السبت ، ٢٧ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٤٤ صباحاً

اطفال اليمن بين الحرب والسلم

منال الذريري
الأحد ، ٢٧ ابريل ٢٠١٤ الساعة ٠٩:٠١ مساءً

كيف أكون طفلاً بدون حريّة…؟
و كيف الهو و قضيتي منسيّة‍‍‍‍‍‍‍‍‍!؟
انا طفل البساتين يمني الهوية
انا من عاش مسالماً تحت اسم الحريّة
لن العب الاّ بالحجارة و من الخشب اصنع بندقيّة
فهذه طفولتي خذوها مني لكم هديّة

دوي الصواريخ يكاد يصمم آذانهم، وأزيز الطائرات يروع قلوبهم، ومشاهد القتل والدمار شريط يتجدد أمام أعينهم كل يوم، هذا ما يعيشه أطفالنا في اليمن. أما إخوانهم من الأطفال فيشاهدون مُستشهدين على شاشات التلفاز نقلاً حيًّا لفصول الحرب والدمار

وما بين من يعيش الحرب ومن يشاهدها من أطفالنا تضيع طفولتهم وتزداد معاناتهم، فماذا عملت الحروب في أطفالنا ؟ وماذا نعمل لهم ؟

يعاني الأطفال اليمنيين عن غيرهم من أطفال العالم من ازدواجية في انتهاك حقوقهم من حيث الجهات التي تقوم بانتهاك هذه الحقوق وممارستها ضد الأطفال، فمن جهة يتعرض الأطفال اليمنيين لانتهاكات حقوقهم التي ضمنتها وكفلتها الأعراف الدولية من تعرّض للعنف والبطش من قبل غارات الأمريكان ، حيث التعذيب والقتل والتشرد، ومن جهة أخرى الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال على الجانب اليمني من انتهاك حقهم في الحياة وحقهم في الحظي بمستوى معيشي ملائم، وغيرها من الانتهاكات في مناطق السلطة الوطنية اليمنية

هذه حالة الأطفال اليمنيين منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، حيث نظرت الولايات المتحدة إلى اليمن باعتباره مسرح المعركة الرئيسي في حربها مع تنظيم القاعدة

الانتهاكات الأميركية لحقوق الأطفال
تعتبر الغارة الأخيرة التي شنتها الولايات المتحدة الأميركية على أبين من الانتهاك الأكثر بروزاً بحق اليمنيين والتي راح ضحيتها الكثير من الأطفال، إضافة إلى الآثار النفسية السيئة عليهم والتي تترك آثارها السلبية بعيدة المدى وتؤثر على مجمل الحقوق الأخرى للطفل كالنماء السليم والتعليم وغيرها من الحقوق.

هذا بالإضافة إلى الانتهاكات المستمرة مع استمرار الغارات الأميركية للأراضي اليمنية، حيث الانتهاكات الأميركية بحق الأطفال اليمنيين من تحليق الطائرات (بدون طيار) وتواجدها في سماء اليمن وبث الخوف والرعب في قلوبهم وتقييد حركتهم

بلغ عدد الشهداء الى 700 شهيداً حتى هذا العام منهم %71 طفلا شهيدا ، فقد زاد عدد الأطفال القتلى لهذا العام مقارنهً بالأعوام السابقة

في احدي الغارات الجوية في أبين اُستهدفت الطفلة وفاء محمد بجاش ابنة العشر سنوات، انها مجرد طفلة ؟ ترى ما كان دورها في تنظيم القاعدة ؟ هل كانت احدى قياداته مثلاُ ام كانت مجرد عضو مقاتل فيه أو قتلوها مثلا لانها كانت من المشجعين ؟؟ هل من مسؤول يخبرني لماذا قتلت الطائرات بدون طيار الطفلة وفاء؟

و حمزة بن دحمان ذو الستة عشر ربيعاً، من أبناء مدينة الشحر بمحافظة حضرموت،التي امتاز أهلها بالسلم وتسودهم روح المحبة والوئام كعادتهم من أبناء حضرموت.الذي كان يلعب مع رفقائه في الجوار، في تلك الأثناء التي كل ما كان يفكر به هو كيف يمكنه إحراز هدف في مرمى أصدقائه، فإذا به يصبح هدفا لصواريخ الموت القادمة من السماء على متن الطائرات الأمريكية بدون طيار.والذي لم يمضي سوا أيام عدة على مفارقتهِ للحياة

اضافةً للطفلة مريم عوض وأختها شفيقة عوض اللتان لم ييتجاوزا سن الثالثة!وافراح علي ناصر،وعائدة ناصر،والعديد العديد من الأطفال الذين راحوا ضحايا الطائرات المبيحه لدماء اليمنيين

مذبحة رداع! التي لم يمر عليها حوالي ستة اشهر لا يزال الأطفال الذين عايشوها يعانون من اضطرابات نفسية، التي مازالت باقية على الأطفال اليمنيين الذين نجوا من تلك المذبحة أو شاهدوها

فالآثار السلبية لتلك المشاهد لا تنتهي بنهاية مرحلة الطفولة، بل تشكل منظارًا يرى الطفل العالم من خلاله، ولأن الأطفال لا يفهمون مبررات الحرب كما يفعل الكبار، فإنه لا سبيل أمامهم للتعبير عن تأثرهم بما يعانون ويعايشون ويرون من تلك الحرب إلا الانطواء والتوجس أو التبلد أو العدوانية

يركز علماء النفس والتربويون على الصدمة كأكثر الآثار السلبية للحروب انتشارًا بين الأطفال، فغالبًا ما يصاحب الصدمة خوف مزمن (فوبيا) من الأحداث والأشخاص والأشياء التي ترافق وجودها مع شن الغارات مثل صوت الطائرات..وانفجار الصواريخ.. إلخ؛ يقابلها الطفل بالبكاء أو العنف أو الغضب أو الاكتئاب الشديد.
أما إذا كانت الصدمة ناجمة عن مشاهدة الطفل لحالات وفاة مروعة أو جثث مشوهة لأقارب له فإنها يمكن أن تؤثر على قدراته العقلية. وتتسبب الصدمة في معاناة الأطفال من مشكلات عصبية ونفسية ممتدة مثل الحركات اللاإرادية، وقلة الشهية للطعام، والابتعاد عن الناس، والميل للتشاؤم واليأس، وسرعة ضربات القلب في بعض المواقف

وتفجر الحروب لدى الأطفال – لاسيما الصغار منهم – أزمة هوية حادة، فالطفل لا يعرف لمن ينتمي ولماذا يتعرض لهذه الآلام، أما الأطفال الأكبر – الفتيان – فيجدون أنفسهم وقد أصبحوا في موقف الجندية عليهم الدفاع عن أنفسهم وذويهم ولو عرضهم ذلك للخطر، فإذا لم يفعل الأطفال ذلك فإنهم يجدون أنفسهم في حالة من التشرد والفقر تفوق قدرتهم على الاستيعاب خصوصًا على التعبير الجيد عن المشاعر والرغبات مما يغذي مشاعر دفينة تظهر في مراحل متقدمة من أعمارهم في صور عصبية وانطواء وتخلف دراسي وغيرها من الأعراض

المعايشة أصعب من الحديث
قد يسهل الحديث عن الآثار التي تصيب الأطفال من الحروب سواء عايشوها أو شاهدوها، لكن تجارب الآباء والأمهات مع هؤلاء الأطفال هي التحدي الذي يواجه كل أسرة، فربما يكون من السهل أن نقول للآباء والأمهات: لا تدعوا أطفالكم يرون مشاهد القتل والدمار في نشرات الأخبار، لكن ماذا نقول لمن يعيشون التجربة حية ؟ ماذا تقول الأم لطفلها عندما يرتج بيتها من القصف، وينهار البيت المجاور ويموت زملاء وأصدقاء أطفالها الذين يسألون عنهم.. يبدو أن واقعنا المعيش أكثر تعقيدًا من كل نظريات التحليل والتنظير

ماذا نعمل؟
أول ما يجب أن يعملهُ الآباء والأمهات عند تعرض الطفل لظروف مروعة في أثناء شن الغارات هو أن يحيطوه بالاطمئنان ولا يتركوه دون دعم نفسي وأن يطمئنوه بأن كل شيء سيكون على ما يرام مع تشتيت فكره عن الحدث المروع
أما الأطفال الأكبر سنًّا فيمكن مناقشة ما يجري معهم وإقناعهم بأنهم في مكان آمن وأن القصف لن يطالهم مع عدم منعهم من البكاء أو السؤال عما يجري. ويمكن لرب الأسرة في مناطق التي تقصفها الغارات أن يجمع أسرته صغارًا وكبارًا من أجل قراءة القرآن والدعاء مع زرع الإحساس بداخل الطفل بأن القدرة الإلهية قادرة على كل شيء، وأن قوة الله فوق كل قوة، وكيف أنه سبحانه نجى إبراهيم من النار وموسى من الغرق ومحمدًا صلى الله عليه وسلم من كيد قريش، وكم من فئة صغيرة نصرها الله تعالى على فئة كبيرة

السؤال، من المسؤول …..؟؟هل الغارات الأمريكية أم صمت الألسنة العربية والتنازل عن الحقوق التي لا حدود لها والقيام بدور التابع مقفل العينين ؟؟