الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٣٩ صباحاً

هدار سياسي وداوية ثقافية

د . أشرف الكبسي
الاثنين ، ١٤ ابريل ٢٠١٤ الساعة ٠٨:٤٠ مساءً
كالناسك القادم من بعيد.. يهرول (محمود يس) بقلق وتوتر ، من اعتاد كتابة دور البطل لا تأديته ، تاركاً صومعته الروائية ، وحجمه الكبير ، ريثما (ينقذ) اليمن ، في عجالة واقعية مفاجئة ، سيعود بعدها ، ربما ، لعناق تهويمات الأدب العالمي.. حاملاً حائط الفيسبوك ، وما عليه من المعلقين ، وإبهامات المعجبين ، هاهو يضع ذاته في المركز ، يرسم دائرة حوله ، يسميها اليمن ، وبعد أن يسعى لإبقاء (جماعة) ، بعينها ، خارج محيط دائرته ، يتساءل في براءة ، لا تخلو من اجترار الهزء: هل ما يزال بوسعنا الأمل في استدراج تلك الجماعة المسلحة إلى داخل الدائرة السياسية ؟

غير بعيد.. قليلاً إلى اليسار ، يتقابل (نائف حسان) و(صلاح الدكاك) ، وجهاً لوجه ، وقلماً لقلم ، يتبادلان الهجاء الجاهلي ، بمفردات حداثية ، على خلفية سجالهما النرجسي البارع حول الفكر الماركسي وإسقاطه الفريد على الطائفية والطبقية بملامحهما المحلية الأكثر فرادة ، ولولا استخدامهما المتكلف لكلمة (يا صديقي) لحسبتهما جرير والفرزدق ، يتحدثان الروسية ، فبينما يقول الأول: ماذا تعرف عن كارل ماركس ، أيها الصديق الأبله ؟ يرد الثاني بقوله: ثكلتك أمك ، أنا هو ، يا صديقي الجاهل..!

في ذات الشارع ، يتربع (محمد عايش) على قلب الجمهور المحتشد حوله ، وهو يمارس بشجاعة ، تشريح كافة الجثث السياسية الحية من حوله ، بسكينة رواقية ، وبقلم متعقل ، لا يخلو حبره ، من تهكم المدرك لتفوقه ، من قبيل ، الذماري بصنعانيين !

في الركن المقابل ، يتجمهر البعض ، رغم آلامه ، ضاحكاً ، حول (نبيل سبيع) ، وبراعته الساحرة ، في السخرية اللاذعة ، من كل شيء حزين ، وأي شيء بائس ، منك ومن كل الهزء الذي يحيط بك.!

من الرائع أن تستمع لضجيج الأقلام ، الصادر عن احتكاك الفكر بالمعاناة ومتناقضات تسويق الذات ، وحتى عن ممارسة انتهازية الانتماء ، وتمدين ما لا يمكن تمدينه ، لكن عليك أن تستمع أيضاً إلى صوتك الداخلي ، يحذرك من الصامتين خلف الكلمات ، فالمعركة ليست على الورق ، إلا لفترات قصيرة ، هي الحد الفاصل ، ربما ، بين رأسك ورصاصات البنادق ، بعدها يصبح كل ذلك مجرد هدار وداوية..!