السبت ، ٢٧ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٤٩ صباحاً

مؤتمر الحوار الوطني سفينة بلا ربان

يحي محمد القحطاني
الخميس ، ٢٠ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٥:٤٠ مساءً
الحوار الوطني المطلوب هو ذلك الذي يحقق بناء اللحمة الوطنية واعتماد الحرية في التعبير والممارسة،وهو تلك العملية التي يدخلها المتحاورون, بقصد إيجاد الأرضية المشتركة لفهم الآخر وبناء الجسور الرابطة بينهم والاتفاق على البقاء مختلفين ضمن تلك الأطر ودون أن يتعدى أحدهم على الآخر,والحوار يعني تبادل وجهات النظر والاستماع إلى الرأي الآخر من دون أي ادعاء باحتكار الحقيقة،على أن يكون التحاور بين المشاركين مفتوح وبدون قيود أو شروط مسبقة،باستثناء الثوابت الوطنية المتفق عليها من جميع اليمنيين مثل(النظام الجمهوري،الديمقراطية والتعددية السياسية،الوحدة اليمنية) فالحرية والديمقراطية تعني القبول بالتباين والاختلاف في وجهات النظر،ولعل القضية الأهم تبقى كيف ندير الخلاف وكيف نتربى على قبوله والإقرار بأنه حق أنساني،وعلينا جميعا ألاستماع لبعضنا البعض خلال مؤتمر الحوار الوطني،وإيجاد ظرف جديد يسمح بإعادة بناء جسور التواصل بين الجميع،وتقوية ما هو قائم ولا يزال،سعياً إلى إيجاد توافق وطني،والانطلاق نحو المستقبل بثقة وتفاؤل والبحث عن الحلول الناجعة لمشاكلنا،وأن نكون أكثر استعداد للوصول إلى الحقائق المجردة حول المواضيع المطروحة للنقاش في المؤتمر،من غير فرض قناعات مسبقة،أو السعي لتجيير النتيجة لهوى في النفس التي تتفق مع أهواء ونزوات البعض آو للمصالح الحزبية الضيقة،على طريقة(نجموا لي ونجمي ألأسد)أو(حبتي ولا الديك)و(عنزة ولو طارت)لذلك فإن الواجب على جميع اليمنيين أن يدركوا اليوم قبل الغد أنه ليس أمام الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني على الساحة اليمنية وكذلك شباب الساحات والحراك الجنوبي والحوثيين من خيار سوى خيار الحوار والانحياز له،إذا ما أرادت هذه المصفوفة السياسية والحزبية الخروج من عنق الزجاجة وتجاوز عبثية ذلك الاختلاف الذي تحول مِنْ اختلاف مع الآخر إلى خلاف مع الوطن!! نتيجة لضعف ألانتماء لهذا الوطن وقوة الولاء للحزب والجماعة والإصرار على إلغاء الأخر وشطبه،أصبح الوطن ممزقا وموزعا ضمن تكتلات وأنظمة وجماعات وأقليات صغيرة همها الأول والأخير فرض أجندتها الخاصة والسيطرة على مساحات نفوذ اكبر,والحصول على مناصب ومراكز سياسية مرموقة،وخير دليل على ذلك لم يحض الشباب إلا بعدد 40 مشاركا فقط ،من قوام أعضاء مؤتمر الحوار الوطني أل(565) ،والذي لايتناسب مع جهدهم وتضحيتهم في عملية التغيير الجارية في اليمن،هذه القوى ألإقصائية والظلامية قد جعلوا من أنفسهم فوق النظام والقانون وقاموا بعملية ألإقصاء والاستبعاد للآخرين،ويطرحون عدم مشاركتها في مؤتمر الحوار الوطني إلا بعد هيكلة الجيش والأمن ولتدوير الوظيفي(وهذا كلام حق يراد به باطل)فمفهوم التدوير الوظيفي لديهم هوا إحلال عناصرهم بدلا من المؤتمريين والمستقلين كما حدث ولا زال يحدث إلى يومنا هذا من قرارات التعيين في المحافظات والجامعات ووزارة الداخلية والتربية والتعليم والكهرباء وفي ألإعلام والتخطيط وهلم مجر وكل ذلك مخالف لنصوص المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة.

والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو: لماذا تسعى هذه القوى السياسية والحزبية إلى إغراق اليمن في أتون الفوضى والمشاريع الانقلابية، وهي تعلم أنها لن تسفر إلاّ عن المزيد من الانفلات والتوتر والدماء،في حين أن ما يحتاج إليه اليمن هو الاستقرار والأمن والأمان،وعودة الحياة إلى طبيعتها، وحل الخلافات والمشكلات القائمة عن طريق الحوار والتفاهم، فالمرحلة تتطلب من الجميع التصرف من منطلق الوطنية الصادقة باعتبار أن الوطن أكبر من ألأفراد والأحزاب وفوق كل اعتبار وإن ألأحداث المتسارعة تقتضي تكاتف الجميع وتقديم التنازلات من أجل الوطن والعمل معا من أجل حماية بلدنا من العنف والاستبداد والتخلف وقلة الكفاءة وأنانية المسئولين والتي لازلنا كشعب وأمه نرزح تحت أغلالها الثقيلة،ولن يتسنى رسم لوحة اليمن الجميل الحضاري المشرق ونحن مازلنا نتمسك بعباءة الماضي ونسلم زمام المبادرة لأيادي عابثة لطخت بالفساد وبدماء الأبرياء,وكانت حتى الأمس القريب شريكا أساسيا في منظومة الفساد والقتل، تلك الوجوه القديمة المألوفة والتي شاخت وهرمت وأكل الدهر عليها من القيادات العسكرية والمشايخ وقيادات الأحزاب ظلت تتحكم باليمن أرضا وإنسانا منذ 50 عاما،وصارت تلك الهياكل تجر حبال الوطن إلى المجهول,وغرست أكثر المفاهيم الخاطئة في النفوس والعقول ب ’’ ثقافة الكراهية’’ والاختلاف والتمزق والمؤامرة وأوجدت صداما مريرا وخانقا,بين أفكار وعادات وتقاليد قديمة بالية وبين شباب تملئه روح الحرية والإخاء والتوحد والتقدم،ولم تترك فلول الماضي لهؤلاء الشباب الفرصة التاريخية لبناء يمن الغد والتحرك بحرية ومرونة أكثر لنفض غبار الأمس عن وجه الوطن وتحقيق العدالة ألاجتماعية وممارسة الديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة وحلم التغيير, بل ساقت إلى المتاجرة بالقيم والمبادئ والمتاجرة بدماء شهداء التغيير في اليمن,مستندة على ركائز الجهل وعوامل التهميش والإقصاء،وفي هذه لحظة الفارقة من حياتنا لابد وأن تستشعر الدولة و كل القوى السياسية اليمنية،أننا أمام مؤامرة تستهدف حياتنا ووجودنا وحاضرنا ومستقبلنا،وأن الوطن اليمني يمر بمنعطف هام وتحدٍ خطير وأنه ليس بحاجة اليوم لأي نوع من أنواع المغامرات، أو التصرفات المتهورة،بل البحث عن مواطن الوحدة والاتفاق وزرع ثقافة الإخاء والتسامح ,وطرق أبواب الحوار ومد النسيج الاجتماعي الوطني من الشمال إلى الجنوب ضمن نسيج الوحدة المتكامل,ودفن الماضي ومخلفاته واجتثاث مظاهر العداء في منافي التأريخ والتطلع للغد بتفاؤل وأمل,وبناء الدولة المدنية الحديثة التي لن تتم دون إعادة تأهيل وطننا وتقويم الذات وإصلاح ذات البين وتعميق مفاهيم الوحدة,وإزالة المظالم التي حدثت على المواطنين في الجنوب والشمال وإرجاع الحقوق إلى أهلها ومحاربة الفساد ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب,والتفاوض حول مجمل القضايا التي تهم جميع فئات الشعب بما في ذلك بناء جيش وأمن على أسس وطنية وعلمية وحل مليشيات حزب ألإصلاح والحوثيين،لأن ما حدث بمحيط قصر ألاتحادية في مصر ليس عننا ببعيد،وحتى بعيش الشعب اليمني بأمن وسلام تحت مظلة الوحدة الوطنية,وإلى تأسيس قواعد الدولة المدنية الحديثة والمضي قدما إلى أفاق التطور والحداثة والبحث العلمي ودعم المسيرة التعليمية,وتحقيق الأمن والاستقرار في ربوع الوطن،لأن ألأمن كفيل بجذب الاستثمارات الأجنبية وخلق فرص العمل وتحريك العجلة التنموية ليصبح المواطن اليمني عنصرا منتجا وفعالا. والله من وراء القصد والسبيل.