الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٤٥ مساءً

الإعلام اليمني السلطوي

احمد جعفر
الأحد ، ١٦ اكتوبر ٢٠١١ الساعة ٠١:٠١ مساءً
ما زال الأصرار المبالغ فيه من طرف الجهات الرسمية في تغيير وزوير الحقائق الموجودة في الساحات اليمنية، وأن بلادنا تنعم بنوع من الأستقرار، ولا توجد ثورة حقيقية في جل محافظات الجمهورية، وأنها في نفس الوقت محصنة من أن يمسها ما حدث في المنطقة العربية من سقوط أنظمة وهروب وتنحي رؤساء.

العالم كله منشغل بالأحداث التي قامت في تلك الدول ضد الفساد والمفسدين حتى طالت حكامها فمنهم من هرب تاركاً كرسي السطلة ومنهم من يعيش حالة من الرعب لا يعرف متى تنتهي.

كل هذه الاحداث غيرت في خارطة السياسة العربية بشكل عام وأصبح يطلق مصطلح "ربيع سقوط الأنظمة العربية"، لذلك نرى الاعلام في جل الدول العربية أصبح يتابع عن كثب أخر الاخبار والتحليلات والكل أصبح منشغل دون أستثناء ليحاول ان يفهم، يفسر، يستشرف، يحلل، يستبشر، الا أعلام بلادنا السعيد الذي رغم هول ما وقع فأنه صامت كصمت القبور، لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا قلب خفق.

فأعلامنا الرسمي في اليمن يصب كله في التضليل ونقل المهرجانات التي تحشدها السلطة وتدفع لذلك عشرات الالف للفرد ختى اصبحت خزينة الدولة فارغة، وأن ثورتنا قد قمنا بها من قبل خمسون عاماً مضت ولن تتكرر.

وأذا أفترضنا أن اليمن خاض ثورتيه منذ عقود من الزمن وأن ثورتي تونس ومصر وليبيا تعتبر متأخرة عن ثورة اليمنيين، وان الثورات العربية الناجحة لن تنجح هيا ايضاً في اليمن ولن تنقل عدواها لليمن لأن لها حصانه فولاذية، فأن من حق اليمنيين الثائرين من زمان أن لا ينحرموا من متابعة ما يجري حولهم عبر تلفزويونهم وأذاعاتهم الذين يمتلكونها فقط ويتحكمون فيها، وفي الوقت ذاته من حق اليمنيين أن يناقشو ما يجري حولهم من أحداث عبر الأعلام الرسمي بكل حيادية ، وأن يستمعو الى التحليلات بكل أختلافها.

أن حق اليمنيين من الأعلام الرسمي يلزم القائمون عليه أن يفتح نقاشاً أمام كل اليمنيين وأن ينقل كل وجهات النظر وأوضاع الفساد والفقر وكل الموضيع التي تهمه.

أن الذين يسيرون إعلام الدولة سواء أصحاب التعليمات أو القائمون على سياسته التحريرية يرتكبون أكبر جرم في حق وطن وشعب، أنهم يرتكبون جريمة عزل اليمن واليمنيين عن العالم.

فأذا كانو يظنون أن بسياستهم هاته سينجحون في أمتصاص حرارة الثورة، فهذه حماقة من حماقات التي تركتبها الدولة ممثلة "بالقيادة السياسية"، أن شئتم في هذا الزمن، الذي لا يتبقى له اي مجال للكتمان، أمام بحر المعلومات والفضائيات والأنترنت.

ومن هنا تنصب الجريمة التي يرتكبها الأعلام الرسمي الحكومي في اليمن، فالكيفية التي يتعامل معها مع أبناءة في أنتفاضة شعب حر، يجعل المواطنين لا يثقون في هذا الأطمئنان الذي يسعى المسؤلين في الدولة ومن يدور في فلكهم في تسوقيه.

الخوف من النقاش المفتوح الشفاف الصريح هو ما تكشفه أعلامنا، ولعل هذا هو الخطر الحقيقي الذي يهدد أستقرار اليمن، وفيما يلي مثال ساطع على ما أقول. لقد كان مثيراً للشفقة عندما نشاهد نشرات أخبرنا سواء في الأذاعة أو التلفزيون، فلا يوجد أي برنامج سياسي يعني بالأوضاع السياسية في اليمن وخارجها يقدم بنوع ولو بسيط من الحقيقة والحيادية.

كم هو متخلف هذا الإعلام السلطوي الذي تسيطر عليه الدولة والقائمون عليه، الذين موضوا عليهم عقود من الزمن تكريماً ووفاءاً لهم عن سياستهم التحريرية العمياء التي تصب نحو تمجيد السلطة وذكر إنجازات مشاريع هشة كثيراً منها وهمية. فيسير أعلامنا بتعليمات رجال السلطة وليس بالقواعد الصحفية المهنية.. وهذا زمن قد أكل علية الدهر وشرب.