال الشعب يدفع الضريبه الثوريه من لحمه ودمه وامنه وحاضره ومستقبله..لقد سيطرة على الثوره بعض القيادات المشوهه فكريا ونفسيا الغير مؤهله للادارة والحكم ..المدججه عقولهم بسلاح الثأرات القبليه والمنافسه الدائمه على الانفراد بالسلطه بأسم الثوره..

لقد رافق ثورة 14اكتوبر بالذات اضرار نفسيه وسيكولوجيه جسام اصابة المجتمع في الجنوب بسبب الصراعات المسلحه ونتائجها الكارثيه من معارك الرفاق على السلطه وما رافقها من انقلابات عسكريه وتصفيات جسديه يندى لها الجبين بين المتبارزين بأسم الحفاظ على الثوره واستمراريتها حتى يبقى الثوار في عز السلطه الابدي ويورثونها ابنائهم جيلا بعد جيل..ان اي فكره بغض النظر عن مصدرها ماهي الا ايديولوجيه مضلله وكاذبه واداه بيد اصحابها من اجل الوصول للسلطه والسيطره على عقول الناس..

الفكره المتسلطه هي في الاساس مصيده فارغه من الاحساس الانساني حيث تتحول الناس في ظلها الى وحوش بشريه مفترسه تحلل لهم الفكره عدم احترام انسانيه من لا يتفق معهم وتعطيهم الحق في ابادة من يخالفهم الراي كما كان الحال مع فكرة قساوسة الكنيسه في العصور الوسطى والنازيه الالمانيه و الحركه الصهيونيه وجماعات التكفير الاسلامي التي بداءت الانتشار في المنطقه مدشنة عصر الارهاب الفكري على طريقة رجال الدين المسيحي اثناء حكمهم لاوروباء في العصور المظلمه..الجميع تجمعهم فكرة احتقار انسانية الانسان ومخالفة قوانيين الخالق الذي جعل لكل كائن حي بصمه وراثيه خاصه به.. بسم الله الرحمن الرحيم (أَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً * أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً )صدق الله العظيم.