الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:١٥ صباحاً

امريكا .. والسعودية .. وجزاء سنمار

احلام القصاب
الأحد ، ٢٠ اكتوبر ٢٠١٣ الساعة ١٢:٤٠ مساءً
التحالف السعودي الغربي عموماً والامريكي على وجه الخصوص قديم بِقدم تاريخ نشأة العربية السعودية .. وعلى الرغم من طول امد هذا التحالف لم نشهد استثمار لهذا التحالف في الجانب الذي يخدم قضايا الامة الكبرى .. نحن هنا لا نعيب على العربية السعودية تحالفها بالقدر الذي يؤلمنا عدم تسخير هذه العلاقة الحميمية لخدمة قضايا الأمة .. ولا ينكر احد للسعودية الايادي البيضاء في الكثير من المواقف الانسانية والمساعدات للكثير من البلاد العربية والاسلامية ..

الا أننا في هذا المقال نتناول الجانب السياسي لهذا التحالف السياسي الذي تسخره امريكا لمصالحها وتتجاهل ما قد تتسبب فيه سياستها من خلال تحالفها مع السعودية وعدم مراعاة مصالح السعودية مما يؤدي بالإضرار بالمصالح السعودية ومكانتها في المحيط العربي والاسلامي ..
لأن السياسة الامريكية لا يعنيها ما يحدث للحليف السعودي في حال تم تجاهل أي اتفاق معه فيما يخص الاحداث الجارية في المنطقة واثارة نقمة شعوب المنطقة على النظام السعودي بل سيسهل تمرير المخططات الامريكية المرسومة للمنطقة ..

فأمريكا عندما ارادت (تحرير الكويت) اخذت من السعودية كل ما تريده في حربها لتدمير الجيش العراقي بعد ايهام السعودية أن صدام يعد العدة لغزوها .. ومن اجل التخفيف من حدة العداء لمن آزر امريكا في حربها على العراق تم اطلاق عملية السلام لحل القضية الفلسطينية وفق قرارات مجلس الامن الدولي مثلما وعد رعاة عملية السلام في حينها والتي وعلى الرغم من مرور اكثر من عشرين عام لم يتحقق السلام ..

وفي حرب امريكا الثانية لإسقاط نظام صدام من اجل تمرير مخططات امريكا في المنطقة لم تُراع مصالح الحليف السعودية فكانت السعودية الخاسر الاول من ذهاب نظام صدام وتسليم العراق لإيران واصبحت الحدود الشمالية مكشوفة تماماً امام تصدير الثورة الايرانية ..

وبعد ثورات الربيع العربي وصعود تيار الاخوان إلى السلطة في مصر وتونس والظهور العلني للإسلاميين على الساحة السياسية في ليبيا ظلت السياسة السعودية متوجسة ويغلب عليها البرود في التعامل مع من استلم السلطة في بلدان ثورات الربيع العربي بل لعبت دور الملجأ الآمن للفارين من بطش الشعوب الثائرة في تحدٍ واضح ومستفز للشعوب في تلكم البلاد بينما مواقف الحليف الامريكي المتذبذب والمرتبك كان واضحاً في بداية الثورات ثم حاول اظهار تحيزه لإرادة الشعوب في التغيير ظناً منه أن أي انتخابات ستُجرى في بلاد ثورات الربيع سيتم الالتفاف عليها بإعادة انتاج الانظمة السابقة الحليفة لها وإن بقالب آخر وقد كان هذا واضحاً في الانتخابات التي جرت في مصر ..

وعندما اندلعت الثورة في سوريا كانت السعودية مع ثورة الشعب في تناقض واضح مع موقفها من الثورة في مصر وتونس وظن الساسة في العربية السعودية أن تحالفهم التاريخي مع الامريكان سيكون الفيصل لإسقاط نظام بشار فذهبت السعودية بعيداً في مؤازرة الثورة السورية .. وقبلت أن تلعب دور المؤازر للانقلاب في مصر وفق صفقة مع الحليف الاستراتيجي .. ففي الوقت الذي امتنعت اسرائيل عن اعلان تأييدها للانقلاب صراحة واعلنت عن مراقبتها لما يحدث في مصر ورفضها التدخل في الشؤون الداخلية لمصر وكذلك الموقف الامريكي الذي ظل يناور ورفض الاعلان صراحة أن ما حدث في مصر انقلاب ذهبت السعودية بعيداً بتأييدها الواضح للانقلاب وتقديمها الدعم الاقتصادي لمصر بعد الانقلاب وفق صفقة دعم الانقلاب في مصر مقابل اسقاط نظام بشار .. إلا أن الحليف الامريكي كعادته لا يأبه إلا لمصالحه حيث تخلى عن فكرة الاطاحة بنظام بشار الاسد مقابل صفقة تسليم السلاح الكيماوي لتبقى السعودية الخاسر الوحيد من تحالفها مع امريكا في مؤازرة الانقلاب في مصر والاعتراف به علناً بينما اكتفى الحليف الامريكي بصفقة تسليم السلاح الكيماوي السوري .. وكان هذا جزاء سنمار للتحالف مع حليف لا يأبه إلا لمصالحه فدفعت به امام الشعوب الثائرة على الانظمة الظالمة والمستبدة كعدو متحالف مع حكام ثارت عليهم شعوبهم لتزداد النقمة والسخط عليه .. وهذا ما دفع بالسعودية بالتصريح بمواقفها الاخيرة في الامم المتحدة وكذا رفض قبول عضوية مجلس الامن من باب العتب السياسي على الحليف لنقضه الاتفاق ..

كان على السعودية أن تدرك أن تحالفات القرن العشرين لم تعد صالحة في القرن الحادي والعشرين في ظل تغير سياسة الحليف الامريكي في العالم وفي الشرق الاوسط على وجه الخصوص في ظل المستجدات على الارض فإيران لم تعد الدولة المنهكة من حربها مع العراق ولم يعد العراق البوابة الشرقية للعرب فقد اصبح طريق العبور لتصدير الثورة الايرانية في المنطقة في الوقت الذي لم تجنِ السعودية شيء من دعمها لإسقاط نظام صدام والانقلاب على نظام مرسي وعلاقتها بدول الجوار المتوترة العراق قطر السودان ودورها الغير واضح في اليمن ولا يعزز موقفها امام أي مخاطر مستقبلية فالحليف الامريكي لا يُركن الى مواقفه ومخططاته في المنطقة ..

لهذا اصبح من الضرورة بمكان أن تعيد السعودية حساباتها السياسية في المنطقة وفق المصلحة المشتركة مع دول وشعوب المنطقة فمصر مرسي لا تشكل خطر على السعودية حيث تتلاقى الاهداف بخصوص الوضع في سوريا وفي مواجهة المد الايراني و (فرملة) للمخططات القادمة ويمن موحد مستقر وقوي سيكون دعماً وسنداً للسعودية امام أي مخاطر قادمة من الشرق او الغرب حيث كل المؤشرات تؤكد أن المخطط للمنطقة لن يُستثنى منه احد ولا وجود فيه لأي تحالفات سابقة بل تحالفات جديدة ومثلما يقال الشاطر من يتعلم من اخطاءه ويعيد ترتيب اوراقه قبل فوات الاوان فالمتربصون والناقمون كُثر .