الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:١٥ مساءً

دول الربيع العربي عادة إلى قواعدها سالمة

يحي محمد القحطاني
السبت ، ٠٦ يوليو ٢٠١٣ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
ارتبطت الأزمة السياسية في الوطن العربي بفساد القيم السياسية وانهيار المشروع الوطني المرتبط بها،والتي تسببت دون شك في الميل نحو التسلط والاستبداد،في مصدريه البنيوي والتاريخي معا،هذه الأزمة السياسية متعددة الجوانب،الاقتصادية،الاجتماعية،الثقافية،والتي تعاني منها الأنظمة العربية،وتشمل الفاعلين السياسيين في المجتمع(الحكام،والقوى السياسية،والأفراد)الذين هم أحد مظاهر تخلفنا،منذ البلاغ الأول لأول ثورة قامت في الوطن العربي بزعامة حسني الزعيم في سورية،وأستبعد المفكر العربي تماماً من المشاركة في صناعة القرار،بعدها تحول موقع المفكر إلى نزيل سجون وأقبية ومصحات عقلية،أو لاجئ سياسي لدى دول العالم المتحضر،يمضغ القلق والحزن والتشرد،ويقتات الوجع والانهيارات والتفتت،ويبكي أمة نخرتها الداءات،وانتشرت في جسمها الأمراض،ووصلت إلى منحدرات مخيفة وقاتلة في واقعها وحاضرها السياسي والتنموي.

وصار الجهل والتخلف والأمية عناوين فضائها الاجتماعي،ومحركات توجهاتها،التوريث السياسي،الدكتاتوريات،الطائفيات،المرأة واضطهادها،الصراعات القبلية والحدودية،التخلف العلمي،الأمية الفاضحة،تغول عائلات الحكام وأبنائهم وزوجاتهم وأصهارهم وأنسابهم على مقدرات وثروات الشعب العربي،وأصبحنا جميعاً قطيعاً من النعام رؤوسه مدفونة في الرمال ومؤخراته مكشوفة في الهواء،مرتاحين لجهلنا وتجاهلنا،وإعلامنا تزداد أسقفه انخفاضاً،وتسيطر على موضوعاته ثقافة التحريم والتملق،وبالتأكيد كل ذلك لا يقود إلى ديمقراطية وتبادل سلمي للسلطة،والمواطنة المتساوية،ولا إلى مستقبل أجيال،ولكنه العطب القاتل،وحوارات الدم والرصاص،وثقافة الشعوبية والطائفية والمذهبية،وهذا يفضي بالضرورة الحتمية إلى نهاية أمة كان اسمها(الأمة العربية).

هنا تدركنا الحلقة المفرغة،فقد أثبتت الأيام والأحداث وما جرى ويجري في دول الربيع العربي،أننا أمة معطوبة بأدوات التخلف والجهل والاتكالية،والعجز والغباء السياسي والتنموي،العالم بمجمله يسير في اتجاه،ونحن نسير في اتجاه معاكس،الديمقراطية والانفتاح السياسي تنتشر في معظم دول العالم،وتترسخ دعوات التسامح والاعتراف بالتعددية،فيما نحن في بلادنا العتيدة نكرس الاستبداد،ونمارس كل أنواع الطائفيات وأيديولوجيات الإقصاء،فأحزابنا السياسية عندما نكون في المعارضة تتنكر للشرعية الدستورية وتدعوا للشرعية الثورية،وعندما تكون في السلطة فإنها مع الشرعية الدستورية ولو انطبقت السماء على ألأرض حسب تصريح محمد البلتاجي أحد قيادة ألإخوان المسلمين في مصر،وهم ضد تنحية الدكتور محمد مرسي عن رئاسة مصر،ولا يقبلون انتخابات رئاسية مبكرة ولوا مات نصف الشعب المصري،كما صرح المرشد العام محمد بديع،والذي وصف شيخ ألأزهر بأنة عالم سلطة وبابا الكنيسة نصراني يكره ألإسلام،مع علمهم أن أكثر من 75% من المصريين أصبحوا ضد دولة ألإخوان.

وأمير قطر السابق أنفق عشرات المليارات من الدولارات من أموال الشعب القطري المغلوب على أمرة،وقتل مئات ألآلاف من الشعب العربي بدعوى تحقيق الديمقراطية وإنها التوريث السياسي،بينما شعب قطر يمارس ضده الدكتاتورية و يورث ابنة تميم البالغ من العمر 33عاما أميرا لدولة قطر،وهكذا بعد الكوارث التي ألمت بمعظم دول(الربيع العربي)رجعنا إلى حكم العسكر،والمشايخ،والمرشد العام،والملا لي،وأصبحت الديمقراطية أشبه بالسراب في الصحراء العربية،وتحولت إلى حرائق وفوضى خطيرة،لعدم احترام قيمة الإنسان العربي،وإلى غياب التعليم وغياب المؤسسات الدستورية،واستمرار الصراعات الطائفية والقبلية والعشائرية بين الأحزاب السياسية،وإلى انتشار التخلف الحضاري في المجتمع العربي،وتضيق خياراتنا السياسية والثقافية،والتي تنحصر اليوم بين تأييد ألانقلابات وحكم العسكر،أو تأييد أصوليات متعصبة،كأنه لا منازل ولا حتى منزلة أخرى زائدة بين هاتين المنزلتين. والله من وراء القصد والسبيل.